إنها الأميرة فريال كبرى بنات الملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان سابقا، تلك الأميرة التى ولدت فى قصر ملكى، وعاشت فيه حتى بلغت سن 13 سنة من مولدها، وعندما قامت الثورة غادرت القصر الملكى إلى أوروبا، على إثر تنازل أبيها عن العرش، وعاشت بقية حياتها، فى قرية صغيرة قرب مدينة لوزان بسويسرا.
عاشت الأميرة هناك حياة فتاة عادية، فلقد عملت كسكرتيرة، ثم معلمة للآلة الكاتبة، وحينما سألوها عن شعورها ومدى تأثرها بابتعادها عن القصر الملكى، قالت بأن القصر الملكى، كان مقرا لملوك سابقين وسيكون مقرا لآخرين، تعنى أنه ليس ملكا لأحد.
يحلو لى أن أقارن بين مدى تقبل الأميرة فريال للواقع نسبة إلى تقبل أميرة أخرى لظروف مثيلة، والأميرة التى أعنى هى الأميرة ليلى ابنة شاه (ملك) إيران، والتى لم تتحمل ظروف المنفى، بعد أن غادر أبوها إيران فسقطت فى هوة المسكنات حتما إلى الوفاة تحت تأثير جرعة فائقة من المسكن أو (المخدر) إن شئنا القول.
وفى وقت قريب تزامن مع عرض مسلسل الملك فاروق، ظهرت الأميرة فريال على شاشة إحدى الفضائيات وهى تتحدث بدعة ومنطقية، أسرت المشاهدين، الذين يعشقون سيرة الملك فاروق بالذات.
وعن هذا العشق من قبل المصريين، بل ومن قبل البعض من العرب، كما تبين لى، فلا أرى تفسيرا له سوى الحنين إلى الماضى، وإلى الحقيقة الماثلة عن وطنية الملك وغيرته على البلاد، وتخطيطه المستمر لإجلاء الإنجليز عن مصر حتى ولو بالاستعانة بالألمان- أعدى أعداء الإنجليز وقتها- كما تبين لاحقا من الوثائق.
والخروج السلمى للملك، وعدم مقاومته لحركة الضباط- من خلال الحرس الملكى- وعدم استعانته بالإنجليز ضد حركة الضباط هذه، وكان بإمكانه أن يفعل، كما فعل سلفه الخديو توفيق (سنة 1882م)، كل ذلك عظم من شأن الملك- وقتها- فى نظر الشعب المصرى، الذى توارث عشق الملكية كابرا عن كابر.
الأميرة فريال هى الأولى ترتيبا على ثلاث بنات، فلها شقيقتان هما فوزية وفادية أما عن أمهن فهى الملكة فريدة معشوقة الشعب المصرى (وقتها)، وهى نفسها صافيناز ذو الفقار، الفنانة التى برعت فى مجال الرسم بعد ذاك، والتى أهداها الملك القصر الشهير الذى سمى فيما بعد بقصر الطاهرة (مالكه الأصلى طاهر باشا).
ولقد تألم شعب مصر كثيرا حينما طلقها الملك فاروق، وجاء هذا الطلاق على خلفية، عدم إنجابها لولد أو ولى للعرش، ومن ثم سارت الأحداث فى اتجاه زواجه من الملكة ناريمان تلك التى أنجب منها الملك أحمد فؤاد (الثانى)، والذى كان طفلا رضيعا (مواليد1952م)، وقت قيام الثورة، سبحان الله.
وعن العائلة الفؤادية- نسبة إلى الملك فؤاد- والتى تبدأ أسماء أفرادها (بحرف الفاء) فأخوات الملك فاروق هن الأميرات (فوزية، فايزة، فائقة، وفتحية) وبناته هن الأميرات (فريال، فوزية، وفادية). ولك أن تشاهد حرف F مكتوبا على أبواب القصور الملكية تيمنا به، وكتيمة حظ لهذه الأسرة وشعار لها.
الأسرة الفؤادية الفاروقية هى امتداد للأسرة العلوية، فجدهم الأعلى هو محمد على باشا بانى نهضة مصر الحديثة، ولقد تولى الحكم بإرادة شعبية، عقب أحداث الحملة الفرنسية على مصر وجلائهم عن البلاد وقتذاك.
ولهذه الأسرة ثلاث مقابر: مقبرة الوالى محمد على الكائنة بمسجده بأعلى قلعة صلاح الدين، تلك القلعة التى ينسبها البعض إلى محمد على خطأ، والسبب فى هذه التسمية، هو أن الوالى قد تخير موقع مسجده أعلى القلعة بعبقرية منقطعة النظير فهو الأثر البادى للرائى من جميع أنحاء القاهرة، وبخاصة قبل بناء الأبراج المرتفعة فى القاهرة حاليا.
وهناك المقبرة الملكية بمسجد الرفاعى، الذى بنى فى أوائل القرن العشرين، لكى يحدث اتزانا معماريا لازما حيال مسجد السلطان حسن الموازى له، ذلك المسجد الذى يخلب لب السياح الذين يتيهون حال مشاهدة ما به من فن معمارى رفيع المستوى وإلى الدرجة التى أصابت الرئيس الأمريكى الحالى أوباما، ومرافقته هيلارى كلينتون بالدهشة الشديدة، عندما زاروا ومرافقوهم ذلك المسجد.
المقبرة الملكية بالرفاعى تحوى (فيمن نذكر) رفات الملك فاروق وشاه إيران رضا بهلوى، وتحوى أيضا رفات الأميرتين فوزية وفادية أخوات الأميرة فريال اللتين سبقتاها إلى لقاء ربهما.
أما عن المقبرة الملكية الثالثة فهى المسماة (حوش الباشا) وموقعها خلف جامع الإمام الشافعى (ر) مباشرة مع مراعاة المسافة الفاصلة بين المكانين، طبعا. ولمن لم يزر هذا المكان، نقول بأن حوش الباشا هذا، هو المقبرة التى تضم رفات أبناء محمد على، ومنهم إبراهيم باشا (أبو أصبع) والتسمية الأخيرة إشارة إلى تمثاله الكائن فى ميدان الأوبرا القديم، حيث يمتطى صهوة حصان شاهرا سيفه على امتداد ذراعه، ومن هنا جاءت التسمية السالفة.
ومنهم أيضا طوسون، وعباس وزوجاتهم وأولادهم، فى أضرحة مستقلة، كان أكبرها وأكثرها زخرفة قبر إبراهيم باشا، حيث قيل لنا إن الذى أقامه فنان إيرانى، فى تشكيل زخرفى يفوق الوصف، طلى بماء الذهب.
نعود إلى الأميرة فريال، فنقول إن من أهم الأماكن العامة التى سميت باسمها مكتبة الأميرة فريال، والتى هى نفسها مقر محكمة مصر الجديدة، والكائنة بميدان المحكمة بمصر الجديدة.
لقد عاشت الأميرة فريال معيشة إنسانية فى أقصى حد ممكن، وماتت ودفنت كأميرة وعوملت بما يليق بمكانتها التاريخية، وسبحان من له الدوام.
الأميرة فريال
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة