محمد حمدى

إعلام باتا.. الريادة سابقا

الأربعاء، 02 ديسمبر 2009 12:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو مبنى الإذاعة والتليفزيون على كورنيش النيل فى القاهرة أشبه ما يكون بشركة باتا قبل خصخصتها، لا تنتج سوى نوعية رديئة من الأحذية الرياضية "كاوتش" كنا نتزاحم ونقف فى الستينات والسبعينات فى طوابير تمتد لعدة ساعات من أجل الحصول على "جوز جزمة"، لأنه لم يكن أحد فى مصر يصنع أحذية رياضية أخرى، لكن حين دخل القطاع الخاص هذا المجال، لم يعد أحد يذهب إلى باتا فتحولت إلى مصانع عاطلة ومحلات فارغة، فباعتها الحكومة.

هذا هو حال الإعلام الرسمى الحكومى مثل شركة باتا بعد أن هجرها المشترون، ولم تعد منتجاته صالحة للمشاهدة ولا حتى للبث، وفشل فشلا ذريعا فى مواجهة القنوات الخاصة المصرية والفضائيات العربية، ولم يفلح هذا المبنى الطويل العريض الذى يضم أربعين ألف موظف وتزيد ديونه على 7 مليارات جنيه فى التصدى لقناة بحجم الجزيرة، تصدر من مبنى صغير فى دولة صغيرة ويعمل بها عدة مئات من المحترفين.

ومع ذلك يصر المسئولون عن الإعلام المصرى على الحديث عن الريادة، وكأنها ماركة مسجلة، ناسين أو متناسين أن الريادة حينما لا تأخذ بعوامل الحداثة والتطوير، تبدو مثل الأحذية الكاوتش التى كانت تصنعها شركة باتا فى الستينات والسبعينات.

بالأمس كتبت عن دولة قطر وقناة الجزيرة التى أصبحت القناة الإخبارية الأولى فى العالم العربى، رغم سياستها غير الواضحة، والرغم الدور التدميرى الذى تؤديه فى العالم العربى، لكن السؤال المهم هل هذا دليل على عبقرية العاملين فى تلك القناة والمسئولين عنها؟.. أم أنه مؤشر على خيبتنا القوية؟

والإجابة التى لا تحتمل أى اجتهاد هى أن إعلامنا تراجع، لإصرارنا على إدارته بطريقة القطاع العام الذى عفا عليه الزمن، وبينما يتراجع عدد مشاهدى التليفزيون المصرى كل يوم، لا نجد سوى حرب طاحنة يصر المسئولون فى التليفزيون على خوضها ليل نهار مع المحطات المصرية الخاصة، وكأن الهدف أصبح تحطيم هذه القنوات وليس الارتقاء بالتليفزيون الحكومى الذى يموله الناس ويدفعون من ضرائبهم مليارات الجنيهات سنويا لهذا الجهاز الذى يثبت يوميا أنه فاشل وغير قادر لا على النجاح.. ولا على المنافسة.

مصر تستحق إعلاما أفضل من الحالى، وتليفزيونا محترفا يعبر عن اهتمامات الناس الحقيقية، وبرامج جادة بدلا من الإفراط فى المنوعات والهلس اللذين أصبح شعار التليفزيون الرسمى.. وحتى يتحقق ذلك سيظل تليفزيوننا أشبه ما يكون بشركة باتا قبل بيعها.. فإذا كانت الدولة غير قادرة على صناعة تليفزيون حقيقى فلماذا لا تبيعه لترتاح وتريحنا؟!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة