وسط حشد كبير من المؤرخين والباحثين وأساتذة التاريخ، ناقش المجلس الأعلى للثقافة أمس، الاثنين، كتاب "الدولة العثمانية المجهولة" للباحث التركى "أحمد آق كوندور" أستاذ الفقه الإسلامى بالجامعات التركية، والكتاب صيغ بطريقة السؤال والجواب، حيث تضمن 335 سؤالاً وجواباً، وتدور فكرة الكتاب حول الإجابة على أسئلة القراء التاريخية للكاتب والإجابة عليها التى وصلت لما يزيد على الـ5000 سؤال، فقام الكاتب بتصنيفها وترتيبها وحذف المكرر منها حتى وصلت إلى 335 سؤالاً أجاب عليهم المؤلف فى كتابه.
تحدث الدكتور عوض الغبارى، قائلاً: أتفق مع المؤلف فى أن الدولة العثمانية لم تقتبس نظمها البيزنطية من الشريعة الإسلامية، وكذلك أيضا فى أن روح الإسلام وعقيدته كان وراء تأسيس الدولة العثمانية التى بدأت صغيرة وتطورت حتى استطاعت أن تحكم العالم منذ قرون، وانتقد الغبارى المصطلحات التركية الكثيرة التى امتلأ بها الكتاب ولا يعرفها القارئ العربى.
ثم افتتح الدكتور عبد المنعم الجميعي، حديثه معترضاً على تسمية الدولة العثمانية بالمجهولة، رغم أنها كانت تملأ السمع والبصر، وضرب مثلاً بالمؤرخ المصرى شفيق غربال، الذى أسس مدرسة للتاريخ العثمانى فتحت الباب للعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه فى جميع جامعات مصر.
أما الدكتور عاصم الدسوقي، فقد شن هجوماً حاداً على مؤلف الكتاب ووصفه بغير المتخصص فى التاريخ، وقال: جميع إجابات المؤلف خط دفاع مطلق عن الدولة العثمانية وعلى هذا، فإن العلم انقلب إلى سياسة وعبر عن ذلك بقوله "التاريخ لكى يصبح علماً لابد أن يستقل عن السياسة والدين وهو ما لم يحدث فى الكتاب".
وأضاف "الكاتب لا يعترف بأى نقيصة على الدولة العثمانية حتى إنه يحلل من أجل ذلك ما حرمه الإسلام، وضرب الدسوقى المثل بنظام "الديفشر" أو التجنيد الذى وضحه المؤلف بصيغة المدافع، فى حين أنه كان ينطوى على أخذ أبناء بعض الأسر عشوائياً وإدخالهم عنوة فى الإسلام بعد أن يتم تجنيدهم فى الجيش العثمانى، وعلق على ذلك قائلاً "هؤلاء الصبية ليسوا أسرى حرب والإسلام يحرم هذا".
أما الدكتور "محمد صبرى الدالي" فقال: مثل هذا الكتاب يؤسس لأسلمة التاريخ اعتمادا على الدين وليس موضوعية المؤرخ ومنهج التاريخ، مضيفاً لقد حشد المؤلف جميع دفوعه القانونية والفقهية فى سبيل تحقيق ذلك، وأن هناك بعض الأخطاء التاريخية الفجة مثل "أن محمد على جاء إلى مصر عام 1799 لحل مشكلة المماليك والمذهب الوهابى فى مصر، بينما جاء على رأس فرقة فى الجيش التركى وليس لحل مشكلة المماليك.
ودافع "كوندوز" عن نفسه قائلاً: الدول الغربية ألقت العداوة والبغضاء بين الدولة العثمانية ودولة المماليك الذين حاربوا الدولة العثمانية، ولدى وثائق تثبت ذلك، وبالنسبة للدكتور الدسوقى، فأنا لا أوافقك فى بعض المعلومات التى ذكرتها بشأن العثمانيين، لأنكم قد نقلتموها من كتب المستشرقين دون إمعان النظر فيها، فتدخل الدسوقى قائلا "لقد أوردت آيات من القرآن للتعبير عن وجهة نظرك"، وعلق قائلاً: "ده كلام فاضى".
فرد عليه "كوندوز": أنا احترمت آراءك ولى آرائي، وفى "سورة الأنفال" أوصى الإسلام بحسن معاملة الأسرى وألا نجعلهم عبيداً وجوارى، وأنا متخصص فى الفقه، وبالنسبة "للديفشر" فكانت الأسر تعطى أبناءها لخدمة الدولة العثمانية والإسلام وإن حدثت بعض الانتهاكات. وأضاف "كوندوز" بالنسبة للدكتور محمد صبرى الدالى، فقد عرضت فى مقدمة كتابى أن التاريخين العثمانى والإسلامى متداخلان ولا يمكن فصلهما عن بعض.
فى نهاية الحديث شكر "كوندوز"، المشاركين فى الندوة على ملاحظاتهم المدققة، واختتم اللقاء بعد أن خرج الدكتور عاصم الدسوقى بانفعال شديد لما وصفه بتزييف الحقائق، وقال "ده أستاذ فقه إسلامى ماله ومال التاريخ".