فاطمة حنفى

الهجرة.. الأمل الذى لاينطفئ

السبت، 26 ديسمبر 2009 07:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن بداية العام الجديد فى الأمة الإسلامية يسمى "بالعام الهجرى الجديد" ولم يؤرخ بميلاد الرسول (الرحمة المهداة) مثلاً وبالرغم من أنه ليس بتاريخ الهجرة لأن الهجرة كانت فى شهر"ربيع الأول" ولكن لقب العام بمسمى "الهجرة " تسمية، وبعد الحج توقيتاً.

فكانت سنة جديدة هجرية بكل ما تعنيه من معان سامية من هجرة: بدين ومجموعة من المؤمنين من أرض كفرت به إلى مجموعة من الأنصار لأرض تتشوق إلى الإيمان به.

وتوقيتاً فى "محرم" وهو موعد انصراف الناس من حجهم وهو شهر حرام فيكون ميلاد جديد لكل فرد فى الأمة بل ميلاد للأمة كلها فى حج توقيتاً وهجرة تسميةً.

الشباب هم المحرك والقوى التى تحمل على عاتقها كل الثورات بروح التحدى والمغامرة هم وقود الأمة الحقيقى الذى يعمل على إحيائها من العدم ودوام توهج شعلتها.

فكان من بصمات الشباب الخالدة فى الهجرة النبوية والتى لا بد لنا أن نقف على ذكراها وقفة متأملة وواعية لهذا الدور العملاق للشباب فى الأمة الإسلامية (رجال ونساء) تحت مظلة "القائد العملاق" المخطط الاستراتيجى والممسك بخيوط كل الأحداث بدءاً من دورالفتى "على بن أبى طالب" الفتى فى ريعان الشباب والذى إستأمنه الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) لشجاعته وجسارته للقيام بدوره البديل للتمويه ولانهايةً بدور ذات النطاقين فى أحلك وأصعب نقطة فى مشهد "الهجرة " أعظم حدث فى مجرى حياة الأمة الإسلامية.

نجحت الهجرة ونجا الدين من مخالب ومؤامرات القوم الكافرين فكان المؤمنون قلةً ولكنها بركة الإيمان الصادق واليقين، فكانت النوعية ولم تكن يوما فى الإسلام العددية هى التى تصنع مجد الأمة التى تمتد من ألف وأربعمائة وإحدى وثلاثين عاماً.

فلم يكن "للصدفة" أثرً مطلقا فى الدور الذى لعبه الشباب كل الشباب رجالاً ونساء فى الحدث الهجرى خاصة وفى مسيرة الأمة عامة.

على بن أبى طالب: لم يكن عمره يتجاوز العشرين سنة بعد وهو فى ريعان شبابه وثورته الجامحة ولكن تحت لواء القائد والخطة والبركة، يهتدى ويستبصر وينفذ.
عبد الله بن أبى بكر الصديق: الشاب الذى تحمل مسئولية نقل الأخبار من قلب الحدث بكل الخطورة الجسيمة المتوقعة والغير متوقعة.

عامر بن فهيرة: الشاب الذى يرعى الغنم وتحمل على عاتقه السير بغنمه من وراء عبد الله وأسماء أبناء الصديق( رضى الله عنهم جميعاً) ليمحو أثرهما على رمال الصحراء الملتهبة وليسقى النبى "المفدى" وصاحبه الصديق فى أيام الرحلة الشاقة القائظة الحرارة "اللبن".

أسماء بنت أبى بكر الصديق: ذات الثلاثة وعشرين ربيعاً وهى التى تحمل الزاد للنبى صلى الله عليه وسلم وصاحبه وقد جعلت نطاقها وعاء للطعام فلُقّبت بذات النطاقين.

لقد لعبت المرأة دوراً أساسياً ومؤثراً فى هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) والذى يتمثل فى أسماء وعائشة (رضى الله عنهما).

جعل النبى (الرحمة المهداة) أسماء وعائشة محل ثقته وسره و لم يخش منهما مطلقاً على أمر الهجرة وهو أعظم حدث فى تاريخ الإسلام ومسيرة الأمة فلم يتحدث مع أبى بكر فى أمر الهجرة إلا بعد معرفته بأنهما وحدهما معه فى البيت.

كما جاء فى السيرة النبوية فلم يتوقف دور السيدة أسماء على مجرد العلم وكتمان السر بل المشاركة الفعلية فى أهم نقطة فى مسيرة الحدث إذ يقف "أبو جهل" وجماعته بكل فظاظته وعنفوانه وجبروتهم يقفون على باب أبى بكر فتخرج إليهم أسماء، وعندما يستفسرون عن أبيها فتنكر معرفتها وترفض الإجابة على أى من أسئلتهم، فلطم أبو جهل خدها لطمة تطرح منها قرطها وهى الحرة العفيفة الشريفة ولكنها لا تبالى ككل المؤمنين الأحرار الشرفاء إلا بالدور المنوط بها.

إنها تحمل سرا ورسالة إنها توقن من صميم قلبها وعقلها ككل الثوار الأحرار أهمية ما تفعله فى تاريخ ومجد الأمة الإسلامية وفى الدعوة الحق لدين حق لنبى حق لرسالة إلهية سامية حقة تدعو إلى المساواة والعدالة ونصرة المستضعفين.

كانت الهجرة شاقة وصعبة وكانت رحلة طويلة، تحتاج إلى تخطيط وإعداد وتجهيز ولكل التفاصيل، للتمويه والاستخبارات والإخفاء والحذر والزاد من الطعام والبركة والبدء قدما فى رحلة الهجرة فجاء دور الزاد والتموين عبر الرحلة ومن غير المرأة يجيد هذا الدور؟

كما روت السيدة عائشة (رضى الله عنها ) بأنه قد دفع أبو بكر بالراحلتين (اللتين أعدهما للهجرة) إلى أسماء وعائشة فجهزتاهما على أحسن ما يكون الجهاز إذ صنعتا لهما" سفرة فى جراب" وقطعت أسماء قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب.

وهى من أحضرت لجدها صرة المال وقد وضعت فيها "حصيات" حتى يطمئن جدها أن أباها قد ترك لهم مالاً ولم يتركهم عيلة على أحد حتى لو كان جدها، فجبت الغيبة عن أبيها وحفظته فى غيابه.

هى من حملت عبء حمل الزاد بنطاقيها ومراعاة الإخفاء والسرية فى صحراء جرداء شديدة الحرارة وتسير كل تلك المسافات وهى تحمل جنينها فى شهوره الأخيرة .

يأتى نموذج السيدة أسماء بنت أبى بكر(رضى الله عنهما) فى المشروع المحورى لنجاح الدعوة الإسلامية التى تؤتمن على السر، وتساهم فى إنجاح المشروع بروح الشباب الجريئة المؤمنة بالتغيير والطامحة إليه والمصرة عليه.

فأقر الإسلام الفطرة التى خلقت عليها المرأة فطرة الإنسانية ذات العقل والإدراك والفهم والمسئولية، فهى ذات مسئولية مستقلة عن مسئولية الرجل مسئولة عن نفسها وعن عبادتها وعن بيتها وعن جماعتها قال الله تعالى "فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض" آل عمران.

لقد أتت رياح التغيير فى ثقافات وعادات وعرف جامد غير قابل للحراك وأتم الله عز وجل نعمته على الأمة بالتضحيات الجسام فالرسالة المحمدية لم تكن مجرد أفكار أو بشارة تقف عند حد الإيمان"بنبى جديد" بل الإرادة والعزيمة والإصرار على تطبيق هذه الأفكار فى منهج حياة وبالفكر واليقين بالفكرة، فكرة "مكارم الأخلاق" والتطبيق كمنهج حياة فتعرف البشرية كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضا من الرجل وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضا من المرأة وليس فى الإمكان ما يؤدى به معنى المساواة والعدالة أوضح ولا أسهل من هذه الكلمة التى تفيض فى طبيعة الرجل والمرأة والتى تجلت فى كل سيرة النبى الرحيم من أولى لحظات الوحى وموقف السيدة خديجة وحتى أعظم حدث فى تاريخ الرسالة والنبوة ونقطة انطلاقها الغراء إلى يثرب "المدينة المنورة".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة