شريف حافظ

حل عملى لإزالة الألغام من مصر

الإثنين، 21 ديسمبر 2009 07:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سنة 1945، وحينها كانت مصر ومن جراء دخول قوات المحور والحلفاء فى معارك على أرضها، من أكثر دول العالم تضرراً بمشكلة وجود الألغام فى تربتها. فوفقاً لورقة مُعدة ومنشورة من قبل وزارة الخارجية المصرية فى سنة 2006، هناك "ما يربو على 22,7 مليون لغم وأجسام أخرى قابلة للانفجار تم زرعها على الأراضى المصرية إبان الحرب العالمية الثانية، مما يمثل ما يزيد عن 20% من إجمالى الألغام المزروعة فى العالم، ومنها حوالى 17,2 مليون بمنطقة العلمين بالصحراء الغربية. ورغم ضخامة هذا العدد فلا يجب إغفال أن القوات المسلحة المصرية قامت وحدها بتطهير 3 ملايين لغم من مساحة 38730 هكتارا فى الصحراء الغربية منذ عام 1981 حتى الآن".

وتقف تلك الألغام، عائقاً لحركة التنمية المصرية فى قطعة إستراتيجية ومهمة من التراب المصرى، وفى لحظة تُعد الأهم فى تاريخ مصر، من أجل تغيير البلاد للوصول إلى مبتغى التقدم ورفعة مصر إلى مناص دول تستحق أن تكون معها فى نفس المكانة. ولذا، فقد بحثت فى الأمر، لأُشارك صانع القرار فى كيفية المساهمة، كمواطن، فى هذا المسعى الحكومى الحثيث، للتخلص من تلك الألغام وتنمية البلاد بما يزيد الدخل القومى الإجمالى والعائد على الوطن والمواطن فى الأمة المصرية.

ومع البحث فى هذا الأمر، أعتقد أنى وجدت أحد الحلول، وهو حل عملى لإزالة الألغام من مصر، يمكن استقاؤه مما قامت به بعض الدول الأفريقية الصديقة، والتى يُمكننا أن نعتمد تجربتها فى الوصول إلى ما نطمح إليه من هدف. فيمكننا تطبيق الحل المعمول به فى كُل من تنزانيا وموزمبيق، من خلال استخدام نوع معين من "الفئران" لكشف الألغام.

والقصة، هى أن بارت ويتجنس Bart Weetjens، وعندما كان صغيراً كان يُحب تربية الفئران. ومع الوقت نسى تلك الهواية، ولكنه وعندما كبُر، تذكرها عندما أدرك جدية مشكلة الألغام المطروحة دولياً. فوفقاً لتجربته فى الصغر، كان يعرف أن الفئران بما لديهم من حاسة قوية على الشم والقدرة على التدريب، يُمكن أن يُمثلوا وسيلة أرخص وأكثر فاعلية ووفرة، للكشف عن الألغام. ومن ثم سمى بارت تلك الفئران التى تشم رائحة الألغام "بالفئران الأبطال Hero RATS"، لكونها تضحى من أجل بنى الإنسان! وبدأ بارت وآخرون فى البحث فى تلك التقنية فى بلجيكا، وعندما أثبتت الفئران أنها وسائل فعالة فى مكافحة الألغام، انتقلت مؤسسة "أبوبو APOPO" (لم أجد اختصار اسم المؤسسة) التى أنشأها بارات، للعمل بتنزانيا، حيث هناك إمكانية لتدريب الفئران بالقرب من مناطق تُعانى المُشكلة أصلاً. وقد انتقلت أبوبو إلى مدينة موروجورو Morogoro، بتنزانيا، ومقرها اليوم فى جامعة سوكوينى للزراعة Sokoine University of Agriculture، حيث يتم تدريب الفئران الأبطال على الكشف عن الألغام.

لقد فكر بارت ويتجنس سنة 1996، فى استخدام القوارض، لاكتشاف الألغام كنتاج استكشاف وتحليل لتلك المشكلة على النطاق الدولى. وحصل على دعم مالى أولى من الإدارة العامة البلجيكية للتعاون الدولى Belgian Directorate for International Co-operation (DGIS)، فى العام 1997، لتطوير المشروع المتعلق بالفئران كمكتشفى ألغام. وهكذا بدأ المشروع الذى نجح لينتشر فى كل من تنزانيا وموزمبيق، بإدارة مركزية فى باجيكا.

ويتم تدريب الفئران من الصغر على اكتشاف رائحة تلك الألغام، حيث إن تلك الفئران وزنها خفيف، ولا تنفجر باللغم مثل البشر. ويقوم شخص بالإمساك بالفأر من خلال عصا تربط فى حبل طويل، حيث يدخل الفأر حقل الألغام ويبحث، عن الرائحة التى تم تدريبه على اكتشافها، ليجد اللغم ويحفر عليه برجله مرتين، تدليلاً على أنه وجده. هنا يُعطى الفأر مكافأة، يمكن أن تكون فاكهة الموز أو الفول السودانى، ومن ثم يمكن استئصال اللغم من خلال مُدربين يمكنهم أن يزيلوه من الأرض بطريقة احترافية، لا يُصابوا فيها بأى أذى. وبعد أن يقوم الفئران باستكشاف الألغام فى المنطقة المحددة، حيث تقسم الإقليم الموجود به الألغام إلى مناطق مختلفة، يقوم فريق من المختصين بإزالة الألغام بالدخول فى تلك المنطقة، لتأكيد خلوها من تلك الألغام باستخدام الكاشفات المعدنية. وبالتالى تنقى كل منطقة تدريجياً من أى خطر.

إن تدريب الفئران البطلة، يستغرق من 8 إلى 12 شهراً فى المتوسط. ويتم تدريبها من خلال استخدام وسيلة بافلوفيان Pavlovian التى تعتمد على الربط بين شيئين يحفزا الحيوان على العمل. وهنا يتم الربط بين الحفر فوق اللغم عند إيجاده والمكافأة الممثلة فى فول السودانى أو ثمرة الموز، التى يتلاقاها الفأر عند إيجاد اللغم. ولذا، فان الفأر ومع بداية التدريب، يتعلم أن يربط بين الاستماع إلى صوت معين يُحدثه اللغم من تحته والمكافأة التى يتلقاها.

والأسباب فى اختيار هذا النوع من الفئران الضخمة بعض الشئ، والتى يُسمى الواحد منها بالفأر الجامبى المتوسط Gambian pouched rat، تكمُن فى أنها لديها حاسة شم عالية للغاية، وسهلة التربية والتدريب، وصغيرة ورخيصة وسهلة النقل، ومنتشرة وتستطيع التواؤم فى أكثر من مكان وبمجرد التدريب والتعلم تحب أن تكرر العمل مع المُكافأة، ويمكن إنتقالها بسهولة بين المدربين وإطاعتهم جميعاً على عكس الكلاب الوفية للشخص الواحد.

لقد دخلت أبوبو APOPO، فى شراكات مهمة وكثيرة مع كلٍ من جامعة أنتروب ببلجيكا، ومركز جنيف الدولى للكشف الإنسانى عن الألغام، وقوات الدفاع التنزانية، والجيش الأمريكى والبنك الدولى، وهو ما يدل على أهمية تلك الشركة بالفعل. وأعتقد أننا يمكن أن نتشارك معها أيضاً فى سبيل القضاء على الألغام فى مصر أوربما نستطيع نقل تلك التجربة فى إجمالها، بحيث نطبقها فى مصر. إننا من أكثر الدول تضرراً من جراء الألغام، وتُعرقل تلك الأنواع من القنابل الحياة السليمة فى مناطق تواجدها كما تعرقل التنمية فى منطقة عزيزة من مصرنا. وتؤكد ورقة وزارة الخارجية السالفة الذكر، أن "إجمالى الخسائر البشرية منذ عام 1982 فى نطاق الصحراء الغربية بلغت 8313 فردا، منهم 696 قتيلا و7617 جريحا مصابا، بجانب وجود الكثير من الحالات غير المسجلة. كما بلغت الحوادث المسجلة لانفجار الألغام أكثر من 50 حادثة".

إن استخدام هذه الطريقة، يمكنه أن يوفر على مصر عشرات المليارات من الدولارات، التى يمكن أن تحتاجها الطريقة التقليدية لإزالة الألغام. وبالإمكان أن تقوم الدولة باتصالاتها من خلال سفارتها بتنزانيا والمركز الرئيسى لأبوبو للقيام بالعمل على إزالة كافة الألغام فى مصر فى وقت قياسى، يمكنه أن يفتح الطريق لمشاريع واستثمارات جبارة، يُمكنها أن تزيد من فُرص العمل والدخل القومى الإجمالى، بحيث ترتقى بالوطن والمواطن إلى أفاق أفضل بكثير مما مضى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة