على الرغم من أزمة دبى

لوموند: باريس تثق فى نظم التمويل الإسلامى

الأحد، 06 ديسمبر 2009 12:57 م
لوموند: باريس تثق فى نظم التمويل الإسلامى أزمة ديون دبى لم تغير شيئا من قناعة فرنسا بنظم التمويل الإسلامى الذى تسعى لإدخاله
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل تقضى أزمة دبى على افتتان الغرب بنظام التمويل الإسلامى؟ سؤال طرحته صحيفة "لوموند"، وكانت الإجابة التى قدمتها وفقا لرأى خبراء الاقتصاد الفرنسيين هى أن أزمة ديون دبى حالة تستحق الدراسة والتأمل، إلا أنها لا تغير شىء من قناعة فرنسا بنظم التمويل الإسلامى الذى تسعى لإدخالة فى أراضيها، على الرغم من معارضة المدافعين عن العلمانية.

تستهل الصحيفة تقريرها مشيرة إلى إقبال الغرب خلال الفترة الأخيرة على تطبيق نظم التمويل الإسلامى فيها. فتقول أنه منذ أكثر من عام، بدأ العديد من الدول الأوروبية، ومنها فرنسا وألمانيا، فى العمل على إدخال الأسواق المالية "الحلال" فى أراضيها، وهى تحذو بذلك حذو بريطانيا، التى كانت أول دولة أوروبية تفتح الطريق لتلك النظم الإسلامية. وقد شرعت تلك البلدان الأوروبية فى تعديل قوانينها بما يتماشى والمنتجات المالية الإسلامية، الأمر الذى أثار غضب المدافعين عن العلمانية.

كما أنها تقوم بتمويل الأقسام الجامعية الخاصة بدراسة النظم المالية الإسلامية (ومنها ذلك القسم الذى تم افتتاحه فى 25 نوفمبر بجامعة باريس دوفين) لتوفير خبراء لهم فى هذا المجال القائم على مبادئ الشريعة الإسلامية فضلا عن أن تلك الدول الأوروبية تكثر من عقد المؤتمرات المتعلقة بنظم التمويل الإسلامى.

وهكذا، ودون أن تخفى هدفها المشترك – وهو جذب رؤوس الأموال الخليجية للخروج من الأزمة المالية التى استنزفت دول الشمال – تعدد تلك الدول الأوروبية مزايا نظم التمويل الإسلامى، الذى يهدف إلى تميول السلع أو الأصول المحددة، وليس إقراض المال للمضاربة فى الأسواق المالية.

وبالتالى فهو نظام صحى وأكثر احتراما للنظم الأخلاقية وبالأخص أكثر استقرارا من نظم التمويل الغربية.. ومن ثم فإنه يشكل نوعا من "الدروع" المضادة للفقاعة والأزمة المالية.

ولكن جاءت الآن المتاعب المالية التى تواجهها إمارة دبى لتكشف أن التمويل الإسلامى قد ينطوى هو أيضا على مصاعب. فتتسائل الصحيفة: هل يعنى ذلك أن حماس الدول الأوروبية لهذا القطاع الذى لا يمثل سوى حوالى 1٪ من التمويل العالمى كان متهورا؟ هل كان مجرد استسلام لموضة عابرة؟ هل كان مجرد وهم نسجته الدول الغربية؟

تجيب الصحيفة بأن رجال الاقتصاد وخبراء هذا النظام المالى، الجديد من نوعه بالنسبة للغرب، يقرون بأن قضية دبى تستحق التأمل، إلا أنهم يحذرون من الخلط والأحكام المتسرعة. حيث يقول أحد رجال الاقتصاد فى فرنسا: "إن الأزمة الحالية فى دبى ليست أزمة التمويل الإسلامى، إنما هى انفجار فقاعة المضاربات ناتجة عن الإفراط فى الاستدانة وإرساء بنية تحتية مبالغ فيها فى وقت يمر فيه الاقتصاد العالمى بحالة من الضعف"

ويضيف أنه "ليس هناك سبب لأن يتأثر اهتمام فرنسا بالتمويل الإسلامى من جراء هذه الأزمة.. إن فرنسا فى حاجة أكثر من أى وقت مضى لرؤوس الأموال لتمويل نموها والحفاظ على فرص العمل بها". ويؤكد على أن المبادىء السديدة التى يقوم عليها التمويل الإسلامى لاتزال قائمة لم تتغير على الرغم من أزمة دبى، وأهمها استنادها على الاقتصاد الحقيقى وتمتعها بالشفافية، وغير ذلك من المزايا.

ووفقا للصحيفة، يعتقد رجال الاقتصاد فى فرنسا أن تأثير أزمة دبى مسألة نسبية. فيشيرون إلى أن الإمارة، من الناحية المالية، ليست مقرضا محتملا للاقتصاد الأوروبى، ولكن مقترض فى الأسواق المالية. أى بعبارة أخرى "نعم" سوف يتعرض سوق الصكوك فى الإمارة إلى الاهتزاز، إذا لم تسدد دبى ديونها، حتى لو أن قدرة "ضامنها" أبوظبى على تسديد ديونها أمر لا شك فيه. ولكن "لا" لن تتأثر تلك الرؤية التى يُنظر بها إلى التمويل الإسلامى باعتباره نظاما بديلا يساعد على النمو الاقتصادى.

كما تنقل الصحيفة رأى أوليفيه باستريه، أستاذ بجامعة باريس وأحد مؤلفى كتاب "التمويل الإسلامى.. هل هو الحل للازمة؟"، حيث يؤكد على أن إمارة دبى ليست وحدها التى تعانى من الإفراط فى الاستدانة، فهناك أيضا أيسلندا واليونان، مضيفا أن على "فرنسا اللحاق ببريطانيا، فى سوق يبلغ 800 مليار دولارا من الأصول، ستصل إلى 1200 مليار دولارا خلال عشرة أعوام".

يؤيد كذلك هذا الرأى الكثير من النواب الفرنسيين الذين يبحثون عن الأموال اللازمة لتمويل مشاريع البنية التحتية فى سياق النقص الذى تعانى منه الميزانية المالية. ومنهم كريستيان سوتيه، نائب التنمية الاقتصادية والعمالة والجذب الدولى فى بلدية باريس، الذى يؤكد بكل وضوح: "إن التمويل الإسلامى يأتى بمدخرات البلدان التى تمتلك موارد كبيرة وتبحث عن أماكن للاستثمار فى حقبة ما بعد النفط، ونحن لدينا استثمارات لعرضها عليها فى إطار خطتنا باريس 2020".

ويمثل نمو التمويل الإسلامى فى باريس بالنسبة لسوتيه، الذى يمشى على خطى وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاجارد، "مسألة منافسة بين المراكز المالية".

إلا أن كل هذا التأييد لنظم التمويل الإسلامى لا يمنع من ضرورة دراسة أزمة ديون دبى لما تكشفه عن هذا النظام المالى. وهو ما يشير إليه إلياس جوينى، أستاذ التمويل الإسلامى فى جامعة باريس دوفين، عندما يقول أن هذه الأزمة تدل على أن "مبدأ تقاسم الأرباح والخسائر بين المقرض والمقترض ليس هراء".

وبالتالى، فإن المصارف التى مولت دبى تعرضت للهشاشة. إلا أن جوينى يعرب مع ذلك عن اقتناعه بأن نظام التمويل الإسلامى يسمح بتجنب الأمور التى أدت إلى الأزمة المالية عام 2008.

ويقول لوران ويل، وهو أيضا أستاذ فى التمويل الإسلامى بكلية الإدارة فى ستراسبورج، وهى أول كلية يتم افتتاحها فى هذا المجال فى فرنسا منذ عام، أن قضية ديون دبى تكشف عن أن هذا "النوع من التمويل، الأكثر احتراما للأخلاقيات، يشتمل أيضا على مخاطر، ولا ينبغى آخذه على اعتبار ما ليس هو عليه، أى علاج سحرى للأزمات المالية".

للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة