كم كرهت أن أكون ضمن قافلة مشيعى الدكتور مصطفى محمود من رجال وشباب بلد لا يعرفون أقدار الرجال إلا بعد وفاتهم....
لم يكن اعتراضى على حملة إشعال الشموع التى انضم إليها الغالبية برثائه والبكاء على علمه وعقليته بعد فوات الأوان، لمجرد أن أكون "الشريك المخالف" أو عملا بالمثل القائل "خالف تعرف"، ولكن كان ذلك لعدة أسباب أولها... إنه ليس لكلام مثلى أى قيمة أو معنى فى تقييم رجل فى شموخ وحجم الدكتور الراحل.
أيضا كان ذلك لشعورى الشديد بالاستغراب الذى تلاه غضب يوازى فى حجمه ذلك الاندهاش من استمرارنا فى تلك التمثيلية المملة المكررة.. من إهمال لرجال إجلاء وعلماء - كان يمكن على أياديهم أن تتغير مصائر بلادنا – فى أخريات أيامهم..
وهم يعانون فى سجن أمراض الشيخوخة... وإهمال مريديهم الذين كانوا يحيطون بهم أيام مجدهم، وليس هذا فحسب، ولكن شاء الله أن يتقدم بهم العمر فيحرمون من متع البحث والاطلاع بسبب أمراض الشيخوخة وأحيانا بسبب ضعف ذاكرة البعض، فينطبق عليهم قول الله، وقد صدق "كى لا يعلموا من بعد علم شيئا"..
لن أسأل أين كان الجميع فى خلال السنوات العشر الماضية من حياة الدكتور مصطفى محمود لن أقول أين كان الجميع عندما كان يعانى سكرات الموت فى مستشفاه الذى أنشأه لعلاج الفقراء فى بلد ليس للفقير مكانا فيه "كما قال الفنان خالد الصاوى فى مدونته".
أين كانت الدولة ومؤسساتها الرسمية من تكريم عالم جليل مثل هذا قدم الكثير لعقول الكثير من شباب جيلنا..
وقدم الكثير فى خدمة الفقراء من المرضى....!!!
فكان أقل تقدير له أن يعالج على نفقة الدولة ؟؟؟؟
أين كنا نحن؟؟؟؟؟؟!!!
لماذا انجرفت فى إبداء استيائى مما يحدث.. فانضممت إلى قوافل حملة الشموع فى جنازات العظماء....
ليس هذا ما أردت عندما بدأت فى الكتابة... بل على العكس أردت أن نترك الآن ذكرى الترحم على روح الدكتور... فلن يكون بكاؤنا عليه ذى جدوى الآن ...ألم نكتف من مسلسل البكائيات على أمواتنا؟؟؟
إذا فلنكن أكثر إيجابية... فلنتحرك قبل أن نفقد عظيما آخر..
دعونا نبحث عن عظمائنا الاحياء سواء كانوا فى بلادنا ام هربوا بعلمهم منها
فلنبحث فى سيرهم الذاتية و نقرأ كتبهم ...و لنتبع خطواتهم
ربما كان تفكيرى مشوشا بعض الشىء...ربما لا اعلم تماما ما الذى علينا – كشباب – فعله لنشعر هؤلاء العلماء انهم لم يتم لفظهم تماما من هذا البلد...
بلدنا لم تعدم العلماء و لم تعدم العقول....و لكنها عقول طائرة, هربت بعقولها و علمها من مقبرة العلماء – والتى كانت من قبل مقبرة الغزاة – و النماذج كثيرة و متعددة ربما كان اشهرهم الدكتور زويل صاحب نوبل...و العالم الجليل اسامة الباز....و الدكتور مجدى يعقوب.
لا اقول ان ننسى من رحل من علمائنا ... فمن لا ماضى له ليس له مستقبل...لكن تكريمنا لهم لن يكون بتعليق صورهم على "بروفايلات الفيس بوك" او مشاركة تسجيلاتهم القديمة، ولكن التكريم الذى يليق بعالم هو الانتفاع بعلمه والسير على خطاه.....
و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال:" العلماء ورثة الأنبياء" فكما للأنبياء سنن فللعلماء سنن ....ويا ليتنا نتبعها.
إيناس عبد الحميد تكتب.. يحدث فى بلد لا يعرف أقدار الرجال
الجمعة، 04 ديسمبر 2009 10:11 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة