حتى من كان لا يهتم بالسياسة صار مهتما بها بعدما اكتشف أنه لا يعيش بمعزل عن كل ما يدور حوله فى بلده وفى العالم الخارجى وكيف أن كل شىء مرتبط ببعضه، إما كشىء مخطط له عمدا أو كرد فعلى حتمى يحدث لأى فعل فى أى مكان وبالتالى كأى شخص آخر كان لا يحب قراءة الصحف ولا سماع الأخبار إلى سنوات قريبة حتى لا يصاب بالتشاؤم ويفقد الإقبال على الحياة لكنه يجد نفسه جزءا من كل هذا أراد أم لم يرد.
فى مصر وفى ظل الحرية والمناخ الديمقراطى الذى يتفوق على غالبية البلاد العربية والإقليمية الأخرى بدرجة كبيرة وبخطوات واسعة حتى لو أنكر الناكرون مما شجع الناس على القراءة والاطلاع والمشاهدة، فما شاء الله لا يوجد فى مصر قناة محجوبة أو موقع محظور ولا يوجد صحيفة صفراء ممنوعة من الطبع ولا يوجد قائل لرأى أيا كان قاسيا أو كاذبا أو مزورا أو عميلا يقبع وراء القضبان.
صار فى مصر على الأقل ثلاث نوعيات سياسية نوعية تكره كل شىء و تلغى من قاموسها الإيجابيات ولو تجرأت وحدثته عن إنجاز صنعته مصر أو الحكومة يصرخ فيك ويثور عليك كأنك نطقت كفرا ويدير الاسطوانة المشروخة التى لن يخرج مفرداتها عن حادث العبارة والقطار والفقر ومياه المجارى وتلوث المياه وما إلى ذلك ولو حاولت تذكيره بإيجابيات كثيرة فى المقابل سينتهى الحديث بالصراخ والهتافات المعادية لمصر والحكومة والرئيس ولو سألته عن حل أى مشكلة سوف يصمت ويحاول إقناعك أن تغيير النظام سيكون حلا سحريا، سيجعل كل شىء يحل لكنه لا يعرف بأى طريقة ولو ذكرته أن من طبقوا تلك الأنظمة فشلوا بل وحال مصر أفضل منهم سيذهب بك إلى شرق آسيا أو جنوب أمريكا وينهى الحديث بوجه عابس غاضب يطق شرار.
والنوع الآخر سيذكر لك الإيجابيات وأن كل شىء على ما يرام وأنه لا يوجد وسائل تطوير أفضل من الموجود وأن كل شىء يجب أن يستمر بنفس الطريقة مثلما كن من عشرات السنوات، وسيفتخر أنه يطبق قوانين من أيام الهكسوس وطلعت حرب وثورة يوليو وسيقنعك أن التطوير غير مطلوب والنوع الثالث هو خليط بين النوعين مع إضافة أهم ألا وهى الحداثة والتطوير والتفكير فى الحلول المتطورة وليس حصر التفكير فى الماضى ومحاكمة الماضى والبكاء على اللبن المسكوب ومحاولة التشويه وتعكير مزاج الناس ليل نهار فلا هم يفعلون شيئا إيجابيا ولا هم قادرون على اختراع حلول ولا هم يصمتون ويتركون لأصحاب القدرة على التفكير والابتكار والعمل ليفعلوا بل يضخمون السلبيات فقط ليس اهتماما منهم بمصر بل هم يقولون طظ فى مصر، وأعتقد أن من يقول ذلك لا يمكن أن يعبر عن مصر ولا اهتمامات المصريين ولا أن يستحق أن يمثلهم أو يحكمهم بل قد يصلح لفعل ذلك فى نظام آخر خارج مصر.
عندما تطرح مشكلة هناك شىء اسمه النقد البناء وهو أسلوب علمى يلخص المشكلة ويضع أسبابها ونتائجها ويفكر فى الحلول سواء الحلول التى طبقها آخرون ونجحت أو حلول أخرى مبتكرة منطقية واقعية فى حدود الإمكانيات والواقع وهنا نقول إن أى قرار لا يجب أن يستمر تطبيقه لما لا نهاية بل يتم تقييمه وتعديله باستمرار حسب نتائجه وحسب مستجدات العصر التى لا تتوقف عن التغيير، أما التوقف عند المشكلة ولطم الخدود والصراخ والعويل فقط بهدف الإطاحة بالخصم على أمل أن تأخذ مكانه فهو مؤشر أنك أسوأ منه ألف مرة والمشاكل ستتضخم معك لتصير أكثر ألف مرة.
من هنا ومن هذا المكان أعلنها أننى بعد أن عشت سنين أكره السياسة ولا أنتمى لأى حزب من اليوم سأنتمى إلى الحزب الوطنى وبعدما لم يكن عندى بطاقة انتخابية سأحصل على واحدة وسأشعر بالفخر لذلك وأتمنى أن يتغير اسم وسلوك الحزب الوطنى ليصبح الحزب الوطنى المتطور أو الحزب الوطنى المتجدد أو الحزب الوطنى الجديد أى شىء يعبر عن التطوير والحداثة والانفتاح.