
وقعت مصر والكويت اليوم خمس مذكرات تفاهم وصفها وزير خارجية الكويت الشيخ الدكتور محمد الصباح بأنها تعكس عمق وطبيعة العلاقة المصرية الكويتية وذلك فى إطار الدورة الثامنة للجنة المصرية الكويتية المشتركة.
وتتمثل هذه المذكرات فى مذكرة تفاهم مشترك بشأن التعاون العلمى والفنى بين معهد التخطيط القومى المصرى والمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية فى الكويت، واتفاق للمساعدة والتعاون المتبادل فى الشئون الجمركية، وبرنامج تنفيذى لاتفاقية تعاون سياحى بين البلدين للأعوام 2010-2012، وبرنامج تنفيذى للتعاون التربوى والعلمى والثقافى والإعلامى لأعوام 2010 - 2012، وبرنامج تنفيذى بشأن التعاون الثنائى فى مجال الإسكان والتعمير للأعوام 2010– 2011
وفى الإطار نفسه قال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية، أن اللجنة تأخذ العلاقات بشكل مستديم ودورى إلى أفاق أعلى، هناك الكثير من الاتفاق والبروتوكلات والمذكرات التنفيذية للتعاون المصرى الكويتى فى كافة المجالات، مشيراً إلى أن ما تم توقيعه يكشف عن حجم العلاقة المصرية الكويتية، وهى علاقة بالتأكيد استراتيجية وشعبين ودولتين.
وقال أبو الغيط فى مؤتمر صحفى عقده الوزيران فى ختام أعمال اللجنة بالكويت أنه بحث مع المسئولين الكويتيين، وعلى رأسهم الأمير نواف الأحمد ولى العهد والشيخ محمد الناصر رئيس الوزراء والشيخ الدكتور محمد الصباح وزير الخارجية الكويتى، العديد من القضايا، على رأسها الوضع فى منطقة الخليج، والالتزام المصرى الدائم للوقوف مع دول الخليج، وأيضاً الوقوف المصرى المؤكد إلى جوار المملكة العربية السعودية ضد أية تهديدات، بالإضافة إلى الوضع الفلسطينى، ومنطقة القرن الأفريقى والصومال.
ورداً على سؤال حول نتائج الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية، قال أبو الغيط، إنها توقفت منذ عدة أسابيع رغم أن منظمة التحرير الفسطينية بالتوقيع على مشروع الاتفاق، ولكننا مازلنا ننتظر قيام الإخوة فى حماس والمنظمات الفلسطينية المتعاونة معها بالتوقيع، مشيراً إلى أن مصر سوف تعاود بذل الجهد مرة أخرى فى الفترة القليلة المقبلة، معرباً عن أمله فى أن الجميع يصل إلى خلاصة مفادها أن الوحدة الفلسطينية هى الخلاص، وأنه فى غياب الوحدة الفلسطينية فإن القضية تضيع وتتآكل تدريجياً من تحت أقدامنا، والخاسر الوحيد سيكون هو الشعب الفلسطينى.
وحول ما تردد بأن ملف المصالحة الفلسطينية سيتم نقله إلى جامعة الدول العربية، قال أبو الغيط "هذا الوصف غير دقيق، لأن الاتفاق أو مشروع الاتفاق الذى أعدته مصر يعطى دوراً للجامعة العربية فى تنفيذ هذا الاتفاق والأشراف مع مصر ودول عربية أخرى فى الكيفية التى سوف يتم تنفيذه فى قطاع غزة، ولن نصل بعد لهذه المرحلة لأن الاتفاق لم يوقع بعد من حماس وبالتالى لم يبدأ بعد التنفيذ".
وفيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، قال أبو الغيط "هذا الجندى- كما أقول دائماً- أصبح أحد أشهر العسكريين فى تاريخ البشرية، أخذاً فى الاعتبار أن هناك على الاقل 11 أو 12 ألف شقيق فليسطينينى موجود فى السجون الإسرائيلية لا يعرف أياً من هؤلاء ممن يتحدثون عن الجندى الإسرائيلى أن أولئك الفلسطينين أن لهم حقوقهم وعائلاتهم، ويجب الإفراج عنهم"، مضيفاً أنه أثار هذه النقطة أمام البرلمان الأوربى منذ عدة أيام.
وأضاف أبو الغيط "يقال إن إسرائيل قررت أن تمضى فى الاستبدال بين مئات من المسجونين والمحتجزين الفلسطينيين وهذا الجندى، لكن إسرائيل مازالت تقيم عراقيل أمام استكمال كل هؤلاء المطلوب فلسطينيا، نأمل أن الجانب الإسرائيلى قد قرر أن يحقق هذا التبادل أن يمضى فيه ولا يضع المزيد من العراقيل، وعندما أسأل عن هذه العراقيل، أقول إنهم يصممون على خروج بعض هؤلاء ممن سيتم الإفراج عنهم إلى خارج الأراضى الفلسطينية، وألا يقيموا فى الأراضى الفلسطينية، وأيضاً على عدم الإفراج عن بعض ممن شملتهم القوائم الفلسطينينة المقدمة لهم".
وأعرب أبو الغيط عن أمله فى أن تشهد الفترة القليلة القادمة تحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أنه لا ضمانة أن يتحقق هذا التبادل رغم كل ما يدور الحديث عنه إعلامياً حتى فى ظل التحرك المصرى، مضيفاً "أتصور أن لا إرادة إسرائيلية كاملة بعد، مازالت إسرائيل تناور وتسعى إلى تحقيق مكاسب من وراء هذه المبادلة".
ورداً على سؤال حول نتائج التنسيق المصرى الكويتى لتنفيذ نتائج القمة الاقتصادية العربية التى عقدت مؤخراً بالكويت، قال وزير الخارجية الكويتى "أن اللجنة المصرية الكويتية المشتركة لها طبيعة خاصة، لأن الكويت الآن رئيسة القمة الاقتصادية العربية، والرئاسة القادمة للقمة ستكون لمصر، ومن ثم فلاشك أنه يجب أن يكون هناك تنسيق وتبادل الآراء حول قرارات القمة التى عقدت فى الكويت، وكيف سيتم نقل هذه الأمانة إلى مصر عندما تتولى الرئاسة، ولذلك تضمن البيان الختامى للجنة المشتركة توجيه الشكر لعديد من الدول وفى مقدمتها مصر والسعودية، للمساهة فى مبادرة أمير الكويت برصد مبلغ 2 مليار دولار لمساعدة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى العالم العربى، وهذا بلا شك تطور مهم جداً لأن البادرة الكويتية الآن أصبحت حقيقة".
وحول ما تردد بعد أحداث الجزائر الأخيرة بأن مصر ستتخلى عن عروبتها، قال أبو الغيط بلهجة حاسمة "الأمر لا يحتاج إلى تعليق، لا أحتاج إلى تعليق بأن مصر تتخلى عن عروبتها، لأن مصر الدولة الرئيسية التى قاتلت من أجل وحدة العالم العربى والأمة العربية على مدى ما يقرب من ستين عاماً، فلا يمكن أن نتخلى أو نتراجع عن الإحساس بالانتماء أى هذا الوطن وهذه الأمة".
وحول العلاقات المصرية الجزائرية بعد أحداث المباراة الفاصلة بين منتخبى الدولتين بالسودان، قال أبو الغيط "المؤكد أن الجانب المصرى سوف يسعى لاستعادة قوية ونشطة بين شعبين وبين بلدين تجمعهما دائماً أواصر الإخوة والمودة"، مضيفاً "لقد حدث إساءة كبيرة للمصريين فى أم درمان، واستشعر المصريون الكثير من الغضب واستشعرنا أننا وكأن البعض قد دفع بنا إلى كمين مرتب وهذا ضايقنا كثيراً ولكن نعلم أن علاقات الشعوب والدول لا يجب أن تحسب فقط من خلال الغضب، تم تدمير مصالح مصرية وتم الاعتداء على مواطنين مصريين، والمصالح المصرية التى دمرت وصل الأمر إلى عشرات الملايين من الدولارات، كانت هناك استثمارات مصرية فى الجزائر ودمرت ودمر البعض منها بالكامل، وسرقت الممتلكات المصرية فى الجزائر وسرقت بالكامل، وهذه تمثل إساءة كبيرة للشعب المصرى".
وأضاف وزير الخارجية "الشركات المصرية سوف تطالب بتعويضات عن هذه الخسائر، ونسعى ونأمل أن هذا الملف عندما يتم تناوله وعندما تقدم هذه الشركات مطالبها فى التعويضات أن تقوم الحكومة الجزائرية والجانب الجزائرى للاستجابة لهذه الطلبات لأن أى حكومة هى تمثل المصالح الموجودة على الأرض ومطلوب منها أن تدافع عن هذه المصالح طبقاً للقوانين المحلية والدولية الحاكمة لمثل هذا النوع من الاستثمار"، معرباً عن أمله أن تتطور الأمور فى المستقبل، مشيراً إلى أن الإطار الزمنى لهذا الأمر غير محدد، وقال " لكننى أعتقد أن المستقبل سوف يحمل تطوراً إيجابياً".
وعما إذا كان يمثل الامتناع المصرى عن التصويت لمصلحة قرار بفرض عقوبات على إيران بسبب ظهور منشآتها النووية الجديدة فى قم بأنه يعد انفراجا فى العلاقات المصرية الإيرانية، قال أبو الغيط "أن الامتناع المصرى عن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالنسبة لمنظمة قم أو الملف النووى الإيرانى وأحالته إلى مجلس الأمن مرة أخرى، فمصر ترى أن المطلوب من إيران أن تلتزم بما يطلبه المجتمع الدولى منها، وفى نفس الوقت أن تتفاعل ايجابياً مع احتياجات المجتمع الدولى لكى تكسب ثقة هذا المجتمع".
مضيفاً "المشكلة فى حجم الشكوك بين إيران من ناحية والمجتمع الدولى من ناحية أخرى، فى هذا الصدد لا نرى خلافاً مع هذا القرار، ولكن المشكلة أن هذا القرار يعيبه عنصران، العنصر الأول هو عدم وضوع الصياغات الخاصة بالحق فى الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وهذا حق مكفول بموجب معاهدة منع الانتشار النووى، ويجل أن تتمتع إيران بهذا الحق.
أما العنصر الثانى فالخاص بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وقد غابت هذه الفقرة بالكامل عن هذا القرار، وغيابها أدى إلى أن مصر لا تستطيع أن تلنزم بحديث بشأن دولة فى هذه المنطقة وملفها النووى فى غياب الإشارة إلى المنطقة الخالية، وطالبنا من الدول التى تبنت هذا القرار، أى الدول الدائمة العضوية فى مجلس الأمن وألمانيا تضمين القرار إشارة واضحة من إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، ولغرابة الأمر رفضوا ذلك وكأنهم يقولون إننا نرغب فى ظهور قوى نووية كثيرة وعديدة فى هذه المنطقة، وهو أمر مضاد بالكامل للسياسة الخارجية المصرية، والمواقف المصرية".
وأضاف أبو الغيط "لا أتصور أن هذا التصويت يعنى أن هناك انفراجة، مصر تقف دائماً موقف المبدأ وعندما تقف موقف المبدأ نقف مع إخوانا فى إيران عندما نستشعر أن لهم حقوقاً، ولكن كثيراً ما نقول عليكم أن تكسبوا ثقة المجتمع الدولى، وعليكم ألا تدفعوا الأمور إلى اتجاه المواجهة، لأن المواجهة سوف تكون عواقبها وخيمة على كل هذا الإقليم وعليكم أيضاً، وسوف ندفع جميعاً هذا الثمن، من هنا نقول لهم دائماً فلتتوصلوا إلى تسوية مع المجتمع الدولى تكفل أن تتمتعوا بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية من ناحية، وأن تبتعدوا عن القدرات النووية العسكرية التى يمكن أن تدفع الكثير من الإخطار لهذا الإقليم".
وردا على سؤال حول ما إذا كانت زيارة أبو الغيط للكويت خاصة ودول خليجية أخرى تحمل رسالة لأطراف إقليمية أخرى، قال أبو الغيط إن مصر هى امتداد استيراتيجى لأمن الخليج وتستشعرأكبر قدر من الارتباط بأمن الخليج الذى هو جزء من الأمن القومى العربى ومصر تسعى لبناء علاقات وثيقة وتكافل وقوة أبناء الخليج العربى هى قوة لمصر وقوة مصر هى قوة لهذه الدول فى الخليج، ومن هنا فهناك التزام مصرى بالعمل مع كل دول الخليج لكى نؤمن المصلحة العربية فى هذه المنطقة.
وحول التحركات المصرية مع الجانب الأوربى لدعم التوجه الحالى لدى عدد من الدول الأوربية ومنها الرئاسة السويدية للاتحاد الأوربى بإصدار قرار بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، قال وزير الخارجية "مضى علينا عدة أيام نتحدث خلالها مع الوزراء الأوربيين ووزراء خارجية الدول الأوربية لكى نؤكد على المطالب الفلسطينية فى اتفاق على دولة فلسطينية على كامل خطوط 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهناك محاولات من قبل إسرائيل لعرقلة الجهد، وفى المقابل هناك اتصالات عالية المستوى، وربما أقول سباق بين الجانب الإسرائيلى والجانب الفلسطنيى المدعوم عربياً والمدعوم مصرياً، ولمصر اتصالات كثيفة جداً من قبل مصر وسفرائها ووزير الخارجية مع وزراء خارجية الدول الأوربية الـ27".
وأشار أبو الغيط إلى أن المسألة بالغة الحساسية، معرباً عن أمله فى أن الجانب الأوربى يدعم الورقة السويدية التى تقدمت بها الرئاسة السويدية للوصول إلى موقف أوربى عادل فى مسألة التسوية الفلسطينية والقضية الفلسطينية، وقال "هناك للأسف بعض القوى الأوربية والدول أعضاء الاتحاد الأوربى ممن يناورون لصالح إسرائيل، وهذا أراه أمرا محزنا أن يتحدث البعض عن حقوق الشعب الفلسطينى، وفى نفس الوقت لا يقف هذا الموقف الذى يمثل العدالة وحق الشعب الفلسطينى فى الحصول على أرضه".
وأضاف أبو الغيط "غدًا- الاثنين- سيجتمع الوزراء الأوربيون، وسوف يصدر الوزراء هذا الموقف الذى نأمل أن يكون موقفاً عادلاً يستجيب للمطالب المشروعة والرؤية الدولية للفلسطينين فى دولتهم على كامل ترابهم الوطنى الذى تم احتلاله فى 1967"، مشيراً إلى "أن هذه القوى التى تناور لصالح إسرائيل عليها ألا تدعم العدوان احتلال الأراضى، وعندما يقولون إن الديمقراطيات لا تحتل أراضى الغير، عليهم أن ينظروا إلى إسرائيل التى تحتل أراضى الفلسطينيين".