ينتاب الشعب المصرى الغيور على وطنه قلق عميق على وضع مصر ومستقبلها بين الأمم، ولا شك أن قلوب المصريين اليوم معلقة بأمل النهضة.
من المعلوم أن هناك مجموعة من القيم الضرورية لتأسيس هذه النهضة أولى هذه القيم هى الجدية وهى قيمة تتفرع منها قيم أخرى مثل الإتقان والانضباط وأن يكون عمل الإنسان هو مصدر لفخره، إن جدية الأداء فى كل الأعمال من أعقدها وحتى أبسطها هى ضرورة لحدوث النهضة.
ثانياً: هذه القيم المؤسسة للنهضة هى احترام العلم وما يمليه واعتناق المنهج العلمى فى التفكير والتنفيذ وذلك بدلاً من التشوش الفكرى والسطحية والارتجال والعشوائية فى التصرف واتخاذ القرار.
ثالثاً: اعتماد معيار الكفاءة وحده بديلاً عن معايير الأقدمية والشللية والمحسوبية لتولى المسئوليات، وعندما يقوم أكفأ من فينا على مهام حياتنا ومجتمعنا سنشعر جميعاً بأننا على الطريق إلى النهضة.
رابعاً: قيمة الثواب والعقاب ومسئولية كل منا عن عمله فى نطاق من الجدية التى لا يسمح بغيرها مجتمع يطمع فى النهضة، فمن الضرورى أن يوقن كل منا أنه فى موضوع حساب جدى عن عمله لكى تنضبط حركة المجتمع وإنتاجيته.
لا شك أن كل محب لمصر هو مقتنع بضرورة الإصلاح من أجل تدعيم سبل النهضة ليس فى الحاضر فقط، ولكن إرساء لمنطلقات المستقبل أيضاً.
إن مصر الحاضر بحاجة لا جدال فيها لإصلاح إدارى شامل نحو منظومة إدارية متقدمة تعطى الفرصة لحدوث النهضة بما تشمله هذه المنظومة من جدية فى اختيار الأكفأ وفى التدريب والرقابة والتقييم وتطبيق سياسة الثواب والعقاب. هذه المنظومة مطبقة بالفعل فى كل العالم المتقدم ويجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرين.
لابد أن يهدف الإصلاح الإدارى إلى إقصاء كل تنقصه الكفاءة المطلوبة فى الأداء للقضاء على الترهل الإدارى الذى يعوق انطلاق المجتمع والاستعداد لتلقى كل من يتم إقصاؤه فى مسار بدل قد يكون بتدريب تحويلى إلى مسار آخر فى الحياة قد يناسب إمكانياته ويزيد من إنتاجيته وقد يكون بدعم الدولة للمشروعات المتناهية الصغر بمزيد من التوجيه وتسهيل الإجراءات والمساعدة بالتسوق المركزى الناجح، إن تصفية الترهل بالجهاز الإدارى سيمكن من زيادة أجور المتميزين الأكثر كفاءة.
لا شك أيضاً أن مصر تحتاج إصلاحاً قضائياً يتكامل مع الإصلاح الإدارى فى ضبط حركة المجتمع، هذا الإصلاح ضرورى لأن العدل البطىء ظلم وهذا ينشئ مناخاً معوقا للنهضة، هناك الكثير من الحلول المنطقية التى تصل بنا إلى عدل سريع باتر يقطع الطريق على كل مستهتر أو منحرف.
أطفال مصر هم حاملو لواء النهضة غداً ولترسيخ قيم النهضة فى وجدانهم الصغير يجب على الدولة الاستثمار بجدية وسخاء فى مرحلة التسع سنوات الأولى من الدراسة وهى مرحلة التعليم الأساسى، هذا التعليم لابد وأن يطور جذرياً حتى يتخرج منه شباب صغير صحيح البدن يعتنق بإيمان وفهم ما سبق الحديث عنه من قيم مؤسسة للنهضة، بالإضافة لقيم تتعلق بالنظافة والجمال واللياقة فى التصرف، عندما لا يوظف أبسط عامل نظافة إلا بشهادة التعليم الأساسى المتميز نكون قد أخذنا خطوة مهمة على طريق النهضة.
وماذا عن المشاركة الشعبية هل يمكن أن تتحقق نهضة مجتمع يهتم فيه مواطنيه كل بحاله فقط، كيف لنا أن نحرك الشعب نحو المشاركة فى هذه النهضة بدلاً من تعويقها.
تثور همة الشعب فى المشاركة عندما تسود الديمقراطية والشفافية كل ما يتناول حياة هذا الشعب وعندما يعلى شأن الكفاءة وحدها دوناً عن المحسوبية والشللية والرشوة وعندما تسود القناعة بأن للرقابة الشعبية دورها الفاعل وكلمتها المسموعة من خلال مجلس الشعب والمجالس الشعبية المحلية فى كل مدينة وقرية عندها يتحول الشعب من حجر عثرة فى طريق النهضة إلى قوة دافعة لها.
تبقى قناعتنا كشعب أن الانطلاق الحقيقى مرهون بقرار استراتيجى بالإصلاح الشامل وأخذه على محمل حرب لابد من الانتصار فيها للنجاة.
*أستاذ بطب القاهرة