أحمد زرزور

عن المغول الجدد.. وأطفال قطر الندى

الإثنين، 21 ديسمبر 2009 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المتابع الثقافى، وخاصة المهتم بصحافة وثقافة الطفل المصرى، أو المتابع بشكل عام، قد يندهش لإصرارى على استعادة مجلة أطفال، مجرد مجلة أطفال من الاختطاف الجديد لها، والذى دبّره أحمد مجاهد، واعتبار ذلك قضية مصيرية بالنسبة لى، وهى مجلة "قطر الندى" التى تصدرها هيئة قصور الثقافة منذ 14 عاما،وكان لى شرف المشاركة فى تأسيسها، بل وإطلاق هذا الاسم عليها، وهو ما يعرفه الجميع بكل يقين، وتأكيد، وحق، ومعرفة.

والسبب قد يكون غريبا، وسط مجتمع لم يعد يتعاطى مع الأفكار والمبادئ التى صارت متهمة بأنها شعارات "حنجورية"، أو بأنها "رومانسية ثورية" عفا عليها زمن "الفهلوة" النفعية والانتهازية السائدة الآن!
نعم، أنا "رومانسى ثورى"، ومن أصحاب الشعارات "الحنجورية"، لأننى أدافع عما أؤمن به، وأدفع ثمن ذلك بكل رحابة ورضا، حدث هذا لى كثيرا، وبالذات بالنسبة لهذه المجلة الصغيرة التى اعتبرها وطنا للأطفال الفقراء، المهمشين، المحرومين ماديا ومعنويا، أطفال الثقافة الجماهيرية فى النجوع والكفور والقرى والأحياء الشعبية، وللأطفال فى كل أرض عربية محتلة، أطفال القدس وغزة والجولان والجنوب اللبناني، إيمانا منّا: بأهمية أن يتفاعل أطفالنا مع اللحظة الراهنة على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والقومية والعالمية، وليس عزلهم عن سخونة الواقع المحيط بهم، بحجة أنهم صغار لا يدركون هذه الأمور المعقدة، وهى كلمة باطلة يراد بها باطل.

وقد تعرضت "قطر الندى" لاختطاف سابق، أثناء اشتعال انتفاضة عام 2000 إلى 2002، عندما دنس "شارون" حرم المجلس الأقصى بقدميه الهمجيتين، فخصصت المجلة 6 أعداد كاملة عن أطفال الانتفاضة، ليسرع رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها، بإخراس هذا الصوت الوطنى، وذلك باستبعادى من المجلة، متعللا بأنها تحولت إلى صفحات من الدماء والعنف، وتعيين مجلس جديد للتحرير، نجح فى تحويلها إلى مطبوعة "سياحية" فاخرة الألوان والأوراق والطباعة، لكنها "معقمة" وطنيا، فلم تقترب من أية قضية جادة، قومية أو غير قومية، وبدلا من أن تستمر صوتا للأطفال المحرومين والموهوبين، صارت "جثة فاخرة" ليس فيها غير التسلية والمغامرات المصورة وتعليم الأطفال فنون "النيو لوك" وهم أطفال المناطق الراقية بخدودهم المتوردة، وملابسهم الأنيقة، وهواياتهم الأرستقراطية التى يمارسونها فى النوادى الكبيرة، أطفال الروتارى
والليونز ونادى الشمس... إلخ إلخ، وهو ما اعتبرته خذلانا : للرسالة الأساسية والتى من أجلها أنشئت هيئة قصور الثقافة، وهى الاهتمام بمد الخدمة الثقافية إلى الجماهير المحرومة كبارا وصغارا، ورعاية مواهبهم، وهوما خطط له الرواد الأوائل لهذا الجهاز: أحمد أمين، سعد كامل، سعد الدين وهبة، مما يتطلب تكريس كل الإمكانيات والفعاليات لهذا الهدف، وعدم ترك جماهيرنا البعيدة لثقافة التطرف الدينى، والتعصب الطائفى، التى تنتشر كالنار فى الهشيم منذ سنوات طويلة، وكذلك محاربة ثقافة الخرافة التى لا تزال تضرب بجذورها السامة فى أعماق الريف المصرى وأحيائنا الشعبية.

ولأن ثقافة الطفل، لو أحسن تقديمها، هى البداية الحقيقية لبناء وعى جديد لإنسان جديد، كان لابد أن يتم حماية مطبوعة مثل" قطر الندى"، ولاحظ إسمها الشعبى المأخوذ من أسماء بنات الريف، وهو ما قصدته تماما، إنصافا للطفلة المصرية المهملة،بفتح الميم، أقول كان لابد من إبعاد هذه المجلة بالذات عن التدخل الإدارى لرؤساء الهيئة، كى لا تنحرف مسيرتها، مادام قد أوكل إلى الخبراء فى ثقافة الطفل مسئوليتها، وهو ما حدث بالفعل لفترة طويلة منذ صدورها، فى عهد الأستاذ حسين مهران رئيس الهيئة الأسبق، إلى أن هبط علينا فى الهيئة شخصان بعيدان كل البعد عن جوهر المعرفة برسالة هذا الجهاز الثقافى النوعى، ليتم اختطاف المجلة عام 2002 لأول مرة، وليتكرر هذا عام 2009 " صورة طبق الأصل".

وبالطبع ستتساءلون: ولماذا حدث هذا؟
أجيب: إن الاختطاف الأول كان وراءه طموح من المسئول الكبير لموقع سلطوى أعلى، وبالتالى كان لابد من الاستيلاء على المجلة والادعاء بتطويرها ليحظى برضا المسئولين الأكبر مكانة، وقد حقق مأربه بالفعل! أما الاختطاف الثانى فقد انطلق من رغبة ثأرية محمومة لتصفية حسابات شخصية معى فور إسناد رئاسة الهيئة إليه، وهو أحمد مجاهد طبعا، مع عدم استبعاد السبب "الباطنى" وهو ما له ايضا علاقة بطموح المشتاقين إلى مواقع أعلى، خاصة وقد أصدرنا عدة أعداد لمواكبة أحداث الحرب على غزة " نفس السيناريو والأحداث تعود من جديد.. يا للدهشة!".

والآن: هل عرفتم سبب إصرارى على استعادة "قطر الندى" من خاطفيها؟ ليس السبب كما قد يدّعى أو قد يعتقد مجاهد أنها المكافأة الهزيلة التى كنت أتقاضاها، والتى جعلته يتهمنى فى شريط مسجل ب" عدم التعفف" أى والله يقول هذا من أصدر لنفسه قرارا سبق أن اكتشفته إحدى الصحف، بتخصيص مبلغ 500 جنيه نظير الجلسة الواحدة لسيادته فى مهرجان ما، وهو ما يعادل ثلثى المكافأة التى كنت أتقاضاها شهريا،نظير إصدار مجلة نصف شهرية طوال العام، وأسبوعية خلال شهور الصيف الأربعة!
فمن منا المتعفف أيها السادة؟
هذه حكاية" قطر الندى"، تلك المجلة سيئة الحظ فى هيئة منكوبة، يتحكم فى مقدراتها بعض المحظوظين من شلة الوزير الفنان، والذين يهبطون علينا، بين فترة وأخرى كالمغول: أعداء المعرفة وقتلة الأطفال، وخاصة أطفال "قطر الندى"!






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة