◄◄ نشطاء البيئة يراهنون على ضمير العالم ويعلقون الآمال على أوباما
هذه هى المرة الثانية التى تطأ فيها قدمى مطار كوبنهاجن حيث الهواء النقى والجو الخالى من أى تلوث والشعب الجدير بالاحترام لعاداته وتواضعه فى التعامل مع زائريه، مضيفى فضل أن أقيم مع عدد من الصحفيين العرب من فلسطين، واليمن، بإحدى الضواحى الريفية تبعد حوالى 35 كيلومترا عن العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، وهى مسافة يقطعها القطار فى دقائق معدودة.
بمجرد أن تهبط من القطار عليك أن تسير داخل غابة من الأشجار العتيقة لمدة 15 دقيقة سيرا على الأقدام حتى تصل إلى داخل مبنى «هوملى باك» الذى يرجع بناؤه إلى عام 1625، شيده أحد النبلاء ومازال على هيئته وممنوع إجراء أية تعديلات عليه.
المبنى تم استخدامه مقرا لكلية مدنية يتلقى طلابها «كورسات» وورش عمل ودورات تدريبية خاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وملحق به ملعب مغطى لكرة السلة، ومسرح ،وقاعات تدريبية وتعليمية، بالإضافة إلى مطبخ لا يقدم سوى الطعام «الأورجنك النباتى»، ومبيت يسع لعدد كبير من الدارسين.
المسافة بين محطة القطار والمبنى يقطعها الناس هناك بالدراجات التى توفرها لهم الكلية، وكل ما عليك هو أن تخطرهم بأنك تحتاج دراجة ليتم تزويدك بها على الفور وتقوم بقيادتها ووضعها فى المكان المخصص لها، واصطحابها معك فى القطار وركنها فى العربة المخصصة لذلك.
فى اليوم الأول لوصولى كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة عصرا بقليل لكن عندما تنظر فى سماء كوبنهاجن تتخيل أنها الثالثة فجرا حيث الأمطار تتساقط والظلام يغلف المكان.
بمجرد أن دعينا لحفل غنائى داخل الملعب الرئيسى بكوبنهاجن بلغت قيمة التذكرة لحضوره 40 يورو ولم تمنع الأمطار الغزيرة مواطنى الدنمارك من حضور الاحتفال، الذى دعى إليه أشهر المغنين فى العالم، ومن بينهم الشاب خالد المطرب الجزائرى.
مشاركتى فى قمة المناخ أتاحت لى رصد تفاصيل تستحق الذكر، وأولها لقاء جمعنى بمشاركين أفارقة حضروا ضمن جهة تسمى «منظمة الأمريكان الأفارقة» طاب لهم الحديث معى عن تراجع دور مصر فى أفريقيا، ومحاولات إبعادها وإقصائها عن قصد، وصولا لسلخها تماما عن الجسد الأفريقى، لمصلحة إسرائيل التى خلقت لها أدوار كبرى داخل الدول أفريقيا. الأفارقة يتحسرون على الدور الذى كان لمصر فى أفريقيا إبان الستينيات، مؤكدين أن الإذاعة المصرية والبعثات التعليمية لعبتا دورا كبيرا فى تكوينهم الوجدانى، وكانتا بمثابة طاقة النور التى توصلوا من خلالها لبداية طريق المعرفة، ولم يغب عنهم رغم مرور أكثر من أربعة عقود منظر رجل الدين الأزهرى بجلبابه الداكن المميز وعمامته الحمراء الشهيرة، مشيرين إلى دورهم التنويرى الذى قدموه لأفريقيا. القمة بدت ككرة القدم، راحت بين أرجل المؤيدين والمعارضين لها، المؤيدون نددوا بالهيمنة الغربية والرأسمالية العالمية، مؤكدين أنهم لن يقفوا مكتوفى الأيدى، وهم يرون تدمير المناخ واختفاء القارة السمراء، وراهنت جماعات المجتمع المدنى ونشطاء الحفاظ على البيئة على أن ضمير العالم سينتصر فى النهاية، ولكن بقى أن الكل كان يراهن على دور أوباما ودعمه.
كما شهدت فعاليات القمة تباين وجهات النظر بين مواقف الدول الغنية والفقيرة، فالأخيرة تريد أفعالا لا أقوالا تؤدى فى النهاية إلى مزيد من الإفقار لدول العالم الثالث، ومزيدا من التحرر، وعدم الالتزام من جانب الدول الكبرى، والفاتورة سيسددها الفقراء فى النهاية.
كما شهدت المحادثات فى مؤتمر الأمم المتحدة شقاقا كبيرا بين الدول النامية، والصناعية الكبرى، وطرحت الدول الأفريقية والجزر الصغيرة المهددة بالاختفاء مطالب للتوصل إلى صفقة ملزمة قانونا أشد صرامة من بروتوكول «كيوتو».
وقال ايان فرى وهو مندوب لجزيرة «توفالو» الواقعة فى المحيط الهادى والتى تخشى من أن تمحى من على الخريطة بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار «يؤسفنى أن أبلغكم أن توفالو لا يمكن أن تقبل إلا باتفاق ملزم للدول الكبرى».