فى الوقت الذى تتعالى فيه صيحات الأنين المصطنع لفئة مهاجرة.. أو فئة مقيمة ذات قلوب عمياء من أقباط مصر يشكون ـ بغرض - إلى قوى دولية تعرضهم للاضطهاد فى مصر بسبب اعتناقهم المسيحية.
وفى الوقت الذى تنتشر فيه الكنائس فى طول مصر وعرضها بكامل بنائها المشيد وبأجراسها التى تعلن دقاتها بلا انتظام فى أى وقت شاءت، كما يشهر المسيحى عن دينه علانية دون أى تحفظ بتعليق الصليب فى عنقه.
فى هذا الوقت تعلن دولة مسيحية ذات أغلبية مسيحية عن هويتها فى رفض الآخر وعدم قبوله، وتعلن بلا مواربة فى استفتاء فى سويسرا أنها ترفض وجود المآذن على أراضيها، والتى بلغ عددها أربع مآذن !!!!
أتذكر فى هذه اللحظة ساعة مشرقة مشرفة فى تاريخ الإسلام والمسلمين وتعبر عن هدى المسلمين، وهم فى أوج قوتهم، وهو هدى كله قيم الرحمة والتسامح فبعد فتح حصن بابليون فى مصر عقد صلح بين عمرو بن العاص وأهل مصر جاء فيه: "هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم" تاريخ الطبرى ج4 ص 109 من كتاب "المسلمون فى مصر" للدكتور عبد الفتاح فتحى دار الهانى أكتوبر 2009.
كما لا أتذكر ولكنى أذكر فى هذه اللحظة إعلان بوش الابن عن الحرب الصليبية تحت حملة الشعارات الكاذبة من الديمقراطية والحرية وغيرها.... حيث تحركت خطط وسياسات الدول المسيحية نحو استعمار ونهب ثروات المسلمين فى العراق وأفغانستان عبر أبحر الدماء ونهر من الأشلاء.
وفى هذه اللحظة الفاصلة يتبين لكل ذى عينين الفارق بين أخلاق القوة والقوى .......والقوة والقوى بلا أخلاق.
كما وأنه فى هذه اللحظة الفاصلة يتعرى أيضا المغرضون المخربون لهذا الوطن الذين يجيدون اللعب بالأوراق فيتظاهرون بأنهم أقلية دينية فى مصر بل ومضطهدون ويحيلون أى نزاع مدنى أو جنائى يقع بين مسلم ومسيحى.. إلى نزاع طائفى بينما قد يقع نزاع مثله بين مسلم ومسلم أو بين مسيحى ومسيحى فأسباب المنازعات أغلبها بعيد كل البعد عن أن يكون السبب اعتناق المسيحية، بينما المنازعات الأقل التى تقع بسبب اختلاف الديانة فقد غاب عن معالجتها صوت الحكمة بين الطرفين.. صوت الحكمة الذى يغلب مصلحة الوطن العليا واستقراره الأمنى والسياسى والاجتماعى ويأبى أى تدويل للموضوع أو أى تدخل أجنبى.
ويحق التساؤل هنا فى هذا المقام.. كم معتقل مسيحى فى المعتقل بسبب دينه؟ وكم معتقل مسلم فى المعتقل بسبب دينه؟
كم مسيحى تمت محاصرته اقتصاديا كما تمت محاصرة الريان؟
كم مسيحى عاجز عن المشاركة فى شئون بلده بالرأى السياسى؟ وكم مسلم يعانى الإقصاء عن المشاركة السياسية فى شئون بلده؟
إن استقراء التاريخ وقراءة الحاضر لتؤكد أن كل معانى الكراهية والشر تتوفر للمسيحيين عندما يتفوقون فى قوتهم على المسلمين..
إن بلادنا تمر بمرحلة عصيبة تحتاج إلى عقلاء وحكماء من طرفى المعادلة بين المسلمين والمسيحيين لكى يعملوا على وأد الفتنة، لاسيما بعدما تراجع دور الدولة فى القيادة الحكمية لطرفى المعادلة.
نزار محمود غراب يكتب:المآذن والكنائس بين مصر وسويسرا
الإثنين، 21 ديسمبر 2009 10:24 ص