كلما استشهد شهيد من أبناء الأمة وهو يؤدى واجبه فى التفتيش عن رخص مراكب الصيد أو فى هجوم على وكر مخدرات، أو لينقذ فتاة تستغيث فى ميكروباص وهى بين أنياب خاطفيها ومغتصبيها يصدموننا بأن المجرم القاتل الشقى مسجل خطر وهارب من أحكام، وأتساءل مغتاظاً أشد الغيظ عن هذه الصفة (مسجل خطر وهارب من أحكام)، وهل تلك الصفة منحها له زعيم قبيلة بدائية تسكن أدغال أفريقيا الوسطى بعد أن شلفط وجهه بعلامات (ويطلق عليها أهلنا فى السودان شلوخ) حتى يتجنبه الناس ويبتعدون عن طريقه، وذلك لعدم وجود أكواخ منيعة تصلح كسجون أو معتقلات لهؤلاء الشمحطية، ولكن للأسف الشديد والأسى المرير أن صفة مسجل خطر وهارب من أحكام يفخر بها كل البلطجية فى حارات وشوارع وأحياء وعزب وكفور مصر المحروسة والقانون يتركونهم طلقاء يهيمون على وجوههم ويتسلبطون (يرمون بلاهم) وبمعنى شعبى أوضح "يغلثون" على خلق الله، وبمعنى نحوى معروف يعيثون فى الأرض فساداً حتى يقتلون بريئاً يؤدى عمله أو مغيثاً لملهوفاً أو ملهوفة قبل ضياع حياته أو ماله أو عرضها، وهنا يقبضون عليه وإذا لم تتوافر أركان الجريمة، أو وجد من أقرانه شهوداً يشككون فى صحة الرواية المنسوبة إليه، فإنه يطلق سراحه ويعود إلى نشاطه الإجرامى ومتفاخراً بكونه مسجل خطر وهاربا من أحكام.
وهل هذا يجوز فى دولة القانون وخاصة قانون الطوارئ أن تترك شريحة من المجتمع تحمل لقب مسجل خطر تهدد أمن المواطنين وممتلكاتهم وأعراضهم، وكان يجب أن يعتقل كل من اتصف بهذه الصفة بمجرد وصفه بأنه مسجل خطر ولدينا معتقلات كثيرة ولله الحمد، وكانت فى حقبة من الزمن ليست ببعيدة يزج فيها من تفوه بكلمة أو كان فى نيته قلب نظام الحكم، وتلك المعتقلات يجب أن تكون لهؤلاء القتلة قبل أن يقتلوا الأبرياء الشرفاء ويرملوا زوجاتهم وييتموا أولادهم بلا ذنب سوى الواجب والشهامة وإغاثة الملهوف.
ويمكن فى تلك المعتقلات إعادة تأهيلهم والاستفادة من فتونتهم لصالح المجتمع ويعملون ويكسبون على غرار مركز مرضى الجذام فى أبى زعبل، ولن تكتب منظمات حقوق الإنسان عن ذلك لأننا نحمى الإنسان المواطن الآمن من أخيه الإنسان الهمجى المتوحش سفاك الدماء بعزل الفئة المنحرفة فى معتقلات منتجة ونافعة له ولمجتمعه حتى يثوب لرشده أو يموت فيها.
ولابد للقضاء على تلك الظواهر الخطيرة فى المجتمعات من حلول من نوع "اقطع العرق وسيح دمه"، وأن الأعضاء الفاسدة لابد من بترها، وإن آخر العلاج الكى وهذا ما فعلته الصين فى حرب الأفيون فقتلت كل ما يثبت بتحليل دمه أنه متعاطى لهذا المخدر، وانتهى الأفيون من تلك الدولة المرشحة حالياً لسيادة العالم، وكذلك قضت إحدى الدول الأفريقية الاستوائية على ظاهرة السرقة التى تفشت فيها بشكل سرطانى بالإعدام رمياً بالرصاص لكل سارق، وانتهت السرقة تماماً من تلك الدولة.
وفى مصر المحروسة فى نهايات القرن الماضى، عندما زاد سعر الدولار زيادة مطردة وكاد يقضى على الجنيه المصرى، وكان لأصحاب الصرافات دور فى ذلك فقامت الدولة باعتقال أصحاب الصرافات وأظهروا لهم العين الحمراء، ومن ساعتها كله كش ملك، وانتهت ظاهرة السوق السوداء فى تجارة العملة وإلى الأبد، وكذلك شركات توظيف الأموال، فهل الأموال أهم من الإنسان المصرى الذى يؤدى عمله المنوط إليه فيقتل من مسجل خطر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة