قالت صحيفة الصنداى تليجراف أن مسيحيى الشرق الأوسط يواجهون عيد ميلاد غامضا هذا العام، إذ يهدد الخوف والمستقبل الغامض سكان المنطقة الذين يعتنقون المسيحية منذ قرون.
وتفرد الصحيفة مساحة واسعة لرصد واقع الاضطهاد الذى يعانيه مسيحيو الشرق الأوسط، وتذكر أن فى مصر تم إحراق سلسلة من المحال التجارية المملوكة لأقباط فى أعمال شغب نشبت بمحافظة المنيا فى صعيد مصر قبل شهر، مشيرة إلى أن الأقباط يعيشون حالة مستمرة من الخوف.
وفى حين يحتفظ الرئيس مبارك الذى يحظى بدعم غربى أمريكى بقبضة محكمة على خصومه بجماعة الإخوان المسلمين وغيرها من المنظمات الإسلامية فإن المجتمع المسيحى يعد هدفا سهلا لهجمات انتقامية.
وفى بعض الأحيان تتحول النزاعات المحلية إلى صراع مثل حادث قنا حينما اتهم شاب قبطى باغتصاب مسلمة، ولكن فى بعض الأحيان يكون العنف بسبب دينى مباشر، ففى العام الماضى قام مسلمون بأعمال شغب ضد كنيسة جديدة كان من المقرر بناؤها فى عين شمس ولا تزال الكنيسة مغلقة حتى الآن.
وتقول الصحيفة إن منطقة الشرق الأوسط ستشهد عددا أقل من المسيحيين يحتفلون هذا العام بعيد الميلاد، فالمنطقة التى كانت مهد المسيحية تشهد حركة نزوح يوميا غير مسبوقة لضحايا الإسلام الراديكالى والأزمة الاقتصادية العالمية وتيارات جديدة من الشعور الطائفى من كل من العرب واليهود على حد سواء.
وفى بيت لحم على الرغم من إضاءه أنوار الكريسماس لكن المسحيين المقيمين هناك تضاءل أعدادهم من أربعة أخماس السكان من الحرب العالمية الثانية إلى الربع اليوم، وتم إغلاق بعض متاجرهم حيث صعوبة العمل فى الضفة الغربية.
ويشتكى إلياس جقمان عامل حفر على الخشب من سوء أوضاع مسيحيى فلسطين حيث تدهور صناعتهم وخفض القوة العاملة من 18 إلى 6%، خاصة بعد الانتفاضة وثلاث أو أربع سنوات من حظر التجول بعد ذلك حرب لبنان والأزمة الاقتصادية والجدار الأمنى.
وحكايات البؤس هذه تتكرر فى كل المدن والمناطق المجاورة، ففى القدس يقوم اليهود الأرثوذكس بالبصق على المارة مرتدى الصلبان، وفى بلدة فلسطينية بقطاع غزة يتم إلقاء القنابل على محلات المسيحيين.
وقد فر ما يقرب من 600 ألف عراقى مسيحى خارج البلاد منذ عام 2003 فى حين انتقل مئات الآلاف إلى مناطق أكثر أمنا فى الشمال وتم إجلاء الطوائف المسيحية المزدهرة بالموصل وبغداد ومدينة البصرة جنوب العراق.
ويقول مايكل مارودى الذى فر إلى إستراليا، إن ابن عمه كان يمتلك محالا لبيع الخمور خلال حكم صدام العلمانى إلا أنه بات هدفا للنار بعد أن سيطرت الميليشيات الإسلامية على البلاد، حيث تم خطفه وقتله.
ويضيف مارودى "أن رسام كاريكاتير قدم كرتونا مسيئا للرسول وإذ يتم تفجر الكنائس فى العراق، وفى حين يتحدث البابا عن المسلمين والمساجد فى ألمانيا ثم يتم تفجيرنا بعدها بيومين أو ثلاثة أيام "نحن أكبر الخاسرين فى هذه الحرب".
وكانت صحيفة التايمز قد ذكرت أن مسيحيى العراق هم الفئة الأكثر تعرضا لخطر الانقراض من البلاد، فإنهم أكثر الجماعات التى تغادر العراق بسبب العنف.
ورصدت الصحيفة حوادث العنف التى وقعت مؤخرا مستهدفة مسيحيى العراق، ففى الأسبوع الماضى عقد 100 من قادة المسيحيين والسياسيين من جميع الأديان إجتماعا طارئا قبل اندلاع أعمال العنف بمدينتى الموصل شمال العراق والهجوم على كنائس ومدارس مسيحية.
وقتل طفل رضيع و40 شخصا مسيحيا يوم الثلاثاء، وأصيب تلاميذ من المدارس بجروح فى ثلاثة تفجيرات متزامنة، ومنذ يومين قتل مسيحى بالرصاص حينما كان متوجها إلى عمله.
وتنقل الصحيفة عن فادى عامل كهرباء طلب عدم استخدام اسمه الحقيقى، "إن الوضع فظيع" مضيفا "معظم المسيحيين يبقون بالمنزل، ومن يفضل الخروج يواجه نهايته". وفى أواخر عام 2008 قامت الجماعات المتمردة بمدينة الموصل بقتل 40 شخصا مسيحيا ما دعا إلى فرار 12 ألف من منازلهم.
كما يتعرض المسيحيون فى كركوك شمال البلاد إلى عنف المتمردين أيضا، إذ تعرض الكثيرون منهم خلال الأشهر القليلة الماضية للخطف وكما يزداد العنف قبيل الانتخابات فإنهم يخشون مضاعفة الهجمات.
وترى التليجراف أن تزايد الإسلام الراديكالى ليس العامل الوحيد لتضاؤل عدد مسيحيى الشرق الأوسط من 20% منذ قرن من الزمان إلى 5%، حيث يعانى المسيحيون فى الأراضى المحتلة جنبا إلى جنب مع المسلمين من السياسات الإسرائيلية وآخرها بسبب الجدار الأمنى الجديد.
ويزعم الكهنة العربيون أن إسرائيل تعمدت أن تغض الطرف عن العنف ضد المسحيين، إذ إنها تريد أن تصور صراعها على أنه نزاع يهودى إسلامى، ويؤكد الأب أثانسيوس ماكرو أن مسيحيى فلسطين يعانون من مضايقات واضطهاد اليهود المتطرفين لهم مشيرا إلى قيام الشباب اليهودى المتشدد بالبصق على كل من يرتدى الصليب وأنه شخصيا تعرض لهذا الحادث عدة مرات خلال الأشهر الستة الماضية.
وفى أقصى الطرف الآخر، يتعرض المسحيون فى غزة للحصار وهجوم المتطرفين الإسلاميين الذين يستهدفون المكتبات المسيحية ويقتلون أصحابها، وعلى الرغم من تنديد حركة حماس المسيطرة على القطاع بهذه الحوادث إلا أنهم لم يفعلوا سوى القليل.
مسيحيو الشرق الأوسط يواجهون عيد ميلاد غامضا هذا العام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة