لم تكن جولة وزير الخارجية أحمد أبو الغيط الخليجية التى ضمت الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وسلطنة عمان، مجرد جولة عادية أو زيارة تقتصر أهدافها على دعم العلاقات الثنائية بين مصر والدول الأربع، وإنما كانت رسالة أراد أبو الغيط توجيهها لأطراف إقليمية أخرى أرادت العبث بأمن دول الخليج، وتحديداً إيران، فوزير الخارجية حدد سياسة مصر تجاه دول الخليج بقوله "إن مصر هى امتداد استراتيجى لأمن الخليج وتستشعر أكبر قدر من الارتباط بأمن الخليج الذى هو جزء من الأمن القومى العربى، ومصر تسعى لبناء علاقات وثيقة وتكافل، وقوة أبناء الخليج العربى هى قوة لمصر وقوة مصر هى قوة لهذه الدول فى الخليج ومن هنا فهناك التزام مصرى بالعمل مع كل دول الخليج لكى نؤمن المصلحة العربية فى هذه المنطقة".
"الوقوف المصرى المؤكد إلى جوار المملكة العربية السعودية ضد أية تهديدات، ومصر تقف قلبا وقالبا مع السعودية وتدعمها ضد أى تمرد أو خطر تتعرض له فى منطقة صعده، ومن يتعرض للبحرين بالقول فإن مصر سوف تتعرض له بالقول لأن هذا البلد العربى الشقيق له حقوقه فى المنطقة ونحن ندافع عنه ونقف بجواره بكل ما نستطيع"، إنها جزء من مجموعة رسائل أراد وزير الخارجية التأكيد عليها أثناء جولته الخارجية التى رافقه فيها السفير حسام زكى المتحدث الرسمى باسم الخارجية الذى اعتبر أن جولة الخليج مهمة لأنها تأتى فى إطار التحرك المصرى المكثف لدعم علاقات التعاون بين مصر ودول الخليج .
إيران كانت الغائب الحاضر فى مباحثات وزير الخارجية، حتى فى اللقاءات الإعلامية ظلت العلاقات المصرية الإيرانية مثار اهتمام من قابلوا أبو الغيط من الإعلاميين العرب، خاصة بعد أن ربط البعض رفض مصر التصويت على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين ملف إيران النووى بإمكانية حدوث انفراجة فى العلاقات بين القاهرة وطهران، إلا أن أبو الغيط أوضح أن هذا التصويت لا يعنى أن هناك انفراجة، فمصر كما قال تقف دائماً موقف المبدأ وعندما تقف موقف المبدأ "فإنها تقف مع إخواننا فى إيران عندما نستشعر أن لهم حقوقاً".
عروبة مصر كانت هى الهاجس الذى سيطر على عدد من الأسئلة التى تلقاها أبو الغيط فى جولته الخارجية، إلا أنه رد على مبدأ التشكيك فى عروبة مصر بقوله "لا أحتاج إلى تعليق بأن مصر تتخلى عن عروبتها، لأن مصر الدولة الرئيسية التى قاتلت من أجل وحدة العالم العربى والأمة العربية على مدى ما يقرب من ستين عاماً، فلا يمكن أن نتخلى أو نتراجع عن الإحساس بالانتماء أى هذا الوطن وهذه الأمة"، حتى عندما حاول بعض الإعلاميين العرب طرح السؤال من زاوية أخرى بإجراء مقارنة بين استدعاء سفير مصر من الجزائر بعد أحداث مباراة السودان، فى حين لم تقم القاهرة بسحب سفيرها من إسرائيل أثناء حرب غزة، واعتبار ذلك دليلاً على تراجع الدور العربى لمصر، قال أبو الغيط "إذا ما أهين الشعب المصرى هذه الإهانة فأقل القليل أن يستدعى السفير، أما فى غزة فهذه أحداث أخرى ذات طبيعة مختلفة، وكان أمام مصر الكثير من الرؤى التى نقلتها إلى الإخوة فى حماس ولم يستمعوا لأنهم عندئذ كانوا يحاولون أن يلعبون لصالح قوة أخرى، وعندما تتدخل قوة أخرى فى الشأن العربى مصر لا تنساق وراء هذه القوة الأخرى".
وفى إطار العلاقات المصرية العربية، تحدث وزير الخارجية عن العلاقات السورية المصرية التى قال عنها إنها ليست سيئة، ولكنها ليست بهذا القدر من الدفء المطلوب، مشيراً إلى أن وفدا سوريا كبيرا كان قد زار وزارة الخارجية المصرية مؤخراً وقضى يوما كاملا داخل الوزارة لإعطائهم التجربة المصرية فى موضوع يهتمون به، وهو ما يكشف وفقاً لأبو الغيط عن "القدرة المصرية السورية على العمل حتى ولو كانت هذه العلاقات لا يمكن وصفها بأنها فى أحسن أوضاعها، معرباً عن ثقته فى أن علاقة مصر وسوريا والشعبين المصرى والسورى تفرضان أن تكون العلاقة علاقة صحية، مضيفاً "لا يجب أن ننسى مطلقا أن مصر وسوريا حاربتا سويا"، كما قال ردا على سؤال حول إمكانية اعتبار الوثيقة السياسية التى طرحها حزب الله مؤخرا كخطوة لتحسين علاقة الحزب مع الدول العربية وخاصة مصر، "تقديرى أن حزب الله عندما ينتهى أمر الخلية التى أنشأها على الأرض المصرية ويقول القضاء المصرى رأيه فيها، عندها نستطيع أن نقول رأينا نحن فى حزب الله".
رسائل جولة أبو الغيط الخليجية تؤكد أن مصر امتداد لأمن الخليج
الأربعاء، 09 ديسمبر 2009 07:16 م