خصصت صحيفة الجارديان البريطانية افتتاحيتها عن الموقف القانونى البريطانى فيما يتعلق بمذكرة التوقيف الصادرة بحق تسيبى ليفنى وزيرة الخارجية الإسرائيلية. وقالت تحت عنوان "مذكرات التوقيف: الذراع القصيرة للقانون الدولى": إذا قبلنا بفكرة أن القانون لا معنى له دون تطبيقه، فعلينا أيضا التسليم بالمبدأ القائل بأن الولاية القضائية العالمية هى الذراع الأساسية للقانون الدولى. وبدونها، فيمكن ارتكاب جرائم الحرب والإفلات من العقاب. ومع استثناء المحكمة الجنائية الدولية، فإن القانون الدولى ليس له آلية لتنفيذه بخلاف المحاكم الوطنية التى لها الحق فى مقاضاة هؤلاء الذين ارتكبوا فظائع فى الخارج.
هذا المبدأ ليس جديداً، كما أنه لم يتم تطبيقه بشكل انتقائى، وفى كثير من الحالات. وهذا الحق هو الواجب. فاتفاقية التعذيب عام 1984 والتى تم التصديق عليها من قبل 124 حكومة تتطلب من الدول أن تقاضى من يقومون بالتعذيب فى جرائم مزعومة ارتكبت خارج نطاق ولايتها أو تسليمهم، واتفاقية جنيف عام 1949 التى وقع عليها 189 دولة تتطلب من كل دولة مشاركة البحث عن أشخاص ارتكبوا انتهاكات كبيرة ومحاكمتهم أمام محاكمها الوطنية. وكانت الولاية القضائية العالمية هى المبدأ الذى سمح لإسرائيل بمحاكمة أدولف إيخمان فى القدس عام 1961.
وتمضى الصحيفة فى القول: هؤلاء الذين يسألون ما إذا كان هذا المبدأ يجب أن يكون ذريعة لاستكمال مذكرة التوقيف بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وزعيمة المعارضة حالياً تسيبى ليفنى، أو أى شخص آخر يتخذ قرارات عملية خلال الهجوم الإسرائيلى على غزة قبل عام، يجب أن يسألوا أنفسهم عن مصير الموقف القانونى الحالى فى إنجلترا وويلز الذى يحتاج إلى التغيير. فالحكومة البريطانية تفخر بنفسها فى تقوية الولاية القضائية العالمية، لهذا فإنه ليس المبدأ نفسه هو المشكلة ولكنه التطبيق.
والمفارقة هى أنه فى حين أن المرحلة القادمة فى العملية القانونية، إصدار التهم، معرضة للنقض من المدعى العام عملاً بنصيحة من مدير الدعاوى العامة، فإن مذكرة التوقيف ليست كذلك. والأمر متروك للقاضى أو قاضى الصلح للنظر فيما إذا كانت هناك قضية مبدئية. وإذا كان للنائب العام أو النيابة العامة الحق فى نقض أى مذكرة توقيف قبل أن يتم إصدارها، فإن الأمر سيكون له عواقب جمة على سلامة النظام القانونى البريطانى.
ففى ظل النظام الحالى، فإن عدد مذكرات التوقيف التى صدرت بسبب جرائم حرب هى مجرد جزء. فالقضاة لا يصدرون مذكرات الاعتقال بلا مبالاة، ولكن هذا يمثل المرحلة الأولى فقط. ولا يمكن توجيه اتهامات دون قرار من المدعى العام الذى يجب أن يسعى إلى استشارة مدير الدعاوى العامة بأن النيابة العامة سوف تجتاز اختبار الأدلة، فهناك فرصة أكثر من 50% بأن هيئة المحلفين تدين المدعى عليه بعد أن وجدت أدلة على أن هناك شكوكا بأن هذا الشخص ارتكب جريمة. هذا النظام يسبب إحراجاً سياسياً أو دبلوماسياً لكنه فعال.
فى محاولة لاحتواء غضب إسرائيل، قام رئيس الحكومة جوردون براون بالاتصال بليفنى تليفونياً وكذلك اتصل وزير الخارجية البريطانى ديفيد ميليباند بنظيره الإسرائيلى أفيجدور ليبرمات للاعتذار عن قرار المحكمة بإصدار مذكرة توقيف.
وتستنكر أن الصحيفة أن يقوم أى رئيس وزراء أو وزير خارجية أو أى شخص آخر فى السلطة التنفيذية بالاعتذار عن أعمال تخص عنصر أساسى فى الدولة ليس لهم أى سلطة عليه؟ يمكن القول إن بريطانيا لها مصلحة فى استئناف الاتصالات مع وزير خارجية إسرائيلية سابقة التى إذا عادت إلى السلطة يمكن أن تستأنف المحادثات السلمية بطريقة أكثر إقناعاً من رئيس الوزراء الحالى. ولا يمكن لبريطانيا أن تتواصل مع القادة الإسرائيليين إذا تم اعتقالهم فور نزولهم من الطائرة. إلا أن بريطانيا لديها مصلحة أيضا فى نفى التزاماتها معاهدة جنيف، إذا كانت هناك أدلة. وبحسب تقرير القاضى ريتشارد جولدستون الذى تبناه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأيدته الجمعية العامة. إسرائيل يمكن أن تتفادى الحاجة إلى هذا الجدل بإجراء تحقيق قضائى مستقل حول هجومها على غزة.
للمزيد أقرأ عرض الصحافة العالمية على الإيقونة الخاصة به.
"الجارديان" تنتقد الحكومة البريطانية بسبب موقفها من ليفنى
الجمعة، 18 ديسمبر 2009 02:04 م
الجارديان تنتقد الحكومة البريطانية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة