صفوت صالح الكاشف يكتب: الجزائر كمان وكمان

الأربعاء، 02 ديسمبر 2009 02:29 م
صفوت صالح الكاشف يكتب:  الجزائر كمان وكمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل رأيتم ما حدث فى المباراة النهائية بين مصر والجزائر فى أم درمان ؟؟ هل كان أحد منا يتوقع قدرا مما كان.

وهل ما حدث كان شيئا طبيعيا ؟؟ هل ما حدث على المستوى الشعبى (المشجعين للفريق الجزائرى)... وعلى المستوى الرسمى (الحكومة الجزائرية)...... كان أمرا طبيعيا يمكن التسليم به كبدهية وأمر وارد الحدوث؟؟

الإجابة لا!! إذن ما أسباب التداعيات الأخيرة؟؟ وهل كان من الممكن أن نتلاشى ما حدث؟؟

الجزائر، وكما هو معروف، كانت من أكثر الدول العربية معاناة من الاحتلال. فالاحتلال الفرنسى ظل جاسما على صدر الجزائر لمائة وثلاثين عاما، كانت باريس تفترض أن الجزائر هى أرض فرنسية، وأن البحر المتوسط ليس أكثر من معبرة أو قناة مائية _ محدودة _ لا يمكن أن تشكل فاصلا يمنع تواصل البلدين.

ولمن لم يعايش أيام الاحتلال تلك، ويلمس مدى المعاناة التى عاناها الشعب الجزائرى، نقول بأن أبناء الجزائر الأبطال قد تصدوا للاستعمار الفرنسى، وإلى الدرجة التى جعلت جيش الاحتلال يتمادى فى تعذيب أبطال المقاومة الجزائريين، وعلى رأسهم جميلة بو حريد ورفاقها الأبطال إلى درجة التشويه نتيجة التعذيب الشديد والممارسات البشعة. لقد نبت فى هذه الفترة أبطالا ساهموا فى تحرير الجزائر، من أشهرهم أحمد بن بيلا، وهوارى بومدين اللذين صارا رؤساء للجزائر فيما بعد على التوالى، ويأتى الرئيس الحالى للجزائر، وهو الرئيس / بوتفليقة.. كأحد من ساهموا فى حركة التحريرالوطنى الجزائرى.

وعن الدور المصرى وقتها، كانت مصر ممثلة فى شخص الرئيس / جمال عبد الناصر... وهو أحد دعاة القومية العربية، وأهمهم على الإطلاق...... أقول كان لمصر دور بارز فى دعم حركة التحرير، ومدها بالسلاح، وإلى الدرجة التى أثارت وقتها ثائرة فرنسا المحتلة للجزائر، والتى آلمها أن ياتى الدعم للمقاومة من الشرق وتحديدا وبصفة أساسية من مصر...

فى عام 1956م قام / جمال عبد الناصر، بتأميم قناة السويس، كرد فعل على إعلان البنك الدولى عن عدم تقديم الدعم المالى لمصر لبناء السد العالى وقتها.
إذن ها هى الفرصة قد سنحت لفرنسا للانتقام من مصر، ومن هنا جاءت مشاركتها فى العدوان الثلاثى على مصر من قبل ثلاث دول هى (إنجلترا- فرنسا- إسرائيل).... وطبعا نهاية هذا العدوان كانت الهزيمة لهذا التحالف.. وانتصرت مصر وقتها انتصارا سياسيا لا عسكريا بعد تدخل روسيا (الإنذار النووى).. وتدخل أمريكا أيضا..

وماذا عن الجزائر.... لقد تحررت أخيرا من الاستعمار، ولكن كان لهذا التحرر تبعات نفسية معينة، وتبعات ديموغرافية شكلت ومازالت تشكل مسارات الأحداث وحتى الآن.

وعن التبعات النفسية أرى البعض- هناك - مازال يعيش فى حالة دفاع (سلبى) عن الذات، دفاع خفى كامن تحت الجلد، وإلى الدرجة إلى دفعت بالمسئولين هناك إلى إرسال طائرات سى130 الحربية، لنقل المشجعين إلى السودان..ولا تفسير لهذا المسلك سوى أن الأمر فى معالجته هناك، لا يحتمل لنتيجة _ ماتش كرة _ سوى أن يكون الانتصار.... نعم الانتصار وبأى ثمن حتى لو كان الثمن اهتراء العلاقات السياسية، والشعبية كما حدث.

وماذا عن التبعات الديموغرافية للاحتلال.

أدى الاحتلال.... إلى اكتساب البعض من الجزائريين للجنسية الفرنسية على أساس المبدأ الفرنسى (مبدأ البلد الواحد)..... وترتب على ذلك إمكانية العيش والعمل فى فرنسا، من قبل الجزائريين ... ولكن أى عيش هذا ؟؟

إنه العيش المتاح للمهاجرين غير المستقرين نفسيا واجتماعيا... فهناك معاناة لاشك، وهناك المواطنة الفرنسية للمواطن الجزائرى، ولكنها مواطنة من الدرجة الثانية بصفة أكيدة. أسهبت إحدى الوثائق، فى التعبير عن تلك المعاناة.... وهذه المعاناة ألقت بظلالها على جزء لابأس به من شخصية بعض الجزائريين، أولئك الذين لم تنقطع صلاتهم بالوطن الأم... فالصلات ما زالت قائمة، وهناك عبور فى كلا الاتجاهين من وإلى (الجزائر _ فرنسا).

وماذا عن اللغة هنا ودورها الأكيد.... إن اللغة هى الوعاء الذى ينقل المشاعر والأفكار والآراء والمبادئ، والفلسفات، ولابد لمن يرغب العيش منهم فى مستو لائق أن يتنازل عن لغته الأم (اللغة العربية) ويتكلم بلغة ثانية....... فيتكلم إذن بلغة أجنبية، وليكن انتماؤه هنا فرنسيا ولو لاشعوريا.

فى بداية نهاية الاحتلال الفرنسى للجزائر بإعلان الرئيس الفرنسى الأسبق (ديجول) حق تقرير المصير للجزائرى، كان المصريون الذين يذهبون بدعم كامل من الحكومة المصرية _ وقتها _ يعانون الأمرين جراء تحدث الجزائريين باللغة الفرنسية. وهذا ما تنبه إليه /أحمد بن بيلا...... وهو من أعظم الثوار الجزائريين، وأقربهم لمصر وقتها، مصر / جمال عبد الناصر، مصر القومية العربية ........ ولولا أحمد بن بيلا ما تحدثت الجزائر بالعربية تارة أخرى، فهو من عمل على استقدام المدرسين العرب إلى الجزائر، خاصة المصريين منهم.......

الآن صارت هناك أجيال وأجيال تتحدث بالعربية ببركات من مجهودات المدرسين المصريين الذين كانوا من الرواد الأوائل نحو بعث اللغة العربية من مرقدها طوال 130 عاما هى عمر الاحتلال الفرنسى للجزائر.

وماذا بعد ؟؟ صار الآن أمرا لازما لنا_ بعد الأحداث الأخيرة _ أن نمتنع تماما عن أى مساجلات رياضية أوغيرها حتى تمر فترة زمنية طويلة للغاية، يمكن فيها للشخصية الجزائرية أن تجتاز بعضا مما هو ماثل فيها من هنات.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة