ذهبت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن مصر تراهن من خلال بناء الجدار الفولاذى على الحدود مع غزة على دفع حماس لتقديم تنازلات، كما يتعلق هذا التدبير أيضا بالمفاوضات الخاصة بالإفراج عن جلعاد شاليط. وتخلص الصحيفة فى تقريرها إلى أن الأسابيع القادمة يجب أن تكشف ما إذا كانت مصر قد كسبت هذا الرهان.
تذهب الصحيفة إلى أن هذا الجدار "المضاد للأنفاق"، والذى يعد مخاطرة من الناحية الأمنية ومن حيث صورة مصر، خاصة فى العالم العربى إذ اتهمت بالفعل بالمشاركة فى حصار غزة، يخضع لاثنين من الحسابات الاستراتيجية: الوفاء بالتزام تعهدت به أمام إسرائيل والمجتمع الدولى لإنهاء الحرب فى قطاع غزة من جهة، وزيادة الضغط على حماس من جهة أخرى.
تقول الصحيفة إن منذ عام تبذل مصر كل مساعيها الدبلوماسية لإحياء المفاوضات الخاصة بإقامة دولة فلسطينية ولإشراك الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى عملية السلام، والذى يتمثل الحل الوحيد لتحقيقها فى المصالحة بين حماس وفتح.. الأمر الذى من شأنه السماح للإسرائيليين وللمجتمع الدولى بالحوار مع كيان واحد. إلا أن هذا الاتفاق الذى عُقد الأمل على تحقيقه عدة مرات والذى يتم التفاوض عليه منذ عدة أشهر فى القاهرة لم ير النور بعد.
ومن ثم تضيف الصحيفة أن مصر تأمل من خلال التهديد بالإغلاق الكامل لحدودها فى الضغط على حماس لتقديم تنازلات. فهى تراهن، وفقا لمصادر مطلعة على الملف، على الانقسامات التى قد تبدأ فى الظهور بين القادة الإسلاميين الأكثر براجماتية فى غزة والذين هم على استعداد للتوصل لتسوية، وبين القيادة الأكثر تصلبا فى منفاها بدمشق.
كما يتعلق هذا الأمر أيضا بالمفاوضات حول إطلاق سراح الجندى الإسرائيلى جلعاد شليط، والمتعثرة هى الأخرى - بسبب إسرائيل، وفقا لمصر - فى حين أن الوسيط الألمانى قد حذر من أنه لن يواصل مهمته بعد نهاية العام. إلا أن رد الفعل الرسمى الوحيد من جانب حركة حماس حتى الآن لم يكن إلا طلب "الحصول على توضيحات" حول بناء الجدار.
وتعود الصحيفة إلى الأحداث التى وقعت قبل عام خلال الحرب على غزة، وتقول إنه على الرغم من الجدل الضخم حول ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت لم يكن يوافق على وقف إطلاق النار، حيث كان يرغب فى الحصول على ضمانات بأن حركة حماس لن تعيد التسلح عن طريق أنفاق رفح، خاصة التزود بالصواريخ الإيرانية. وعلى الرغم من أن هذا الأمر كان أيضا يشغل بال الرئيس مبارك (والذى كان قلقا إزاء النفوذ المتنامى لإيران فى المنطقة)، إلا أنه تردد فى اتخاذ موقف. ولذلك تطلب الأمر عدة رحلات قام بها الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى ذهابا وإيابا بين القدس وشرم الشيخ ليوافق الرئيس مبارك أخيرا على الحديث عن "تأمين" الحدود.
وتضيف الصحيفة أن فكرة إقامة حاجز مضاد للأنفاق، الذى سبق وتطرق الحديث إليها خلال فترة الانسحاب الإسرائيلى من غزة فى عام 2005، قد أخذت منحى عملى فى أوائل ديسمبر، عندما نقلت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أن هناك أعمالا تجرى لبناء جدار تحت سطح الأرض بطول 10 كم على الحدود (التى تصل إلى نحو 15 كم)، يتكون من ألواح من الصلب تصل إلى عمق 20 مترا تحت الأرض. وتقول الصحيفة إن هذا الجدار الفولاذى الجديد الذى تبنيه مصر تحت الأرض بمساعدة الولايات المتحدة على طول حدودها مع قطاع غزة بدأ بالفعل فى إثارة التوترات فى شمال سيناء، فى إشارة إلى إطلاق نيران فلسطينية على معدات بناء الجدار وعلى سيارة أمريكية تابعة لوكالة "USAid" بالقرب من العريش على بعد 70 كيلومترا من الحدود.
وتخلص الصحيفة إلى أن الأسابيع المقبلة ينبغى أن تكشف ما إذا كانت مصر قد فازت برهانها.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
هل تضغط مصر على حماس بالجدار الفولاذى؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة