قبل أيام احتفلت حركة كفاية بخمسة أعوام على تأسيسها، وفى اعتقادى المتواضع أن هذه السنوات الخمس من أهم الأعوام فى تاريخ مصر، فخلالها عاد الشارع لينبض بالحيوية بعد سنوات من السكون الذى يكاد يقترب من الجمود، لكن السؤال المهم: لماذا لم تستطع كفاية إحداث تغيير جذرى فى الحكم، رغم أن حركات مشابهة فى بلدان أخرى فى العالم أنجزت التغيير فى أشهر معدودات؟
تشكلت كفاية فى عام 2004 على يد عدد من النشطاء السياسيين معظمهم من جيل الوسط الذى ينتمى لمختلف الفاعليات والتيارات السياسية من أقصى اليسار الشيوعى إلى أقصى اليمين الدينى، وهى بذلك ضمت خليطا غير متجانس من الفرقاء السياسيين، الذين ينتمى معظمهم فى الواقع إلى أحزاب سياسية قائمة بالفعل، وإن كانوا لم يصلوا إلى مواقع القيادة فى أحزابهم.
وطرحت كفاية فى بادئ الأمر شعارا "لا للتمديد.. لا للتوريث"، وعمليا انتهى هذا الشعار من الواقع السياسى عقب مبادرة الرئيس مبارك بتعديل المادة 76 من الدستور، التى أدت إلى إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية عام 2005، وبذلك لم تعد ولاية الرئيس الأخيرة قائمة على استفتاء أى تمديد للحكم، وفى نفس الوقت أسقطت عمليا قضية التوريث، حيث إن أى رئيس قادم يجب عليه خوض انتخابات عامة للفوز بمقعد الرئاسة حتى ولو كانت هذه الانتخابات تجرى وفق دستور عليه اعتراضات كبيرة ويقيد حق الترشيح للرئاسة.
وقد حاول مؤسسو حركة كفاية بعد ذلك استعادة البريق الذى رافق قيامها، لكنها لم تستطع عملياً إنتاج شعارات تتحول إلى أهداف يمكن ترجمتها على أرض الواقع وتجذب الناس فى الشارع، وقد سارع قيادات كفاية بكتابة برنامج سياسى للحركة، لم يختلف كثيرا عن البرامج السياسية للأحزاب القائمة، لكن كفاية لم تتحول إلى حزب سياسى، ولا هى ظلت حركة عامة تستهدف تغيير أوضاع معينة فى لحظة ما تستدعى مثل هذا التحرك الاستثنائى.
لكن المشكلة الأكبر فى عمل حركة كفاية على الأرض هى ذلك الخليط السياسى غير المتجانس الذى تتشكل منه، مما جعلها تبدو قريبة فى الشبه من الاتحاد الاشتراكى القديم أو الأحزاب الشمولية التى تتكون من كافة ألوان الطيف السياسى، وقد يفلح هذا الخليط مع الحركات الشعبية التى تستهدف التغيير الفورى، لكن حين يطول أمد التغيير تبدأ الفروقات فى القناعات السياسية داخل الائتلاف الواحد فى التأثير على الحركة وإضعافها.
وفى تصورى إن كفاية تجاوزت شروط قيامها من حيث الأهداف والزمن ومساحة الحركة.. فهل تعلن وفاتها فى عيد ميلادها الخامس، أم إن القائمين عليها يملكون رؤى مغايرة تمكنهم من إعادة إطلاقها بأفكار جديدة قابلة للتنفيذ، كما حدث من قبل حينما رفعت شعار "لا للتمديد.. لا للتوريث"؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة