كما يصنف رجال الجمارك البضاعة التى تمر عليهم بأن منها: أمتعة شخصية وأجهزة شخصية وسلع ضرورية وسلع ترفيهية وسلع كمالية فإنه يمر عليهم سلع يسمونها استفزازية، مثل شاشات العرض 32 ، 46 بوصة فما فوق و أجهزة الهاى فاى من فئة الألف (وات) فما فوق والسيارات الشديدة الفخامة.
وكما يصنف السياسيون بعض العبارات أو المواقف برغم أنها دبلوماسية بأنها استفزازية.
وكما يحدث بين المتلاكمين والمتصارعين فى البطولات الدولية من تصريحات قبل المباراة فإنهما يتبادلون العبارات الاستفزازية.
وكما شاهدنا وقرأنا وسمعنا قبيل مباراة فريقنا القومى مع الجزائر وكانت كلها تصريحات وتصرفات استفزازية.
يوجد فى إعلامنا الكثير والكثير من البرامج الاستفزازية ولا يراعون فى شعبنا إلاً ولا ذمة ولا يضعون فى حسبانهم خط الفقر ولا سكان العشوائيات ولا الشباب العاطل عن العمل ولا نسبة الأمية ولقد أصبت بالهلع لمقابلة تلفزيونية مع سيدة عشوائية فى مقتبل العمر تحترف عملا غاية فى الغرابة لتوفر خمسة جنيهات لتطعم أطفالها، وحرفتها الغريبة هى جمع أغطية زجاجات المياه الغازية وهى حرفة محفوفة بالمخاطر ومن الثروات الناضبة كالبترول سواء بسواء، فماذا لو توقفت شركات المياه الغازية عن تعبئة الزجاجات التى تجمع تلك السيدة البائسة أغطيتها واكتفت بتعبئة مياهها الغازية فى علب ورقية أو بلاستيكية أو صفيحية.
وسيدة أخرى تعمل فى تعبئة أكياس الملح لتحصل على سبعة جنيهات ويشترك معها فى التعبئة كل أطفالها.
ويحضرنى ذلك الرجل العشوائى الذى عضه فأر ولم أصدقه فى البداية متعللاً بجبن الفأر المشهور ولكننى رأيت برنامجاً فى إحدى المحطات الفضائية عن عشوائيات الجزائر وصرح عشوائى جزائرى بنفس الرواية؛ بأن فأرا عضه.
والغريب أن كل الفقراء والمساكين فى جميع أنحاء العالم يتصرفون بطريقة أو بأخرى ويشاهدون البث الفضائى.
فما قولكم- دام عزكم- فيمن يتعشى بحتة جبنة معكوكة بالفول ويطالع برنامجا لشخص يقول: أيوه أنا مداين النادى بـ16 مليون جنيه وموش عايزهم وماكانش فيه داعى تجيب سيرة الموضوع ده لأنه مبلغ تافه وموش لازم نثيره فى وسيلة إعلامية.
فما قولكم- دام عزكم- فيمن يتعشى فول معكوك جبنة ويطالع برنامج لشخص يقول: أيوه أنا دخلى أربعة ملايين جنيه وعايش أحلى عيشة وبأركب أنا وولادى أحلى عربيات وساكن فى أحلى فيلا وأنا الآن بصدد شراء فيلا تانية فى أحلى مكان فى القاهرة .
فما قولكم- دام عزكم- فيمن يتعشى فول بس ويطالع برنامج لشخص يقول: أبدا أنا ما عنديش حاجة زيادة عن اللزوم وكل اللى عندى ثلاث عربيات مرسيدس وجيب سفارى وعربية هامر (هامر دى عربية شكلها كئيب جداً صنعت فى
أمريكا بقرار من الرئيس الأمريكى بوش الابن لتكون عربيات مقاتلة يستخدمها الجيش الأمريكى فى العراق ولتغطية تكاليف صنعها صنعوا قسم مدنى وسعرها غال جداً وبعضها تجاوز المليون، وانهمر عليها الأثرياء العرب وما يسمونهم فى البلاد البترولية بالهوامير فأصبحت الهامر للهوامير وأبشر الإخوة الفقراء والمساكين وسكان العشوائيات أن الحكومة الأمريكية بعد الأزمة المالية العالمية قد باعت شركة الهامر للصين وإن شاء الله ترخص وتبقى فى متناول الجميع).
وما قولكم- دام عزكم- فيمن يتعشى جبنة بس ويطالع مسلسل: متصور فى مصر؛ أى والله العظيم متصور فى مصر ويطالع الفيلات الواسعة والبيسيهات (حمامات السباحة) الواسعة والمليانة ميه جميلة وحواليها شجر يرد الروح والمطاردات المثيرة فى الشوارع الواسعة والفاضية والعربيات اللى بتطير فى الهوا وإيه السلاح دا كله اللى بيفكرنا بالحرب الأهلية اللبنانية وأيه الحاجات الصفراء واللى فى قزايز فخمة واللى بتتشرب قبل الأكل وبعد الأكل وقبل النوم وبعد النوم وفى النهار والليل وفى أول الحوار وفى نص الحوار وبعد الحوار.
وما قولكم- دام عزكم- فيمن يتعشى بعيش حاف لا فول ولا فلافل ولا جبنة ويطالع برنامج مسابقات لمغامرات رهيبة فى بلد تقع جنوبى قارة أمريكا الجنوبية على المحيط الأطلسى الجنوبى بين تشيلى وأورجواى ونفسه يشارك مع البنات والولاد (الفرست كلاس) ولكن العين بصيرة والأيد قصيرة يجيب منين تمن مكالمة الخط الأرضى 0900 أو المحمول 17 والدقيقة بـ جنيه ونصف ولو كان معاه يا ولداه كان جاب فول وفلافل واتعشى زى خلق الله ودايما كل ليلة يتحسر وينام زعلان مرة عشان (ديل أو نو ديل) ومرة عشان الممثل التركى بتاع سيراميكا رويال لأنه حاول يعرف الكلمتين اللى بالتركى اللى بيقولهم فمعرفش فتعقد فنام زعلان ومرة نفسه ينزل موسيقى مقدمة مسلسل أو حلقة من حيلهم بينهم على موبيله واكتشف أنه ما عندوش موبيل من أصله.
أتمنى من الله- ولا يكتر على الله- أن يهدى مصممى خرائط البث الفضائى فى القنوات الفضائية ولو بس على النيل سات يبثوا البرامج الاستفزازية فى الأوقات الميتة؛ فى الصبح بدرى أو فى أواخر الليل عشان الغلابة ورحمة بالمساكين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة