من يصدق أن عمرو بن العاص جاب سيرة الرئيس مبارك، تخيلوا عمرو بن العاص تنبأ بتولى مبارك حكم مصر بعد أن فتحها مباشرة.. مسئولو التعليم بالإسكندرية أدانوا عمرو بن العاص واتهموه بالخوض فى سيرة الرئيس.. أليس هو القائل "إن مصر تربة غبراء يخط وسطها نيل مبارك الغدوات وميمون الروحات".. يا نهار أغبر زى تربة مصر، عمرو مات واندفن فى التربة من زمان، والأستاذ أشرف كرر خطأ عمرو، ولكن بالمضاد.. وإذا كان الموت قد أنقذ عمرو بن العاص، فالأستاذ أشرف ما زال حيا وحق عليه العقاب.
الأستاذ أشرف مدرس الثانوى بإحدى مدارس الإسكندرية وضع امتحانا للصف الأول الثانوى، وكان أحد أسئلته.. ما مضاد كلمة مبارك؟ وهذه الكلمة جاءت فى قصة عمرو بن العاص، كوصف وليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بالرئيس، ورغم ذلك أحيل المدرس للتحقيق، بل وعاقبوه بالنقل إلى مرحلة الإعدادى بعد خصم 5 أيام من راتبه، وجاء العقاب نتيجة شكوى تقدم بها ولى أمر طالبة أكد إصابتها بضرر نفسى نتيجة الإساءة لرمز مصر ورئيسها، يا سبحان الله البنت أصيبت بأزمة نفسية بسبب سؤال يسىء للرئيس، ما هذه الوطنية التى ولدت داخل تلميذة ما زالت فى مرحلة المراهقة؟ مصر بخير يا أولاد.
الغريب فى الأمر أن الامتحان كان العام الماضى، فلماذا التحقيق الآن؟ هل ساءت حالة التلميذة عن العام الماضى؟ ولماذا صمت والدها طوال هذه الفترة؟ ولماذا صمتت الإدارة التعليمية أم أن المسئولين لم ينتبهوا إلا بعد شكوى الأب؟ لعلنا نذكر قصة الطالبة آلاء فرج التى كتبت رأيها فى موضوع التعبير وانتقدت السياسة الأمريكية والنظام المصرى، وما أن وقعت عين المصحح على ورقة إجابتها حتى أمسك بها وهرع إلى مدير اللجان ليخبره ويسلم له جسم الجريمة، وأسرع المدير إلى من يعلوه فى الوظيفة حتى وصلت ورقة الإجابة إلى السيد وكيل الوزارة، وكأنهم ضبطوا تنظيما سريا لقلب نظام الحكم، وأبلغوا أجهزة الأمن حتى يعلم السيد الوزير أن رجاله يقظون ولا يدخرون جهدا فى سبيل المحافظة على الكرسى.
وخضعت الفتاة للتحقيق وسألوها إلى أى التنظيمات تنتمى؟ وما رأيها فى النظام المصرى والحكومة؟ وعاقبوها بالرسوب وحجب النتيجة لولا تدخل الرئيس مبارك شخصيا لإعادة تصحيح الورقة أو بالمعنى الأصح إعلان نجاحها ونفَّذ الجميع أمر الرئيس وهم صاغرون وأعلن الوزير نجاح آلاء، ترى ماذا سيكون مصيرها لو لم يتدخل الرئيس؟ ربما دخلت السجن وربما فصلوا والدها من عمله لأنه أساء تربيتها ولم يعلمها كيف تطيع أولى الأمر ولا تتدخل فيما لايعنيها، ترى ماذا يحدث إذا جاء سؤال مشابه فى امتحان الثانوية مثلا وأجاب أحد الطلاب أن مضاد مبارك هو البرادعى أو عمرو موسى؟
الكل أصبح يزايد على الكل، يحاولون الصعود على أكتاف بعضهم دون النظر للعواقب.. حتى الكلمات والهواجس لم تسلم من التأويل حسب الأهواء، فهناك كلمات كثيرة فى اللغة لها مضاد بعيدا عن السياسة، فمثلا كلمة جمال مضادها قبح، لأن جميل مضادها قبيح، والقبح ليس بغريب علينا، وكلمة نظيف مضادها قذر والقذارة معروفة ومنتشرة فى شوارعنا حتى شركات النظافة الأجنبية فشلت فى القضاء عليها، وكلمة سرور مضادها حزن وغم ونكد، والشعب المصرى لا يعرف غير هذه الصفات بديلا، وعز مضادها فقر والغالبية العظمى من المصريين يغرقون فيه، وغالى مضادها رخيص وهى كلمة لا يعرفها الغلابة وهناك مئات وآلاف الكلمات ذات المعانى البريئة التى لا دخل لها بالسياسة.
ما أكثر المنافقين فى هذا البلد، الكل يدعى الوطنية ويزعم أنه يحب مصر ويرفض أى مساس بسمعتها أو كرامتها أو أمنها، الكل يحاول الوصول لأهدافه وأغراضه بأى ثمن، الكل يتلصص على الكل ويتصيد أخطاءه، قد يفضفض أى شخص بما يجول بخاطره لصديق أو قريب ويفاجأ بأنه مطلوب فى أمن الدولة بتهمة ازدراء الرئيس أو الانضمام لتنظيم يسعى لقلب نظام الحكم أو نشر شائعات من شأنها تكدير الأمن العام، الغالبية والمشتاقون يزعمون أنهم يحبون النظام ويحافظون على رموزه ويسعون لتقديم فروض الولاء والطاعة، حتى ولو كان على حساب الآخرين. كلنا مصريون ونحب مصر ونعشق ترابها وندعو الله أن يحفظها من كل سوء ويخلصها من الاحتلال.