دعا الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، إلى التأنى فى الرد على قرار منع بناء المآذن فى سويسرا، والعمل بالآية القرآنية الكريمة "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"، مضيفا أنه لا يجب الوقوع فى الخطأ الذى نتهم به أعداءنا والمتمثل فى التركيز على الأفعال السيئة البسيطة وتضخيمها، دون النظر إلى الأفعال الجيدة، حيث أنجزت سويسرا الكثير فى التعددية، إلى جانب إدانة الحكومة السويسرية لنتيجة الاستفتاء الخاص بحظر المآذن. وشدد على أن الانزلاق إلى ردود الفعل غير المدروسة سيؤدى بنا إلى الإسهام فى تنفيذ مخطط صدام الحضارات، فالدور الحضارى لنا هو الذى سيبدد الصورة السلبية التى يحاول البعض إلصاقها بنا.
جاء ذلك فى افتتاح ندوة "فى الفكر النهضوى الإسلامى"، والتى يشارك فيها نخبة من المفكرين والعلماء والمتخصصين من 15 دولة عربية وإسلامية، وتهدف إلى تعريف المشاركين بالمشروع الذى تقوم به المكتبة والخاص بإعادة نشر مختارات من التراث الإسلامى فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين ـ التاسع عشر والعشرين الميلاديين.
وأضاف الدكتور إسماعيل سراج المشرف العام على المشروع، أن المكتبة قطعت شوطا فى تنفيذ المشروع، حيث توشك على إصدار أول مجموعة من كتب هذا التراث المستهدف إعادة نشرها والتعريف بها. مشيرا إلى أن فكرة المشروع نبعت من الرؤية التى تتبناها مكتبة الإسكندرية بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكرى والعلمى فى مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة فى نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيدًا لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضارىِ، مشيرا إلى أن تلك من أهم الوظائف التى تضطلع بها المكتبة منذ نشأتها الأولى وعبر مراحل تطورها المختلفة.
وألمح إلى أن السبب الرئيسى لاختيار القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين هو وجود انطباع سائد غير صحيح، وهو أن الإسهامات الكبيرة التى قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، ولم تتجاوزها، فى حين أن استعراض وثائق هذه المرحلة يشير إلى غير ذلك، ويؤكد على أن عطاء المفكرين المسلمين - وإن مر بمد وجزر – فإنه تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما فى ذلك الحقبة الحديثة والتى تشمل القرنين الأخيرين.
ونوّه سراج الدين إلى أن مكتبة الإسكندرية تهدف من هذا المشروع أيضاً، الإسهام فى تنقية صورة الإسلام من التشوهات التى تلصق به، وبيان زيف كثير من الاتهامات التى تنسب زوراً إلى المسلمين، من خلال ترجمة هذه المختارات إلى الإنجليزية والفرنسية، ومن ثمَّ توزيعها على مراكز البحث والجامعات ومؤسسات صناعة الرأى فى مختلف أنحاء العالم، وقبل ذلك إتاحتها لشباب المسلمين من غير الناطقين بالعربية.
وأضاف أن أشخاصا مغرضين قاموا بوضع مخطط علنى يهدف إلى تشويه صورة الإسلام فى الغرب واتخاذه عدوا عقب انهيار الاتحاد السوفيتى، مشيرا إلى أن الكاتب الأمريكى صامويل هنتنجتون أصّل لهذا المخطط علميا، فى حين نفذه الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش ونائبه ديك تشينى وأركان إدارتهم.
وقال سراج الدين إن قسمًا كبيرًا من كتابات رواد التنوير والإصلاح فى الفكر الإسلامى الحديث، خلال القرنين الأخيرين، أمثال: محمد عبده، والأفغاني، والكواكبي، ومحمد إقبال، وخير الدين التونسى، وسعيد النورسى، ومالك بن نبى، ومحمد إقبال ـ وغيرهم ـ لا يزال بعيدًا عن الأضواء، ولا يزال بمنأى عن أيدى الأجيال الجديدة فى أغلبية البلدان العربية والإسلامية، ناهيك عن الشباب المسلم الذى يعيش فى المجتمعات الغربية، وهؤلاء يتزايد عددهم باطراد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة