◄◄تقارير حقوقية ترصد 50 واقعة شذوذ فى 6 أشهر داخل السجون المصرية
لا جهة تعرف بالتحديد ما إذا كانت ظاهرة الشذوذ الجنسى منتشرة بالسجون المصرية، أم أنها حالات فردية، إلا أن تقارير حقوقية غير رسمية أفادت بأن عدد هذه القضايا وصل فى الأشهر الستة الأخيرة إلى 50 قضية، تم اكتشافها بسبب تقييدها ببلاغات قانونية، وهو ما دفع عدداً من الحقوقيين لمطالبة وزارة الداخلية بتوسيع دائرة الخلوة الشرعية، لتشمل المسجونين فى قضايا جنائية، بجانب المسجونين بقضايا سياسية.
وكما تؤكد منظمات حقوقية فإن 98 % من البلاغات التى تقدم بها مسجونون، بعد تعرضهم لاعتداءات جنسية من مسجونين، تم حفظها بتدخل من إدارة السجون، ينقل المُعتَدى عليه جنسياً إلى سجن آخر، غير أن محمد زارع مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، يوضح لـ«اليوم السابع» أن كثيرا من وقائع الشذوذ لا يتم الإبلاغ عنها، لأنها تتم بالإجبار والغصب، ثم تتحول إلى التراضى من جانب المُعتدى عليه الذى دائماً ما يكون مسجوناً حديثاً أو ضعيف البنية، فى حين يكون المُعتَدِى مسجوناً يقضى عقوبة حبس طويلة تصل للمؤبد، ويطلق عليه زملاؤه «الكومندا» ويختار من يمارس معه تلك الأفعال برغبة إما جنسية، أو للسيطرة على من معه بالزنزانة و«كسر أعينهم»، لكى يرضخوا لابتزازاته بعد ذلك، ويتحولوا إلى خدم له.
إلا أن الأمر، بحسب زارع، يتطور فى بعض الحالات إلى مرحلة الزواج، بحيث يختار المسجون زوجاً له من بين من يُشاع داخل الزنزانة أنهم اعتادوا التعرض لاعتداءات جنسية، ثم يطلق عليه اسما نسائيا يناديه به فى ظل قاعدة تُتَّبع داخل السجون، كما يضيف مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، وهى ألا ينظر الزوج «المعتدى» إلى غير زوجته «المسجون المعتدى عليه» وهو ما يرضى به الأخير غالباً، مقابل أن يوفر له الأول مطالبه من الحماية والأكل والسجائر، وتؤدى تلك الممارسات إلى انتشار أمراض داخل السجون، كما تشير تقارير حقوقية ترصد الأحوال الصحية داخل السجون وتوضح أيضاً أن هذا النوع من التزاوج بين الشواذ عرف طريقه إلى سجون النساء خاصة سجن القناطر.
ومن أشهر السجون التى تطبق نظام «الخلوة الشرعية» سجن طرة، والخلوة تتم بين المسجون وزوجته على سبيل المنحة من إدارة السجن التى تؤمن اختلاء الرجل بزوجته، مستخدمة ستائر غليظة وحراسات خاصة، ولا ينالها إلا المسجون السياسى الملتزم بتعليمات إدارة السجن، والمحافظ على قواعد الانضباط، وعدم إثارة الشغب أو من يتبقى على انتهاء حبسه مدة قليلة، لكن لا توجد مادة بالقانون تقرها صراحة.
ويتفق المحامى أيمن عقيل مدير مركز ماعت للحقوق الدستورية والقانونية مع مطالبة زارع وزارة الداخلية بتوسيع دائرة المستحقين للخلوة الشرعية، ويقترح أن تتم مرة واحدة كل شهر دون اعتبار للآراء التى تظن أنها ترفيه لا يستحقه المسجون، مضيفاً أن الخلوة هى الحل للقضاء على ظاهرة دخلت السجون مؤخراً، وهى حفلات التزاوج بين الرجال بعضهم البعض بغرض تأكيد الطرف الأقوى فرض سيطرته على أقرانه كنوع من الانتقام منهم.
وتماشياً مع تلك التحذيرات من ممارسة الشذوذ بالسجون دون علم وزارة الداخلية، توضح دراسة حديثة أجراها د. ظريف شوقى الباحث بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الحرمان الجنسى للمسجونين يدفعهم إلى القيام بسلوكيات شاذة، حيث يتم إكراه المسجون على ممارسة هذه الأفعال فى البداية، تحت تأثير التعرض للعنف والتهديد أو تقديم مواد مخدرة أو منومة له ثم التعدى عليه جنسياً.
وتشير الدراسة إلى مقارنة بين المسجونين والطلقاء، تفيد بأن الإيداع فى السجن يؤدى إلى نشوء مشكلات جنسية خطيرة، خاصة أن 49 % من المسجونين متزوجون، كما توضح الدراسة أن نسبة انتشار الشذوذ داخل المجتمع الخارجى 2 %، تزيد داخل السجن إلى 15% من مجمل عدد السجناء، وهو ما يعكس، كما يؤكد الدكتور ظريف، الدور الذى يلعبه الإيداع بالسجن فى تعميق وانتشار ظاهرة الشذوذ التى تتجاوز كونها نتيجة للحبس، وتمتد متسببة بدورها فى عدد أكبر من الآثار الحالية والمستقبلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة