قبل 12 عاماً مضت كانت قلة من المصريين هى التى تعرف من هو الدكتور محمد البرادعى، وبعد عام 1997 زاد عدد من يعرفونه، ولكن فى إطار سياسى محدود، ثم تأتى الحوادث بعد ذلك لتخدم الرجل فيتحول إلى شخصية عالمية مرموقة ومثار فخر للمصريين ورمز للتغيير فى أذهان الحالمين بترشحه للرئاسة.. وهو الأمر الذى أصبح معه البرادعى، البالغ من العمر 67 عاماً، هدفا مشتركا للأحزاب المصرية الصغيرة والحركات السياسية المتلهفة على فرصة الظهور فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وكان فى مقدمة من هرولوا لطرح اسم البرادعى، الحزب الدستورى الحر برئاسة ممدوح قناوى، وتلاه "الغد" على لسان مؤسسه أيمن نور، بالإضافة إلى حركة 6 إبريل التى دعت البرادعى ليكون رئيسا لفترة انتقالية مدتها عامين فقط، فيما طرحت أصوات متخافتة فى الوفد اسمه كمرشح أيضا لتُختتم سلسلة الترشيح من جانب الحزب الناصرى.
ساهمت كثرة الدعوات المطالبة للبرادعى بالترشح للرئاسة فى تذبذب موقف الرجل من هذا الأمر، فقد نفى فى البداية أن تكون الرئاسة ضمن اهتماماته، ثم عاد ليؤكد أنه ربما يترشح إذا وجد ضمانات كافية، ومرة أخرى ابتعد بحديثه عن مسألة الرئاسة، وذلك فى خطاب وداعه للمنصب نهاية الشهر الماضى، حينما أكد أنه سيتفرغ للكتابة ومتابعة الأمور التى كان يهتم بها من قبل، وجاءت مبادرته الأخيرة بوضع عدد من الشروط والضمانات التى سيترشح حال توافرها مفاجئة للجميع، وإن لم تختلف فى مضمونها عن مطالب سابقة لقوى حزبية وسياسية معارضة فى مصر منضما إليها بعد الأصوات الإصلاحية.
والآن بعد حسم البرادعى لموقفه من الانتخابات فعليه أن يحترس لخطواته جيدا، فأولى السليبات التى طالت الرجل فى مسألة الرئاسة، هو التفسير القائل بأن موافقته على أى عرض من الأحزاب التى طرحت اسمه، ستهز اسمه ليأخذ نصيبه من الضعف ويُحسب على طرف ضد الآخر فى صراعات حزبية لا تنتهى، التفسير الآخر الذى يدعم هذا الطرح أن هذه الأحزاب تتسابق لاستقطاب البرادعى من أجل أن تكتسب ثقلا واحتراما، مستمدين من شهرة الرجل ومكانته واحترام الناس له.
لهذه الأسباب فإن البرادعى ليس مطالبا فقط بالتأكد من توافر شروط ترشحه، ولكنه أيضا مطالب بالتدقيق فى التيار الذى سيُحسَب عليه، وإن ترشح مستقلا فعليه أن يراعى فى اختيار من يُحسَبُون عليه، حتى لا يضيع خلال بضعة أشهر هى عمر الانتخابات جهد سنوات قضاها الرجل فى رحلة صعود لم تكن سهلة، فالبرادعى الحاصل على 12 جائزة دولية أبرزها نوبل فى أكتوبر من عام 2005، إضافة إلى 13 دكتوراه فخرية من دول مختلفة، أضاف إلى ذلك عدد من التصريحات التى أكسبته حبا واحتراما كبيرين كتصريحه قبل أشهر، معلقا على الحرب الأمريكية على العراق "العراق سُحِـق لأنه لا يمتلك أسلحة نووية"، أو قبل الحرب حين أكد أن العراق لم يخرق القانون الدولى فى حظر الأسلحة النووية وهى الحجة التى اتخذتها الولايات المتحدة لتقويض النظام العراقى السابق، أو حتى فى معارضته للخيار الغربى العسكرى ضد مشروع إيران النووى بقوله "إن الفقر، وما ينتج عنه من فقدان الأمل يمثل "أرضا خصبة" للجريمة المنظمة والحروب الأهلية والإرهاب والتطرف".
صراع الأحزاب الصغيرة على البرادعى يخصم من رصيده السياسى ويدخل به فى صراعات هامشية .. وشروطه لخوض سباق الرئاسة لم تأت بجديد
الجمعة، 04 ديسمبر 2009 08:42 م
محمد البرادعى.. أثار جدلاً لن ينتهى قريباً
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة