عاصفة من التخوين والشتائم، تقابل كل من تسول له نفسه ويحاول الاقتراب بالنقد أو تحليل بعض الحقائق حول شخصية الدكتور محمد البرادعى، فقد تعود بعض شباب النت على شن هجوم حاد على كل من يطرح رؤيته حول ترشح البرادعى لرئاسة الجمهورية، ووصل هذا الهجوم لدرجة السب والقذف والاتهام بخيانة الوطن ومصلحة الشعب.
ولا يدل ذلك إلا على معالجة الأمور بسطحية، والاهتمام بالقشور دون الالتفات لحقائق الأمور، فقد نسج المراهقون كل أحلامهم على شخصية بعيدة كل البعد عن واقعهم، بل أفرطوا فى تفاؤلهم وظنوا أن البرادعى هو المخلص من المشاكل التى يغرق فيها هؤلاء الشباب.
وبالطبع ألتمس لهؤلاء بعض العذر فى مناصرتهم للرجل، فتطلعهم للتغير، وواقعهم القاتل، وظروفهم القاسية، دفعتهم للتعلق بأى قش أملا فى تغيير واقعهم المرير، وذلك بسبب قصر رؤيتهم، وضيق أفق بعضهم، لكن لابد أن يترفعوا عن اتهامات المخالفين لهم فى الرأى بالتخوين والعمالة، فمخالفوهم لم يقفوا موقف الناقد للبرادعى إلا بسبب حرصهم على الوطن، خاصة أن منهم رجالا عرفوا بمخالفتهم للنظام المصرى ورفضهم لسياسته، لكن وقفوا موقف الناقد للبرادعى لخبرتهم بمجريات الأمور، ولعلمهم بأن البرادعى لن يكون كفأ لتحمل المسئولية فى ظل هذه الظروف.
بل يسمح لى هؤلاء الشباب أن أتوجه لهم ببعض علامات الاستفهام، لعلها تضىء لهم الطريق، وترفع عنهم غشاوة الاندفاع، وتجرد لهم الحقائق، وتزيل السذاجة التى دفعتهم لاتخاذ هذا الموقف، وتنأى بهم عن تكيل الاتهامات لمخالفيهم فى الرأى، فهل من المنطقى أن نختار شخصا بعيدا كل البعد عن واقع الوطن؟، بل هل من المنطق أن نعلق آمالنا على رجل لم يخوض غمار العمل السياسى بمصر ولو لمرة واحدة؟، بل هل يجوز لنا أن نرشح رجلا فشل فى حماية شعب العراق بالرغم من قناعاته بعدم امتلاك النظام هناك لأسلحة الدمار الشامل؟، بل كيف نعضد موقف رجل سمع وأطاع للنظام الأمريكى وسلم إخواننا لسكين الآلة الحربية الأمريكية؟ وليعلم الأشاوس المدافعون عن البرادعى أنه شريكة حياته ليست مصرية، ولا تعلم شيئا عن الواقع الاجتماعى لمصر.
أليس معى هؤلاء الشباب أن لدينا من الكوادر السياسية، المعجونة بالواقع المصرى، والملامسة للمآسى اليومية لأبناء الوطن ما يكفى، أليس بيننا من المخلصين الذين ذاقوا الأمرين من النظام، ودفعوا فاتورة مواقفهم المناهضة للسياسات الحاكمة، فالأسماء كثيرة ولا يمكن حصرها، فهناك من الشرفاء الكثير أمثال حمدين صباحى وعصام العريان وأيمن نور والمستشار الخضيرى وبعض رؤساء الأحزاب المحترمين، فهل ترشيح أمثال هؤلاء يعد خيانة للوطن؟.
كما لابد أن أشير إلى أن بعض المواقع الصحفية تركت الفرصة لكلا الفريقين المؤيدين والرافضين للبرادعى ليعبروا عن موقفهم، وعلى رأسها اليوم السابع الذى تعامل مع القضية بشكل مهنى كامل، وبالرغم من ذلك كيل لها المراهقون من معدومى الرؤية السياسية الاتهامات لها بالعمالة وموالاة الحكومة.
كما أريد أن أكد على أن د. البرادعى ليس جاداً فى خوض هذه المعركة، ومكتفٍ بإثارة الجدل حوله، فمن يريد أن يخوض معركة الانتخابات الرئاسية فعليه أن يخوض غمار التغيير بكل قوة، ويضع إستراتيجية لتغيير الواقع السياسى، ويطالب القوى السياسية المختلفة بمناصرتها لا أن يضع اشتراطات ويطالب منافسيه أن يحققوها له!.
وعلى المراهقين الحالمين بالتغيير على يد رجل لا يجيد إلا صدور البيانات التى تحمل الشروط التعجيزية، أن يفيقوا من غيهم، ويؤثروا مصلحة وطنهم، ويحسنوا اختيار من سيتحمل قيادة سفينة الوطن.
هانى صلاح الدين يكتب.. لماذا يعتبر كل من يهاجم البرادعى خائنا للوطن وعميلا للحكومة؟
الأربعاء، 09 ديسمبر 2009 11:43 م