فى مقالى الماضى بعنوان "مشاعر جميلة تؤدى لكوارث كثيرة" كنت ضد المذيعة ريهام سعيد بعض الشىء فى تناول المواضيع وعرض الفضائح عبر الشاشات.
ولكنى اليوم فى مقالى هذا أتفق معها فيما تم عرضه فى حلقة يوم الأربعاء الموافق 9 ديسمبر 2009 م، لأنها عرضت مأساة حقيقية لصبايا أولاد الشوارع اللاتى لا يختلفن عن صبايا أولاد الذوات ولا عن صبايا الفن.. إلخ من ناحية الجمال، ومن ناحية حقهم فى هذا البلد فهن لهن حق كأى مواطن عادى.
أتفق لأن الفقر رغم كل ما ينتج عنه إلا أنه فى الآخر لا يمثل عيباً أو شيئا نخجل منه كمصريين، وحلقة اليوم نفسها هى صورة للفقر وصورة مؤسفة أيضاً للحكومة المصرية وعجز القانون المصرى ونظرة مجتمع سلبية ومهينة لأولاد الشوارع الذى كنا جميعاً سبب فى وضعهم المتردى الذى لا يرض الله سبحانه وتعالى.
أين دور الحكومة فى نشل صبايا الشوارع من على أرض الوطن، الأرض التى ارتوت بدماء عفتهم بعد ما كانت أرض رواها النيل ودماء الشهداء؟
هل دور الحكومة هو الإلقاء بالتهم على هؤلاء المظلومين مهما فعلوا ومهما زادت أخطأهم؟ لدرجة أن هؤلاء الصبايا وجميع أولاد الشوارع يتخفون عن أعين الحكومة خوفاً منهم رغم أن من أهم أدور الحكومة والشرطة هو حماية هؤلاء!!
ما هى مشاعر رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة عندما يريا بأعينهم رجلا مسنا لا يقدر على الكلام لا يوجد فى جسده عضو سليم لا يستطيع الحركة نائم فى الشوارع دون طعام ودون غطاء فى برد الشتاء القاتل، وعندما تسأله المذيعة "عايز أيه؟ عايز أموت" هذا هو الرد المباشر الخالص النية لرجل تجرع كل أنواع المرارة من حكومته وأهله ووطنه الرجل يرى أن الموت هو أفضل حل.
عرضت عليه المذيعة أن تعطيه فلوس رفض وقال "أعمل بها أيه" أتمنى أن هذه الجملة يسمعها الجميع وبالأخص رجال الأعمال الذين بإمكانهم دفع مبالغ باهظة لقضاء ليلة واحدة على هواهم وهم يعلمون أن هذه المبالغ تستطيع أن توفر لكثير من هؤلاء عيشة كريمة، ولكنها لا تستطيع تغير القدر ولا الساعة.
لابد من تغيير نظرة المجتمع لأولاد الشوارع ولابد من معاملة هؤلاء كأى إنسان عادى هؤلاء ليسوا متسولون بقدر ما هم مجبرين على هذه العيشة غير الكريمة مجبرين من الجميع ومن آبائهم الذين يغلقون كل الأبواب فى وجههم ومن أهم هذه الأبواب باب الرحمة، لابد أن تكون الحكومة أرحم على هؤلاء من آبائهم وألا تتعامل معهم على أنهم مروجون ومتعاطون للمخدرات وإن كانوا هكذا بالفعل فلابد أن نعمل على العلاج لكى نقضى على هذه الظاهرة التى زادت إلى حد كبير فى الأعوام الأخيرة وعلى حد قول إحدى صبايا الحلقة أن أكثر من يتعاطون المخدرات هم أولاد الذوات أصحاب المنازل والسيارات والوظائف أما هؤلاء لا يحصلون على الطعام إلا بطلوع الروح فكيف الحصول على المخدرات.
لابد من وضع قانون صارم وعقوبات مشددة لأولياء أمور أولاد الشوارع ولا يسمع لهم ولا يقبل لهم مبررات ولا أعذار.
لابد أن نشعر هؤلاء بأنهم بشر ولابد أن نوفر لهم الحماية وأن نزرع الطمأنينة فى قلوبهم من ناحية أقسام ورجال الشرطة.
لابد من إصدار أوراق تثبت شخصية هؤلاء لأن عدم وجود هذه الأوراق يعرقل سعيهم تجاه العمل ثم مدارس لتعليمهم أو فصول خاصة على الأقل لمن يرغب التعليم منهم لكى ننهض بهذه الأمة.
لابد أن الحكومة تضع هذه الظاهرة فى أولويات الأجندة الخاصة بهم وأن يقوموا بعمل بطاقات انتخابية لهؤلاء لرفع من معنوياتهم ولأنهم لهم حق الرأى والتصويت، وأن يعملوا على توفير عمل لهم بعد الخروج من دار الرعاية التى ينتهى دورها عند سن الواحد وعشرون ، سن الخطر والأنوثة والرغبة والنمو.
السيد رئيس الجمهورية الصورة ليست كما تعرض على سيادتكم أرجوك أن تهتم أنت شخصياً بالتعليم وأولاد الشوارع والفلاح والزراعة وتعيين من يحب الوطن فى الحكومة وهذا أهم من هذا وذاك وأهم من كل ما ذكرت فى مقالى لأنه هو الحل لكل ما يحدث فى مصر لكى نعثر على من يسمع لنا ويشعر بأبناء الوطن ولكى تنهض بالأمة وترحمنا من الذل والقهر القائم.
أناشد سيادتكم الاهتمام البالغ بأولاد الشوارع لسببين. أولاً رحمة بهم. وثانياً تفاديا لكل رذيلة سوف تحدث فى المجتمع من هؤلاء لأنهم يمثلون قنابل موقوتة لرأس كل رذيلة بدايتنا من السرقة انتهاءً بالاغتصاب والإرهاب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة