تحترق... وجدتها ثلاثا تحترق وسط الظلام... وترسل شعاعا يخترق ينير جمود الزحام ...
ويشعل فى فؤادى الحزين ضياء أمل يذوب من الحنين...
أمل جميل يرتجف... وشعاع بالغروب يعتكف ...
سمعتها الشموع تناجينى... كأنها عن الأحزان تود لو تلهينى... وأطل من لهيبها بريق يواسينى ...
- قالت بصوت خافت خفيف ...كأنه من الأعماق، من الوديان هاتف كالحفيف: مالك تنظر بأسى إلينا... وبافكارك بالليل تناجينا ...وتعيش هائما مع لهيب أمانينا ...
أو كأنها تعجبك مآسينا ...أم انك ثائر من أجل الدمع المتلأ لئ فى مآقينا ...
أم أنها ذكرى الحزن الدفينة فينا؟
قلت لهم:
نعم لأنكم فى أحزانكم مثلى تحترقون ...فى أعماركم بالأنين معذبون...
قالت الشمعة الحمراء:
حقا نحن نحترق من أجلكم وتنسون ...أنكم مثلنا ذات يوم ستذوبون ...
قلت لها:
قد ذبت من قبل ذا اليوم... حزن فى الروح يكون… الفؤاد له يرعى ويصون .
فقالت الشمعة الصفراء : أنساها أحزانك بل أسلاها... فجرح الآلام على الزمان يهون ...
قلت لها:
كيف يهون؟ والألم لا يهدأ فى قلبى كالجنون... ويشعل فى عقلى لهيبا كلهيب الظنون
كيف أنساها أحزانى بنهارى ولها مثل هذه الشجون؟
كيف أسلاها بليلى وقد سرقت منى نوم الجفون؟
كيف أنساها وقد حفرت قلبى أخدودا بنداء الشجون؟
قولى لى ياشموعى ... كيف الخير يموت؟ ... كيف الحب يهون؟
فقالت الشمعة البيضاء:
إن كان هذا فلم لا تناجى الأفراح؟ ... ولما لا تدانى الآمال؟
وتشرب السعادة نبعا صافيا فيها؟
قلت لها:
أناجى الآمال فى عالمنا وهى لا تجيب ورب الكون...
شوقى إلى الأمانى يملأ أنحائى وهى فى سكون ...
فقد طعنتنى الأحزان... وألقتنى فى غياهب شجنها كالسجون ...
ماذا تظنون؟ ماذا للآمال أكون؟... شجون... جنون...
لماذا تصمتون؟ لماذا الظلم والفناء؟ وأين الأمل والعطاء؟
فقالت الشمعة الصفراء:
عطاؤك كل هذا لن يضيع .... لن تدانيه أبدا ثلوج الصقيع ...
ومن عجب قلبك حى... رغم أنك فى الحزن صريع ...
لا تخف... سيظل الأمل فى عالمنا... فى أعمارنا كالربيع
وفجاه تحشرج صوتها... فصحت فيها: ماذا حدث؟
قالت: كفى قد دنت لحظة الرحيل.
قالتها والدم من فمها يسيل... وعلى جفونها أشلاء من عبير
صمتت... ماتت ...
فالتفت إلى الشمعة البيضاء وفى عينى تساؤل مذهول
فوجدت لهيبها يعتريه الذبول... ونجم أملى فيها يدانى الأفول ...
واللهيب يجر وراءه من الدخان ذيول ...
قلت: كيف هى وأنت ترحلين؟
وتتركونى أناجى بالأنين... عذاب الحنين ...
قالت: لابد أن نموت ونذبل.... فقد عشنا لنشعل فى قلبك أغنية، ونحركها فى روحك أمنية ...
اطمئن لن تكون نبضات إحساسك فانية ...
صرخت... حاولت أن الملم بقايا الشموع كى تحيا ثانية ...
فقالت الشمعة الحمراء الفانية ولهيبها يعتريه الأنقاض ...ويذوب فى الرماد... الرماد..
اهدأ... كيف تلملم ما بقى بعد أن مات وانتهى... فهذا هو المنون يامن أنت بحزنك مفتون
ماتت الثلاث شموع... تحكى بالأشلاء قصة حزن بين الضلوع
قد ساد الظلام الأرجاء... لن أنسى أبدا لحظة الانتهاء ...
فبكيت أدمعها... فلم تعد تبكى ...
فلملمت قطراتها على رداء الأنقاض... ولم تترك رسالة بالميعاد ...
متى اللقاء؟.. عندما أذوب مثلها فى العطاء؟
من بعدك يا شموعى... أناجى بالأمل نبض العروق...
وانتظرت الشروق... حتى أكتب قصة حزنى... قصة أملى... قصة شوق
قصة ثلاث شموع... حمرا... بيضاء... صفراء ...
عاشت وماتت كى تشعلها فى قلبى أغنية ...
وتحركها فى صدرى أمنية ...
وتكتبها بدمها فى ليلتى خاطرة أسميتها :
حوار مع ثلاث شموع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة