براء الخطيب

إبراهيم حجازى والانقلاب التاريخى فى الحضارة الكونية

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009 07:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أدر حتى هذه اللحظة هل كان الأمر حقيقة مبهرة أو مجرد كذبة أو "نصباية" أو مجرد خديعة وقع فيها ضابط المظلات القديم والصحفى الكبير حاليا إبراهيم حجازى، عندما استضاف فى برنامجه على قناة النيل الفضائية رجلا أنيقا قال إنه ميكانيكى سابق ورجل أعمال حالى، وإنه قد اخترع آلة تستطيع أن تدير محركات ضخمة تستخدم فى توليد كهرباء تكفى العالم كله وتوليد الطاقة التى تدير كل المحركات مهما كانت ضخامتها، وهذه الآلة لا تحتاج فى دورانها إلى النفط أو الكهرباء أو الهواء أو الطاقة الشمسية، وأكد على أنها تدور بالجاذبية الأرضية، وهو اختراع لو كان حقيقيا فسوف يحدث انقلابا فى الحضارة الإنسانية كلها.

كان اكتشاف قوة الطاقة التى يولدها البخار هو نقطة انطلاق الحضارة الإنسانية كلها منذ أبدى "بابان" ملاحظته الرهيبة منذ أربعمائة سنة عن أن طاقة البخار قادرة على تحريك السفن العملاقة، حيث تلقف المهندس الاسكتلندى العبقرى "جيمس وات" هذه الملاحظة الرهيبة وكان السبب فى ظهور أول سفينة بخارية فى العالم ثم تبعه الرسام الأمريكى الشهير "روبرت فلتون" الذى بنى "نوتيلوس" وهى أشهر سفينة بخارية فى العالم، ثم بدأت السفينة "كليرمونت" رحلاتها المنتظمة فى نهر هدسون، وبدأ الرسام الأمريكى "فولتون" يفكر بإنشاء خدمة منتظمة فى الأنهار الأمريكية مستخدما القوارب البخارية وقد طلب تصنيع الأجزاء اللازمة لمشروعه فى إنجلترا وقام بتجميعها فى الولايات المتحدة وشهد عام 1819 نزول السفينة البخارية الشهيرة "سافانا" التى عبرت المحيط الأطلسى ورست فى ليفربول وقد استغرقت الرحلة 27 وفى عام 1852 قامت سفن شركة "كولنز" الأمريكية بعبور المحيط الأطلسى فى عشرة أيام وكانت أول سفينة تجهز بحمامات وقد أخذت الآلات تتحسن بمرور الأعوام وحلت السفن البخارية محل السفن الشراعية نهائيا، وفى النصف الثانى من القرن التاسع عشر كانت السفن البخارية تجوب كل البحار، لكن المهندس الأسكتلندى "جيمس وات" سوف يبقى هو الأب الشرعى المعترف به فى استخدام قوة البخار فى توليد الطاقة التى كانت السبب الرئيسى فى كل النهضة الصناعية الرهيبة التى قامت عليها الحضارة الإنسانية المعاصرة كلها، بالرغم من العلاقة العلمية والصداقة الشخصية بين جيمس وات وبين الفيزيائى "جوزيف بلاك" مكتشف الحرارة الكامنة، وكان لهذه الصداقة الأثر الهام فى توجيه وات إلى الاهتمام بالطاقة التى يمكن الاستفادة منها من البخار كقوة محركة وجعل المحرك البخارى آلة تجارية ناجحة قامت عليها النهضة الصناعية كلها، بالرغم من أن الحصول على قوة البخار كان لا يتم إلا بالفحم فى البداية، ثم حدث الانقلاب الكبير فى الحصول على قوة البخار والطاقة الكهربية الضخمة باكتشاف النفط واستخدامه بدلا من الفحم، حيث قام الكولونيل الأمريكى "إدوين دراك" بحفر أول بئر نفط فى العصور الحديثة تم حفره فى "خليج النفط" قرب بلدة "تيتيوسفيل" المجاورة لمدينة بيتسبيرج، فى بنسلفانيا، فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ إنتاج النفط منذ عام 1859ولم تكن توجد مركبات فى تلك الفترة التى كان فيها السوق الرئيسى للنفط هو صناعة الأدوية، والنفـط مـن أكثر الـثروات الطبيعية فى العـالم قيمة، فسيطر تماما على كل أدوات الحضارة المعاصرة فأنواع الوقود المشتقة من النفط تمد السـيارات، والطـائرات، والمصـانع، والمعدات الزراعية، والشاحنات، والقطـارات والسفن العملاقة ومحطات توليد الكهرباء، فالنفط يوفر إجمالا قرابة نصف الطاقة المستهلكة فى العالم، كان هذا الاستطراد ضروريا لبيان خطورة الاختراع الذى قدمه لنا ضيف إبراهيم حجازى وأقسم بالله لقد ظللت متيقظا يومين كاملين أفكر فيما يمكن أن يحدث فى العالم كله وليس فى مصر وحدها، وأصابنى الهلع والخوف الشديد على سلامة هذا "المخترع العبقرى" الذى قدم للبشرية- لو صح اختراعه- ما يفوق كل ما قدمه "جيمس وات" و"فلتون" و"بابان" و"كلارك" ويفوق كل ما قدمته النهضة الصناعية التى قامت على اكتشاف قوة البخار، قامت الحروب ومازالت، ودمرت دول ومازالت، وانتهكت حرمات شعوب ومازالت، وقتل الملايين وما زالت، من أجل السيطرة على النفط ومنابع النفط الذى يحصلون عليه بأثمان باهظة، وبالرغم من أنهم يدفعون ثمن النفط إلا أنهم يقتلون البشر ويستعمرون البلاد حتى يدفعوا ثمن النفط الذى يستخدمونه فى مصانعهم العملاقة بصفته القوة المحركة، فما بالنا لو بقوة محركة مجانية تغنيهم عن النفط؟ ماذا يمكن أن يحدث لشخص يساوى ثمنه وثمن اختراعه، بل يفوق، كل آبار النفط فى العالم؟ تصورت أن كل أجهزة مخابرات العالم التى تستعمر دولها البلاد وتقتل الشعوب من أجل النفط سوف تخطف هذا المخترع العبقرى الذى جلس فى مواجهة إبراهيم حجازى على شاشة قناة النيل الرياضية يتحدث فى هدوء عن اختراعه الرهيب الذى سوف يوفر للعالم أكثر من ثلثى الطاقة التى يحتاجها لبناء الحضارة، تصورت أن المخابرات المركزية الأمريكية التى نصحت بوش باحتلال العراق من أجل النفط تجهز الآن نفسها لخطف هذا المخترع العبقرى الذى يقدم اختراعا يفوق ثمنه ثمن كل نفط العالم، تصورت أن اللوبى الصهيونى الذى يهيمن على اقتصاد الكرة الأرضية لن يغمض له جفن حتى يقضى على صاحب هذا الاختراع الرهيب الذى يجعل كل نفط العالم لا قيمة له، تصورت أن كل فضائيات العالم وكل نشراتها الإخبارية لن تكون إلا عن هذا الاختراع الذى سوف يوفر للحضارة المعاصرة كل الطاقة اللازمة لإدارة المصانع والجيوش والمستشفيات والمركبات والمنازل وأى طاقة؟ طاقة ليس بها خطر الذرة أو انفجارات المفاعلات الذرية، طاقة ليس بها عادم يلوث البيئة ويقتل البشر مثل النفط، طاقة جبارة ونظيفة ورحيمة بالإنسان وفوق كل ذلك طاقة مجانية فهى طاقة إلهية منحها الله مجانا لكل ملليمتر فى الكرة الأرضية، طاقة اسمها الجاذبية الأرضية، وتابعت برنامج إبراهيم حجازى ولم أجد تعليقا واحدا عما قدمه ولا أعتقد أنى وحدى الذى رأى ما قدمه إبراهيم حجازى، فرحمة بنا وبعقولنا نتمنى أن يفسر لنا أحد، أى أحد، ما حدث.

* كاتب روائى مصرى








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة