نشعر جميعاً بالحزن والأسى ونشاطر أهالى ضحايا قطار العياط الأحزان، ونأمل أن نستفيد من الأخطاء الجسيمة ونتحاشى الإهمال وحالة الفوضى التى اعتبرها السبب المباشر لهذه الكارثة وغيرها من الكوارث التى أصبحت شيئا عاديا وطبيعيا فى هذا البلد.
وسؤالى الذى أود طرحه ولا أجد له إجابة أبداً لماذا لا نتعلم من أخطائنا المتكررة فى الحوادث وسوء إدارة الأزمات التى تواجهنا وهى لا تعد ولا تحصى ويكون ضحيتها آلاف من الأبرياء، ولماذا – مثلا – لا يتم إنشاء وزارة أو هيئة يكون دورها إدارة الأزمات فى جميع المجالات ووضع سياسات عامة وتتابع تنفيذها تكون ملزمة لكافة الوزارات والجهات التابعة للدولة.
مشكلتنا أن التفكير يكون فى حل الأزمة وإدارتها وقت وقوع الكارثة فقط، فيجب يا سادة وضع خطط مستقبلية وعمل دراسات لتوقع حدوث الكوارث والأزمات والعمل على أقل تقدير للحد منها و ليس منعها تماما.
ومن الظلم تحميل مسئولية جميع الكوارث فى قطاع النقل لوزير النقل المستقيل محمد منصور – وإن كنت لا أعفيه تماماً منها– فلا يمكن أن يتحمل أى وزير مسئولية موظف مستهتر غير جدير بتحمل المسؤلية، ومن الظلم أيضاً أن نتصور أن الوزير قادر وحده على إصلاح أوضاع وتغيير أفكار فى ظل مناخ تفشى فيه الفساد والتسيب واللامبالاة فالقضية أكبر من ذلك بكثير، فحادث قطار العياط هو مجرد حلقة من سلسلة حلقات الأزمات والكوارث التى نمر بها والفشل دائما فى حلها وتجنب حدوثها مستقبلاً هذا فى مجال الدفاع عن الوزير، أما الخطأ الذى وقع فيه وزير النقل السابق أنه كرس جميع إمكانيات وزارته فى عمل سلسلة إعلانات فى التليفزيون المصرى أوحت للمتفرج أن الشعب المصرى "حرامى" ومخرب بطبعه، وأنه السبب فى وصول القطارات لهذا المستوى المتدنى، وأنه السبب أيضا فى كل حوادث القطارات، فلن يصدق شخص عاقل أن المواطن هو الذى يسرق أبواب وشبابيك القطارات المتهالكة ويسرق الحنفيات "إللى عمرنا ما شوفناها" وهو السبب فى عدم صيانة القطارات وعدم تدريب السائقين ووصولهم لهذا المستوى من الناحية الصحية والنفسية والاقتصادية.
فبدلاً من تحميل المواطن بجميع السلبيات الموجودة والإهمال والفساد – وإن كنت لا أعفى المواطن من الإهمال – فيجب على المسئولين أولاً معالجة أوجه القصور وإيجاد حلول للأزمات والكوارث حيث لم يعد المواطن يتحمل المزيد من التقصير واللامبالاة إلا إذا كان بعض المسئولين يتمنون انقراض المواطن المصرى واستيراد مواطن يابانى.
من ناحية أخرى وقبل أن أختم حديثى أوجه تحية وتقدير للوزير السابق محمد منصور الذى كتب اسمه بأحرف من نور ليس فى مجال النقل المواصلات، بل بسبب جرأته فى تقديم استقالته وتحمله للمسئولية التى سبق أن ذكرت أنه لا يتحمله وحده، ودليل على أنه بالبلدى "راجل شبعان" لا يلهث وراء المناصب وأعلن مسئوليته عما حدث أما الطائفة الأخرى من المسئولين فقد تبلدت مشاعرهم ولا يعرفون عن المسئولية إلا اسمها فقط، أما المعنى الحقيقى لها فهم لا يعرفون عنه شىء ولا يقرءون عنها إلا فى كتب التاريخ!!!
وإلى لقاء آخر فى كارثة أخرى إلى أن ينصلح الحال أو يستقل بعض المسئولين قطار العياط القادم من ترب الغفير والمتوجه إلى الآخرة، على أن يتم سداد التذكرة يوم الحساب إن شاء الله "بس يومها مش هيقدروا يزوغوا".
للحديث بقية إن كان فى العمر بقية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة