أحمدعبده يكتب:رحلة إلى رفح لا تنسى ولو بعد قرن

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009 10:32 ص
أحمدعبده يكتب:رحلة إلى رفح لا تنسى ولو بعد قرن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بما أن عشقى الأول فى حياتى هو السفر فالحمد لله تقريبا لفيت مصر من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها ولكن فى بعض المناطق أو المحافظات عندما ذهبت إليها كان لها أثر نفسى مختلف أو بمعنى أدق عدة مشاعر وأحاسيس مختلفة ، وكان أكثر هذه المناطق هى رفح المصرية، والتى تقع أقصى الشمال الشرقى على خريطة مصر وهى المدينة التى حدودها تفصلنا عن رفح الفلسطينية وغزة أى تفصلنا عن فلسطين المحتلة.

ذهبت إلى رفح مرتين فى حياتى ولا أنسى كل مرة وكل ساعة ودقيقه مرت بها.
مرة وقت الحرب الأخيرة على غرة وهى زيارة لا أنساها فى حياتى منذ الخروج من القاهرة مع الهلال الأحمر لإيصال المساعدات إلى غزة حتى الوصول إلى معبر رفح البرى ومرورا بكل الأحداث التى وقعت خلال هذه الرحلة فى ثلاثة الأيام بدون أو تغلق عينى لساعة واحدة حتى العودة مرة أخرى إلى القاهرة ولكنى لا أريد الحديث عن هذه الرحلة التى لا أنساها ولكن أريد أن أتذكر الرحلة الأولى لرفح منذ أكثر من عام كامل.

فى طريقى إلى رفح كان فى مخيلتى أن صحراء واسعة هى التى تفصل مصر عن فلسطين كمعظم حدود الكثير من الدول ولكنى رأيت من أعلى منطقه فى رفح جدارا هو الذى يفصل بين الدولتين وبعضا من الأسلاك الشائكة ولو أحد تعدى هذه الأسلاك والجدار الذى يحرسه قوات حرس الحدود المصرية بقدم واحدة لوقعت قدماه على أول نقطه فى فلسطين.

ولكن الأهم هو ما شاهدته من نقطة أعلى من هذا الجدار .
- رأيت بيوتا فلسطينية عن قرب شديد، بيوتا حولتها طلقات الرصاص والمدافع إلى "غربال" كلما نظرت إلى حائظ مبنى لرأيت ما خلفه من كثره الثقوب الواضحة، اقشعر جسدى لهذا المنظر الملعون وحزنت حزنا شديدا على جارتنا الأسيره فما بالكم كيف حال من كان فى تلك المنازل، فقل أن يموت من فيها كيف كان حاله، ما كميه الذعر والخوف التى رسمت غصبا عن أعين وشفاه طفل أو طفلة وهم فى حضن أمهم التى لا حول لها ولا قوه جالسين يبكون بالدموع فى انتظار طلقة النهاية
- رأيت جدارا فاصلا عازلا يفصل هذه الدولة عن العالم الخارجى والتى أصبحت كالقفص المغلق بأسوار من فولاذ، أمام الأسود الشامخة الصادمة فهى أسيرة هذا القفص.

- رأيت الثكنات العسكرية اليهودية فى رفح المصرية والتى دمرها الاحتلال الإسرائيلى فى مصر قبل الخروج منها وبقى منها فقط "صخره موشى ديان"
- رأيت وتحدثت من شباب وأطفال فلسطينيين عند معبر رفح والذين بدا عليهم معالم الكسرة والمذلة والمهانة داخل بلدهم وداخل بلدنا مصر عندما ينامون فى الشارع أمام المعبر للعبور من وإلى مصر.

إما اللى حلمت بيه وأنا صاحى وبتفرج على هذه المنظر المهين.. أنى بعد عدة سنوات ذهبت إلى معبر رفح ومعى زوجتى وأولادى وبكل سهوله تم المرور من المعبر كما يحدث فى حدود أى دوله ورايحين فى رحلة لغزه والقدس ونشاهد ما فعله الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين قبل أن يخرجوا منها وزرنا متاحف وجدنا فيها الآليات الإسرائيلية ونمازج لشهداء فلسطين.. رأيت ما يحدث الآن عبارة عن ماضى ولم يعد هناك إسرائيليين داخل حدود دوله فلسطين وقمنا بالصلاة فى المسجد الاقصى.... فيلم لم يتعد بضع ثوان ولكنى رأيته كأنه واقع فعلا.

ما أيقنته سريعا... أننا نعيش فى نعم الله إلى فى ناس مش بتبقى حاسة بيها أو بتشكر ربنا عليها.. يعنى كل واحد بينام فى بيته على سريره وبياكل أكل كويس وفى كلية كويسة أو بيشتغل فى مكان بيتعامل مع ناس وبصحة جيدة .. ورغم كل ده فى ناس مش بتبقى حسه إنهم فى نعمة كبيبرة أوى ... على الوجه الآخر يعيشون فى خيم أو فى الشوارع بعد أن تهدمت منازلهم من طلقات النيران.. يعيشون فى رعب متواصل ليلا ونهارا فلا يوجد الأمان. يأكلون العيش الحاف إن وجد.. الصغار لا يعرفون معنى الطفولة ولدوا على أصوات المدافع، على برد الشوارع، على الجوع والعطش، على الخوف والرعب من بكره.








مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة