محمد جوهر

المذيعون الجدد

الإثنين، 28 ديسمبر 2009 12:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حرب أعصاب يشنها علينا فلاسفة الإعلام، امتلأت الصحف بالاجتهادات وتنبؤات وتخمينات وتهديدات البرامج الحوارية فى الفضائيات، وتحول المذيعون إلى ناس مبشرين يقرأون الطالع ويهددون ويتوعدون وينتفضوا إلى الدفاع.. كلهم أصبح مارشالاً فى العسكرية وقطبانى السياسة وغاندى فى المقاومة والمفتى فى أمور الدين وإسماعيل ياسين فى خفة الدم، وأصبحت مصر ومصر بالذات مسبحة يمسك بحباتها هؤلاء المتمسحون بحرية الصحافة ذوو الدقون واللحى، معلنين الخراب والانتهاء، ومن سيأتى خلف من ومن من حقه الاستمرار، أمريكا تقف وراء إسرائيل، ومصر ليس وراءها أحد كأن الملايين من أفراد الشعب المصرى لا قوة لها ولا حول ولا تاريخ.. هم يقررون ويحتكرون التفكير والباقة كله مدان.

أبناء النائمون فى الهزيمة "الراضون بم لا يرضى به الشعوب، وعلينا أن نرضى بم هو أسوا من هذا.. نرضى أن يكون هؤلاء المذيعون من يقودنا نحو انتفاضة الفنانين وثورة نجوم FM.. ومغنى الأغانى الوطنية الحنطورية.. راضين أن يوضع مستقبلنا السياسى فى أقدام مجموعة من اللاعبين.. وحيث تجرى أقدام اللاعبين، علينا أن نضع رؤسنا.
وصوروا ارتباطنا القومى العربى فى شكل عمليات قذف بالطوب وسنج ومطاوى ترفع فى الزمالك.

إن مصر لم تهن إلى هذه الدرجة.. وإن أحدا لم يتعاظم فى العالم العربى إلى هذه الدرجة (كلمة الرئيس المرحوم السادات قبيل حرب أكتوبر بعد أن شدد الإعلام فى بيروت الهجوم على مصر).

وما إن انهزمنا فى الكورة، حتى هب دعاة الهزيمة والإعلام المهزوم دائماً بدعاوى الحصرية وحصار وكيل الإعلان وسيطرة "محمود إيه ده يا محمود؟" متجاهلين شعبنا العظيم الذى حملته الحياة الصبر والفطنة.. حتى أصبح وصار أعظم وأصدق وأحكم من كل الذين يتاجرون بمشاعره أو يعلبوا على فقرة.

وظهر المذيعون الجدد فى القنوات العربية بدون أن يراعى أن مصر هى قاعدة النضال.. إذا انتصرت انتصر العرب جميعاً، وأن مصر ما زالت فى مباراة طويلة اسمها التنمية والسلام من أجل الشعب العربى كله، ولكنهم يعملون على تغيير الصورة، فعندما تتخذ مصر قراراً بحماية حدودها المعتدى عليها يصبح هذا الفعل دعوى لهم أن لا يكون فى مصر استقرار ولا يكون فى مصر من يملك أرضاً أو بيتاً أو حرية قراراه.

أن أول ما يجب عمله تجاه هؤلاء الجدد أن يوفر لهم الأفكار والمعلومات حتى تكون المعانى واضحة ومؤكدة هذه وظيفة الإعلام القومى فى المقام الأول هو توفير المعلومات وتجميعها وإتاحتها للغير وتوضيح المعانى والأحداث كثيرة والناس يتكلمون حولها ولا سبيل إلى إيقاف هذا النهر المتدفق من روافد فنوات الاتصال الجديدة، والذى تملكه مصر لابد أن يكون شيئاً نفتخر به ونتباهى بين الأمم وبين أنفسنا.

لابد أن نعلق أكثر ونجيب بشكل يومى على من نحن ومن أجل من وفى سبيل أى غاية نعمل ونضع الإجابات أمام صانعى الإعلام. والإجابات لابد أن تكون من أجل مصر وحدها وليس من أجل شخص أو حزب أو مصلحة معنية، وعلينا كذلك أن نتعرف كيف يفكر الآخرون ولا نمنع أنفسنا عن الاتجاهات الآخرى أو الفكر الجديد. ونعلم أن الصراحة هى أقصر الطرق وأن السلام هو النصر النهائى لكل جهودنا العسكرية والسياسية والدبلوماسية.

أن السذاجة فى الإعلام جريمة عقوبتها كارثية، وقد آن الآوان لوقف الكوارث الذى يبدأ بكثير من العقاب والمصارحة والتدريب وليس بالضرورة الاتفاق فى كل رأى.. أن المذيع هو من يعطى المشاهد الحق ويكون له عينيه التى ترى وأذنية التى تسمع.. دون أن يفكرون له أو يديرون فى النهاية.

* كاتب المقال مشترك فاعل فى صناعة الإعلام التليفزيونى العام والخاص منذ حرب
1973





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة