البوكر العربية، جائزة مثل غيرها، تساهم فى توسيع عالمية الرواية العربية، ولا شك أنها تغير معنويًا وماديًا فى حياة الفائز بها، ولكن ما أثير حولها من جدل لم يثر حول جائزة ما من قبل، يجعلنا نتساءل: هل وجود محكم أجنبى فى لجنة تحكيم البوكر هو ما يفسد الجائزة؟ وهل يتحكم فى بقية آراء أعضاء لجنة التحكيم؟
الناقد والروائى سيد الوكيل قال "لا أعتقد أن للمحكم الأجنبى تأثيرا قويا فى الحكم النقدى على الأعمال المُقدمة، ولا يرجع هذا لكونه غير متابع للمشهد الأدبى العربى، أو عدم قراءة الأعمال، بل لأنه فى النهاية مجرد "صوت واحد" إلى جانب عدِّة أصوات، وأظن أن وجوده داخل الجائزة "وجود رمزى" باعتبار أن البوكر جائزة دولية، كما أن وجوده شرفى غير مؤثر"، وأضاف "أعتقد أن وجوده ضمن لجنة التحكيم العربية يشبه المراقبين المُراسلين من الأمم المتحدة لمراقبة الانتخابات، بالتالى فوجوده ضمن اللجنة يضمن سلامة سير الإجراءات القانونية للجائزة، ولا دخل له فى الدور النقدى لقراءة العمل الأدبى".
فيما أكد الناقد الدكتور محمود الضبع على أنه ليس من الصحيح أن يكون هناك محكم أجنبى ضمن لجنة التحكيم، قائلاً: "إذا لم نكن قادرين على مراقبة سلامة الموقف بأنفسنا، فأعتقد أنه ليس من الصواب أن نستعين بأحد من الخارج"، ونفى الضبع، أن يكون وجود المحكم الأجنبى يمثل فسادًا أو غيره للجائزة، وأوضح قائلا: لكل جائزة شروطها التى ربما لا ترتبط كثيرًا بجودة العمل فنيًا، ولكنها تسعى إلى تحقيق الشروط التى رأتها فى العمل، فالأعمال التى تفوز فى جائزة البوكر ليست هى الأفضل فى الوطن العربى، ومن المفترض أن يتعامل الوعى مع الجائزة فى حدودها وليس باعتبارها أكبر من حجمها.
فيما أكد الروائى أحمد صبرى أبو الفتوح على أهمية وجود المُحكم الأجنبى ضمن لجنة التحكيم العربية واصفًا أن الجائزة فى عدم وجوده ستصبح "بزراميط"، وأرجع ذلك إلى أن "العرب لم يتعودا على تقبل الآخر، وبالتالى فإن وجوده هو ضمان لسلامة الجائزة فى نسختها العربية، والتى لابد من وجود راعى الجائزة ضمن لجنة التحكيم، فالرجل الأوروبى إذا وضع فى منظومة معينة أدى دوره بكل دقة وموضوعية، دون تحيز لآخر، وبالتالى فإن لوجوده دورا مهما جدًا إذا ما نشأ خلاف بين المحكمين العرب".
وأضاف: لا أعتقد أن وجود المحكم الأجنبى يضر بالجائزة، فالأغلبية للمحكمين العرب، وأرجع أبو الفتوح الجدل المثار حول الجائزة إلى محاولات البعض بالتأثير على أعضاء لجنة التحكيم.
وأبدى أبو الفتوح حزنه الشديد على ما حدث هذا العام وأثير حول البوكر العربية التى "فُضحت" على حد وصفه، وقال إن مستوى اختيار المحكمين أقل بكثير مما يجب، وهو مما أفقد الجائزة رونقها، وأشار إلى أنه فوجئ بأن أحد المحكمين يخطئ فى الكتابة "الإملائية والنحوية"، غير أن بعض المحكمين لا علاقة لهم بالإنتاج الروائي، وبعضهم لم يصدر له إلا عمل واحد.
وأوضح أبو الفتوح أن جائزة البوكر هى التى تضع أصحابها على عتبات نوبل، مما يضع على عاتقنا الاهتمام باختيار المحكمين، وأضاف قائلا: أنا متأكد أن السهام النقدية التى وجهت للجنة التحكيم هذا العام ستجعلهم يتداركون ما وقعوا فيه فى المرات القادمة، وأن الجائزة ستتجنب ما أثير حولها من جدل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة