محمد سامى الشاهد يكتب: من الذى هزم فى الخرطوم- 3 ؟

السبت، 05 ديسمبر 2009 12:29 م
محمد سامى الشاهد يكتب: من الذى هزم فى الخرطوم- 3 ؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذن، بات واضحًا من هم الذين هزموا فى الخرطوم
بعد انقشاع غبار المعركة، وتراجع فورات الغضب الأحمق، واستعادة العقل لقدر من عافيته اتسع المجال أكثر لحكماء الأمة الذين نأوا بأنفسهم عن هذه الملهاة منذ بدايتها كى يتدخلوا لحصر تداعيات ما حدث والحد من آثاره التى يمكن أن تستمر لفترة طويلة قادمة، فالصدع الغائر أصبح بين شعبين مقدر لهم البقاء إلى الأبد، وليس بين نظامى حكم هما إلى زوال أو تغيير مهما طال بهم الزمن، وفى رأى أن هذا هو مكمن الخطورة.
ومادام العقل هو الذى يكتسب مزيدًا من الناس كل يوم بدعاوى محمودة ودعم قوى من رموز لها وزنها مثل العلامة فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوى، والشيخ الجليل عباس مدنى زعيم جبهة الإنقاذ الإسلامية فى الجزائر وأحد مؤسسيها وهو شخصية لها اعتبارها سواء فى الداخل الجزائرى أو فى الخارج، وغيرهم من الحكماء الذين أبصروا مدى خطورة الصدع وعمقه، فلا بأس من الاستفادة من هذا الزخم والعمل على تطويره ودفعه إلى المضى قدمًا.
وأرى أن الساحة أصبحت مهيئة الآن لوقفة جادة مع النفس من قبل كل المهزومين فى الخرطوم ولا استثناء هنا: رموز الإعلام الرياضى على الجانبين، مقدمى البرامج الحوارية الذين أثبتوا افتقارهم لأبسط قواعد الحرفية، وخضوعهم المذل لآليات سوق الإعلانات التى أصبحت واحدة من أقوى الاقتصادات فى العالم العربى الذى يعد أكبر سوق استهلاكى غير منتج فى العالم، ومسئولى الرياضة فى الدولتين، وعناصر إدارة الأزمات فيهما، والمرتزقة وشلل المنتفعين، وكل من وجد فى تقنية الإنترنت، والقنوات الفضائية مساحة لبث سمومه والتعبير عن انحطاطه الفكرى والثقافى. والهدف من هذه الوقفة أن ينظروا إلى ما اقترفتهم أيديهم فى حق شعوبهم حينما حولوا بجهلهم وربما عن سبق إصرار وترصد مباريات فى كرة القدم إلى قضية قومية كما لو كان الشعبين ليس لديهم من الهموم والمشاكل ما يكفيهم وزيادة.
وأرجو أن تصل هذه الدعوة للوقوف مع الذات إلى الجانب المصرى الذى يفترض أنه يتمتع بقدر أكبر من الحرفية والخبرة والعراقة، أما الإعلام الجزائرى، مع خالص الاحترام له، فهو لا يزال يمر بمرحلة التجريب وأمامه الكثير كى يتخلص من مفردات وممارسات تعود إلى حقبة السبعينيات أعتقد أنها اختفت منذ مدة من عالم الصحافة ودنيا الإعلام. فالمتصفح لما ينشر فى تلك الصحافة، يشعر كما لو كانت بين يديه نسخة من جريدة تصدر من زمن جبهة الصمود والتصدى ذلك الزمن الذى رسخ لاستخدام البذاءات والألفاظ والتاركيب السوقية فى الكتابة الصحفية.
وكى تكون الوقفة ذات مغزى يتعين على الإعلاميين المصريين أن يدركوا أنهم قد فشلوا فشلا ذريعًا منذ أن قرروا تحويل تلك المباريات إلى قضية قومية، وتبقى الخيارات مفتوحة أمام الفاشلين إما العودة إلى مقاعد الدراسة للحصول على "دورات" فى الإعلام والاتصال الجماهيرى، والتعامل مع عقلية المشاهد فى المواقف الحساسة، أو الاكتفاء بالتعليق على أحداث رياضية من عيار لقاءات دورى المظاليم فى مصر، عليهم أن يدركوا مدى البون الشاسع بين قدراتهم من ناحية وما هو متاح له من موارد من ناحية أخرى لم يحسنوا استغلالها إلا لتحقيق المزيد والمزيد من الأرباح من سوق الإعلانات.
لكن ما ليس فيه خيار ويتعين أن يفرض عليهم فرضًا لو استدعى الأمر فهو ضرورة أن يكفوا أيديهم عن الأزمة، وأن ينئوا بأنفسهم عن مجريات الأمور التى أوصولها إلى الحضيض.
نعم، كم أتمنى أن يأتى اليوم الذى أنتقل فيه من قناة فضائية إلى أخرى دون أن أصطدم بتلك الوجوه البالية التى فقدت مصداقيتها، كم أتمنى أن أسمع أن واحدا منهم على الأقل قد قرر الانصراف، كم أتمنى أن يحل محلهم شبابًا متعلمًا ومؤهلا وقادرًا على التعاطى مع المشاهدين دون مبالغة ودون حاجة إلى طبل ومزمار بلدى وتهليل وتهويل ثم بكاء وعويل.
أن الواجب والمصلحة العليا يحتمان علينا الآن أن نصطف جميعًا خلف الحكماء وحولهم كى تنجح محاولتهم لرأب صدع غير مبرر بين شعبين لديهم من المحن والمصائب ما يكفيهما.
وأخيرًا ندعو المولى عز وجل أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

وكل عام وأنتم بخير





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة