انتخابات صاخبة بمكتب الإرشاد وشباب الجماعة يستشعر أزمة وإعلام يلاحق الأخبار من هنا وهناك، وتساؤلات برئية وأخرى خبيثة حول ما يحدث، وشماتة من خصوم الجماعة ودعوات من شباب الإخوان لتجاوز الأزمة وقيادات بالجماعة تؤكد ان الامور ستهدأ بعد قليل والجميع فى حيرة.
ولكن برأيى إن الأزمة كشفت عن أخطاء يجب أن تصحح، من أجل استكمال الأسس الدايمقراطية التى تكافح جماعة الإخوان من أجل إقرارها فى خارجها بمساعدة القوى الوطنية، والنظر فى لوائح الجماعة ومدى تطبيقها من عدمه وتفعيل ضوابط المراقبة والمحاسبة.
أن الأزمة نتجت على اثر نقاش لم ينضج بعد على تطبيق الدايمقراطية رأى أحد قادة الجماعة أن تطبيقها فى موعد، فيما اختلف معه قيادى أخر ورأى أن الموعد غير قانونى، وطالب بتشكيل لجنة قانونية لدراسة ما حدث، وهو ما يعنى أن الاختلاف كان على تنفيذ "انتخابات" رغم الملاحقة الأمنية الى صعبت المهمة على الجميع.
ولعل صعوبة الأزمة هذه المرة تمكن فى أن الأمر يدار من خلال وسائل الإعلام مع أن الحكمة من وجهة نظرى أن تدار أمور الجماعة الداخلية فى ظل الحصار الأمنى والسياسى عليها داخليا مع إعلان نتائجها وحقائقها بعد انتهاءها، فالظروف الاستثنائية تحتاج الى تعامل اعلامى استثنائى طارئ يحترم الشفافية ولكنه لا يدخل بالجماعة الى مرحلة التلاعب الاعلامى وإثارة معارك على الورق.
ومهما كانت تطورات المناقشات الساخنة، فإن الجماعة مؤسسة ملك لأبنائها، وملك لمصر، وقوتها من قوة مصر وأبنائها، وأعتقد أن توابع هذه الانتخابات ستدشن لمرحلة يقظة لأهمية دور الجماعة فى المجتمع، وتأكيد أهمية مفهومى الشورى والحرية.
ورغم ما حدث أقول إننا بايعنا الله أثناء دخولنا إلى جماعة الإخوان على العمل لنصرة قيم الإسلام المعتدل من خلال مؤسسة مصرية عالمية ومهما كانت المناقشات حامية، والإعلام متربص ومتحفز، ومهما كانت المشاعر تجاه خطأ بعينه من قيادى أو آخر، فإن الله أكبر والجماعة أبقى من أفرداها، والعمل للإسلام لا ينتظر عويلا وإحباطا فى ظل المناخ الحكومى الخانق فى مصر.
إننا بشر، ولسنا ملائكة، ولسنا شياطين، بشر يبغى العمل لنصرة الإسلام وتدعيم الأخلاق، بشر يخطى ويصيب، بشر يعلم ان الطريق صعب وأن الاجتهاد فرض، وأن الإصلاح فرض الفروض، وأنه ليس نهاية العالم خطا فرد أو قائد.
لقد تعرض الإخوان لأزمة طاحنة بمكتب الأرشاد أيام المستشار حسن الهضيبي، وخرج من خرج من الجماعة، وبقيت الجماعة وبقى رفضنا للخطأ الذى تم، لأننا بشر وأخطأنا واعترفنا بالخطأ لنبل أخلاقنا ولما تعلمنا فى مدرسة الإخوان، ولكن الخطأ ليس مدعاة للقعود أو أى مشاعر سلبية دائمة.
إننا ما زالنا فى الميدان ومرشد الجماعة رفض أن يظل أبد الآبدين على كرسيه وفضل أن يكون قدوة فى ترك منصبه فى حياته، ولكن الأنواء عاتية والسفينة تلاطمها امواج عاتية و بعض مساعدى الربان اختلفوا على طريقة الوصول إلى هذا الهدف، وكل يرى طريقة، ولكن يبقى الهدق طومح الجميع وهو تدوال السلطة بين بشر وليس ملائكة.
أن أطمئن مجتمعنا أن طموح شباب الإخوان وشيوخهم لازال ضد انهاء الفساد والاستبداد وحماية مقدراته وحقوقه مهما كانت الخلافات فهى تحدث فى بيوتنا، وأحزابنا، بين البشر لعدم وجود الملائكة، ونشدد على أننا جميعا لدينا مرحلة انتقالية فى مصر، ومهما كانت العقبات فإن مصر تحتاج وحدة الجماعة وترابطها فى ظل السيناريو الحكومى المرسوم لسرقتها وسرقة كرسيها وسرقة شعبها.
إن الزوبعة ستهدأ إن شاء الله، ولكن يجب تقييم الأداء بعدها بكل وضوح، وطرح حلول للأخطاء التى تمت، والتمسك بخيارات الدايمقرطية داخل الجماعة وهذه مسئولية القيادة الجديدة أمام المجتمع والشباب وقوى الوطن وإعلامه الحر.
• صحفى ومدون
