فاروق جويدة يكتب لـ"الشروق": الاعتداء على ضباط الشرطة بين مسئوليات الأمن.. وأخطاء الحكومة

الأحد، 27 ديسمبر 2009 01:09 ص
فاروق جويدة يكتب لـ"الشروق": الاعتداء على ضباط الشرطة بين مسئوليات الأمن.. وأخطاء الحكومة فاروق جويدة
نقلا عن الشروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثير من المسئولين يجدون فى الحل الأمنى أفضل الحلول لمواجهة الأزمات مع المواطنين

لم يكن للأمن مسئولية فى أحداث الدويقة وطوابير الخبز والمحلة الكبرى وعزبة الهجانة

لماذا تقحم الدولة الأمن فى كل شىء حتى قضايا الحوار مع القضاة والصحفيين وأساتذة الجامعات؟!


ينتابنى إحساس شديد بالحزن والانزعاج والخوف من حوادث جديدة علينا، بدأت تطل برأسها فى الشارع المصرى وهى اغتيال ضباط الشرطة.. هؤلاء الضباط هم أبناؤنا وأخواتنا ويمثلون درعاً قوياً يحرس أمن هذا الوطن ويحميه من المؤامرات والفتن.. ولا شك أن جريمة قتل رجل شرطة تختلف عن أى جرائم قتل أخرى، لأن ضابط الشرطة ليس مواطناً عادياً يسرى عليه ما يسرى على بقية الناس.. إنه يمثل هيبة الدولة ويعكس صورة الأمن واستقراره، والغريب أن الجريمة لم تحدث مرة ولكنها تكررت وفى أسابيع قليلة أكثر من مرة.
الخطير فى هذه الظاهرة الجديدة هو الجرأة الشديدة التى يتعامل بها القتلة مع ضباط الشرطة بحيث يتم تبادل النيران الحية وفى بعض الأحيان كان القتلة هم الذين يبدءون بإطلاق هذه النيران.
هذه المرة ضد رجال الأمن تمثل إنذاراً لا ينبغى أبداً أن يمضى أمامنا دون أن نتوقف عنده.. فى تقديرى أن ما حدث يعكس صورة من صور التمرد والرفض حتى وإن أخذ صورة هذا العنف.. إن مثل هذه الجرائم تمثل تهديداً حقيقياً لهيبة الدولة ممثلة فى أجهزة الأمن خاصة أن ذلك يحدث من أشخاص خارجين على القانون ويمارسون العنف والبلطجة.
كان ذلك يحدث من سنوات مضت من خلال تنظيمات إرهابية عانت مصر منها فترة طويلة واستطاع الأمن المصرى أن يحسم هذه المواجهات بقوة وأن يصل بالمجتمع كله إلى بر الأمان وإن كلفه ذلك أعباء كثيرة.. ولكن ما يحدث الآن يختلف تماماً عن المواجهة مع الإرهاب، نحن أمام أشخاص خرجوا على القانون وحملوا السلاح وقتلوا رجال الأمن.. وإذا كان للإرهاب خلايا وأفكار وعقيدة فإن الخارجين على القانون لا تحركهم مثل هذه الدوافع العقائدية ولهذا فهى تعتبر قضايا أمنية أكثر منها قضايا مواقف وأفكار، ومن هنا فهى تفرض تساؤلات كثيرة عن أسبابها.

قد يرى البعض أن السبب فى ذلك هو الضغوط التى تفرضها أجهزة الأمن على المواطنين وتبالغ فيها أحياناً، ولكن هذا السبب لا يعكس الحقيقة فهناك ضباط استشهدوا دفاعاً عن ضحايا فى محاولات اغتصاب أو منعاً لتجاوزات تهدد الأمن.. أو فى مطاردة مع تجار المخدرات أو لصوص يمارسون أعمال النهب والسرقة.. أى أن هذه المواجهات كانت عملاً دفاعياً خالصاً يؤدى فيه رجال الشركة مسئولياتهم بكل الإخلاص والأمانة ضد الخارجين على الأمن.

يرى البعض الآخر أن عمليات القتل كانت قصاصاً عن مواقف وأزمات بين بعض الأشخاص الخارجين على القانون ورجال الشرطة وأن الهدف كان يتجسد فى حالات فردية اتسمت بخصومات شخصية ومازلت أرى أن هذا السبب لا يبرر أبداً هذا العدد من الجرائم الذى حدث ضد ضباط الشرطة فى الفترة الأخيرة..

سوف أحاول أن أنتقل بالظاهرة إلى منطقة أبعد من الأمن والقصاص بين الشرطة والخارجين على القانون.

لقد نبهت أكثر من مرة بأن إلقاء الأزمات والمشاكل على جهاز الشرطة يضع هذا الجهاز فى مواجهة دائمة مع المواطنين كل المواطنين حول قضايا ليس للأمن فيها ناقة ولا جمل.. إن جهاز الشرطة يتحمل خطايا وأخطاء أجهزة إدارية أخرى ولا تجد الدولة أمامها غير أن تصدر التعليمات للجهات الأمنية لكى تتعامل مع الأزمة.. وبقدر ما تهرب المسئولون من تحمل مسئولياتهم أمام المواطنين بقدر ما كان العبء كبيراً على أجهزة الأمن حتى وصل الأمر الآن إلى هذه الدرجة من درجات التحدى بين الشرطة والخارجين على القانون وقد سبق ذلك مؤشرات خطيرة كان ينبغى أن نتوقف عندها:
حين ثارت طوابير العيش فى المحافظات منذ شهور وخرج المواطنون إلى المخابز وتظاهروا أمامها وخرجوا فى الشوارع يطالبون الحكومة بأبسط حقوقهم وهو رغيف الخبز لم تكن هذه المظاهرات مواجهة بين الأمن والمواطنين ولكن المواجهة الحقيقية بين حكومة لا تدرك مسئولياتها وشعب جائع.. لا توجد علاقة من قريب أو بعيد بين الأمن ومظاهرات الخبز غير أن الحكومة طلبت من الأمن أن يتصدى لها وكان الأولى بالحكومة أن توفر الخبز للناس فلا تحدث المظاهرات ولا يتدخل الأمن.. إن الأمر هنا لا يتعلق بخدمات عادية عجزت الحكومة عن تقديمها للمواطنين، ولكنه رغيف الخبز الذى يمثل ضرورة لا غنى عنها ويستحيل معها الحل الأمنى مهما كانت سطوته، إن الحل الوحيد هو توفير الخبز وليس منع المواطنين من التظاهر بالقوة.

حين سقطت أحجار المقطم على سكان الدويقة وعجزت أجهزة الإنقاذ أن تخرج القتلى من تحت الأنقاض أسبوعاً كاملاً قام المواطنون وتظاهروا يطالبون الحكومة بإخراج جثث موتاهم.. وهنا أيضاً طلبت الحكومة من الأمن أن يتدخل ويحاصر المتظاهرين ويقبض عليهم.. ولم تكن هذه أيضاً مسئولية رجال الأمن، فلا هم تركوا سكان الدويقة يواجهون الموت تحت الأنقاض ولا هم حرموهم من الانتقال إلى مساكن آمنة.. ولم تكن لهم علاقة من قريب أو بعيد بأسباب هذه المظاهرات.. ولكن الذى حدث فى النهاية أن الأمن تحمل مسئولية المواجهة رغم أنه لم يكن سبباً فيها.

وعندما قررت الحكومة هدم عشرات العمارات فى قرية الهجانة بمدينة نصر وقف مجلس الشعب ورفض قرار الحكومة وطالب بدراسة القضية.. ولكن الحكومة مضت فى إجراءات الهدم من خلال أجهزة المحافظة ولم تراع أى بعد سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى وهى تهدم بيوت المواطنين الذين دفعوا فيها كل ما يملكون.. وتكررت الصورة وقام المواطنون فى مظاهرات لمنع بلدوزرات الحكومة من هدم منازلهم التى دفعوا فيها تحويشة العمر.. وبنفس الطريقة طلبت الحكومة من رجال الشرطة مواجهة المتظاهرين من ملاك الشقق وحدثت المواجهة واعتدى المواطنون على رجال الشرطة وسقط قتيل من السكان بينما بلغ عدد الجرحى من رجال الشرطة أكثر من 20 مواطناً بين ضابط ورجل أمن.
لو أن الحكومة نفذت ما طلبه مجلس الشعب ودرست القضية بكل جوانبها من البداية ما تحركت جموع الناس فى مظاهرات صاخبة وما تدخلت قوات الأمن وما حدث هذا العنف بين الطرفين الشعب والشرطة.. كان ينبغى أن تعالج الحكومة الموقف بصورة أفضل لأن هؤلاء المواطنين اشتروا هذه الشقق أمام عين المحافظة وهذه العمارات الشاهقة لم يستغرق بناؤها يوماً أو بعض أيام، ولكنها استغرقت سنوات فى عمليات البناء والتشطيب والبيع والسكن.. كما أن الحكومة هى التى قامت بتوصيل كل مرافق الخدمات لهذه العمارات من الماء والكهرباء والمجارى، فأين كانت أمام هذا كله.. ولماذا تركت النيران تشتعل لتطلب من قوات الأمن إطفاءها.

فى حالات كثيرة تحدث مواجهات بين الأشخاص لأسباب كثيرة الأولى بها أجهزة الحكم المحلى والمحافظين ورجال الحزب الوطنى.. ولكن عادة ما يهرب هؤلاء جميعاً من مسئولياتهم ونجد الشرطة فى المواجهة.. وفى العادة نلقى كل شىء على مسئولية الأمن.

إن أحداث الفتنة الطائفية التى تشهدها أحياناً بعض المناطق فى الدلتا والصعيد لا تحتاج أبداً لقوات الأمن إنها تحتاج فى الأساس لرجال الأحزاب ورجال الدين والقوى الشعبية والمجتمعات الأهلية وآخر ما ينبغى أن نلجأ إليه هو قوات الأمن.

إن المشايخ والعلماء والقساوسة وأعضاء مجلسى الشعب والشورى هم الأحق والأجدر بمواجهة مثل هذه المواقف.. ولا ينبغى أبداً أن نقحم قوات الأمن حتى لا يرى البعض أنها تساند هذا ضد ذاك.. فى أحيان كثيرة يكون تدخل قوات الأمن فى مثل هذه القضايا يمثل حساسية شديدة ومن الأفضل والأجدى أن تترك هذه المهام للأجهزة الشعبية والدينية.
كثيراً ما تخلط المؤسسات السياسية للدولة بين السياسة والأمن رغم الاختلاف الشديد فى طبيعة النشاط السياسى والمسئوليات الأمنية.. وعلى سبيل المثال كثيراً ما تدخلت قوات الأمن لتمنع نشاطاً حزبياً مشروعاً بل إن أى تجمع حزبى يتطلب موافقة أمنية مسبقة.. ومازلنا نذكر مواقف كثيرة كانت تعبيراً عن أنشطة سياسية تم إجهاضها على يد الأمن.. وما حدث مع حزب العمل، وحزب الغد، وجماعات المهنية، كل هذه الحالات كانت تلقى مسئوليات وظلالا كثيفة على دور الأمن وإقحامه كثيراً فى مواجهة أنشطة سياسية مشروعة.

فى السنوات الأخيرة وأمام المشاكل والأزمات والتحديات ومعاناة المواطنين لتوفير ضرورات الحياة ونقص الخدمات وعدم تكافؤ الفرص وغياب العدالة وتوحش رأس المال حدثت مواجهات كثيرة بين المواطنين وأجهزة الأمن ولابد أن نعترف أن جميع الأطراف تجاوزت حدودها فى هذه المواجهات، كان المواطن أكثر تحدياً وعنفاً.. وكان الأمن أكثر ضراوة وقسوة.. وقد خلف ذلك ظلالاً كثيفة فى العلاقة بين الشرطة والمواطنين.
لا يمكن لنا أن ننكر أن أداء بعض رجال الشرطة خاصة من الأجيال الجديدة يتسم أحياناً بالاندفاع والرعونة أمام قلة الخبرة، ولعل ذلك يتطلب قدراً من الحسم والتوجيه وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، وأعتقد أن اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية يحرص على ذلك دائماً ولا يتهاون فى توقيع الجزاء المناسب على كل من يتجاوز حدود مسئولياته صغيراً كان أم كبيراً..

على جانب آخر، فإن المشاكل والأزمات فى المناطق العشوائية لها أٍبوابها المعروفة هناك شق يتعلق بالأمن وهو تجارة المخدرات ومطاردة الهاربين من الأحكام، ولكن الجزء الأهم والأخطر هو احتياجات المواطنين الفقراء فى هذه المناطق، إنهم فى صراع مع لقمة العيش والمياه والمجارى والأدوية والصحة وهذه جميعها ليست مسئولية أجهزة الأمن، وحين تعجز الحكومة عن توفير مطالب هؤلاء فإنها تتعامل معهم بقوات الأمن رغم أن الأولى بها أن توفر لهم احتياجاتهم وهى حق مشروع.

ليس من مسئوليات الأمن أن يتحاور مع الصحفيين والقضاة والأطباء والمهنيين باختلاف نقاباتهم وممثليهم ولكن هذه الفئات تحتاج إلى حوار الكلمة وليس حوار الأمن المركزى والسواتر الحديدية، ليس من مسئوليات الأمن أن يوحد عمال المحلة وهم يطالبون بصرف حوافزهم ورواتبهم وكامل حقوقهم لأن هذه مسئوليات الحكومة بكل مؤسساتها.. كانت أحداث الشغب فى المحلة أكبر دليل على الفشل الإدارى واستخدام الشرطة فى غير مسئولياتها.

لا يمكن لنا أن ننكر بعض المشاكل والأزمات المزمنة التى يعانى منها المواطنون وتترك آثارها على رجال الأمن أن البطالة والشباب العاطل يمثلون أزمة دائمة فى كل المجالات.. كما أن أبناء الطبقة الجديدة وفى حماية من الآباء مع سفه فى الإنفاق يمثلون الوجه الآخر لحالة الانفلات التى يعانى منها شباب الأجيال الجديدة بين من يملكون كل شىء ومن لا يملكون أى شىء وكلاهما يمثل عبئاً حقيقياً على أجهزة الأمن.

إن من أكبر خطايا الحكومة أن تضع قوات الأمن دائماً فى المقدمة لأن العدل والمنطق يقول إنها يجب أن تكون آخر الأوراق المطروحة وأن تبقى فى مكانها حارساً للجميع وليست حارساً لسلطة القرار وحين تعجز الحكومة عن حل مشاكل المواطنين والتخلى عن مسئولياتها فى المواجهة بالحوار فإنها تضع الأمن فى صدام مع المواطنين بكل ما يترتب على ذلك من نتائج سيئة.
حين ينتفض المواطنون رافضين سياسة الحكومة وهى عاجزة عن مواجهة أزمة البطالة أو محنة الزبالة أو توفير رغيف الخبز أو صدام القطارات أو الضريبة العقارية أو مباراة فى كرة القدم هذه أشياء ينبغى أن تتوافر دون مطالبات أو مظاهرات أو مواكب رفض لأن هذه هى وظيفة الحكومات قبل أن تطلق قوات الأمن هنا وهناك.. ولهذا فأنا أخشى أن تكون مواجهات بعض المواطنين من رجال الشرطة واستخدام الرصاص فى ذلك أنها تعكس إحساساً شديداً بالغضب والمرارة أمام ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة.. إن المواطن هنا لا يطلق الرصاص على رجل الأمن ولكنه يطلق الرصاص على مجتمع حرمه من أبسط الحقوق وهذه مسئولية الحكومة وليست مسئولية الأمن.

إن تدخل أجهزة الأمن فى أمور كثيرة تبدأ بالسياسة وتنتهى بانفلات الشارع، ترتبت عليه آثار كثيرة لعل أخطرها تلك الحساسيات التى ظهرت بين المواطنين أمام تجاوزات ارتكبتها أجهزة الأمن فى أحيان كثيرة.. وأمام ضغط المسئوليات وزيادة الأعباء على أجهزة الأمن زادت هذه التجاوزات وتركت حالة من التوتر بين الأمن والمواطنين..

وقد زاد من حدة هذه الأزمة أن الأمن السياسى طغى على كل المسئوليات الأخرى خاصة ما يتعلق بأمن المواطن وهو المهمة الأساسية التى لا ينبغى تجاهلها.

أمام قصور الأداء فى خدمات المواطنين وأمام عشوائية القرارات فى أحيان كثيرة نجد ردود أفعال شعبية تجتاح الشارع المصرى ولا تجد الحكومة أمامها غير أن تدفع بقوات الأمن لمواجهة الجماهير رغم أن المطلوب أن ندرس القرارات ونتائجها وما يترتب عليها قبل أن نلقى قوات الأمن فى وجوه المواطنين.

إن مثل هذه الأحداث تحملنا إلى قضية أخطر وأهم وهى أن أى مسئول ينبغى أن يدرس آثار كل قرار يصدره.. أما العنتريات التى يمارسها البعض دون وعى أو دراسة فهى تمثل أخطاء لا يتحملها المسئول وحده ولكنها تلقى بظلالها على أطراف كثيرة.. ولهذا فإن غياب الرؤى السياسية فى قرارات المسئولين تجعلها فى أحيان كثيرة ألغاماً لا أحد يعرف متى تنفجر ومن الذى يتحمل نتائجها.

حين تطلب الحكومة من المواطنين تقديم إقرارات الضريبة العقارية خلال أسبوعين فهذا إجراء لا حكمة فيه ولا منطق إذا أدركنا أن الأعداد المطلوبة لتقديم هذه الإقرارات تزيد على 30 مليون مواطن.. وهنا يكون من الصعب إنجاز مثل هذه المهمة أمام تكدس المواطنين وزحام مكاتب الضرائب بآلاف المواطنين، وفى حالات كثيرة تتدخل قوات الأمن لإنهاء هذه المشاكل والأزمات ولا يخلو الأمر من الاحتكاك هنا أو هناك بكل ما يترتب على ذلك من نتائج.
وحين تتساقط الأحجار من جبل المقطم على مئات الضحايا.. وحين يخرج المتظاهرون احتجاجاً على هزيمة كروية هنا أو هناك.. هذه الأزمات يمكن أن تعالج فى بدايتها حتى لا تتحول إلى مواجهات بين الشرطة وبين المواطنين.

إن مهمة رجال الشرطة أن يوفروا الحماية للناس وأن يحافظ على النظام والأمن والاستقرار فليس هناك عداء مسبق بين الشرطة والمواطنين ولكن الذى يخلق هذه المواجهات أجهزة حكومية لا تلبى طلبات الناس ولا تحرص على حقوقهم وربما حرمتهم من هذه الحقوق وهنا لا تجد الحكومة أمامها من حلول غير قوات الأمن.. هذا التداخل بين قرارات خاطئة تترتب عليها أوضاع وسلوكيات خاطئة.. تفرض تدخل الأمن فى أشياء ليست من اختصاصه تجعلنا نطالب أجهزة الدولة ومؤسساتها أن تتحمل مسئوليتها فى كل شىء.
إن إضراب الصحفيين عن الطعام وإضراب القضاة واحتجاج الأطباء وخروج أساتذة الجامعات فى مظاهرة.. كل هذه الأزمات والمشاكل تحتاج إلى الحوار وليس إلى قوات الأمن.. من الخطأ الجسيم أن يهرب المسئولون من مسئولياتهم لتكون قوات الأمن دائماً فى المواجهة.

لو أن كل مسئول حاول أن يدرس القرار أى قرار بعناية قبل أن يلقى به كالألغام فى الشارع.. ولو أن رجال الدين مسلمين ومسيحيين قاموا بمسئولياتهم.. ولو أن الحزب الوطنى وأعضاء مجلسى الشعب والشورى أدركوا أعباء المنصب وتفرغوا قليلاً لهموم الناس بعيداً عن تجارة الأراضى والعقارات.. ولو أن المحافظين وأعضاء المجالس المحلية اهتموا بقضايا الناس ومشاكلهم.. لو أن هذا حدث لأصبح العبء على قوات الأمن شيئاً عادياً مثل كل أجهزة الأمن فى العالم.. ولكن ما أسهل أن تحدث الكارثة بسبب قرار خاطئ وبعد ذلك تصرخ كل أجهزة الدولة أين قوات الأمن؟!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة