عندما تناولت تقرير الدكتور محمد عمارة الذى أثار غضب المسيحيين، كان الهدف هو التساؤل عن السبب الذى يجعل بعض المفكرين الكبار ينحدرون باتجاه مشاجرات ومعارك جانبية لا تفيد العقيدة ولا البشر فى دينهم ودنياهم.
وفوجئت بآراء ترى أن ما يفعله الدكتور عمارة من تشكيك فى الأناجيل، هو رد فعل على تصرفات وأفعال القمص زكريا بطرس أو شتائم الأب يوتا. وكلاهما يظهر فى فضائيات طائفية، ويوجه الإهانات إلى الإسلام ويشكك فيه. وإذا اتهمت زكريا أو يوتا سوف تجد من بين مشجعيه، من يرى أن أفعاله هى رد فعل على ما يقوله أمثال الدكتور زغلول وغيره. ولن ينتهى هذا الجدل العقيم. الذى يكشف إلى أى مدى يمكن أن تتحول العقائد تحت ضغط المتعصبين إلى ما يشبه مباريات كرة القدم ويتحول مشجعيها إلى "ألتراس" يحاول كل منهم الانتصار لما يظن أنه فريقه، ولا يتعلق الأمر بالإيمان، الذى يفترض أن يترجم إلى سعى إلى التسامح وتقديم الخير وليس نفى وإزالة المختلفين فى العقيدة.
ومن تعليقات القراء، يمكن اكتشاف "الألتراس الدينى" بسهولة، فهؤلاء لديهم يقين يغنيهم عن كل علم، وليس لديهم الاستعداد للنظر خارج عقلهم، المتعصب فى الفريق المسلم يرى أن المسلم لو قال إن المسيحى على صواب فهو يكذب القرآن، والمتعصب فى الفريق المسيحى يرى أن اعترافه بصحة اعتقاد المسلم يجعله خارج عقيدته. وهؤلاء يسجنون أنفسهم ولا يرى الواحد منهم غير نفسه، وهو نوع من الأنانية، لأن الإسلام أو المسيحية لم يكن من أهداف أيهما أبدا إزالة الآخرين .
الأمر لم يخل من أغلبية تعى ما تقول، وتحاول البحث عن طريق يمكن من خلاله أن يتعايش المؤمنون فى الديانات المختلفة، دون أن يتبنى أحدهم عقيدة الآخر، أو يسعى لنفى الآخر، وإزالته من الوجود. والدنيا كما هو واضح واسعة ويمكن أن تتسع للجميع، وإذا كان هناك من يؤمن بالإسلام أو المسيحية أو اليهودية فهناك أضعافهم ممن يؤمنون بعقائد آخرى بعضها غير سماوى، وأو لا يؤمنون بأى عقيدة من الأصل. هؤلاء يفترض أن يعيشوا معا، وهم يفعلون ذلك طوال التاريخ دون أن يتغير شيء.
وقد علق أحد الأقباط على الأمر بالقول إن "إن الصلة بين الإنسان وخالقه هى علاقة خاصة.. ليس لأحد التدخل فيها أو الحكم عليها لأنها تخص الإنسان وخالقه.."، واتفق معى مصرى مسلم فى "أن إصرار كل من المسلم والمسيحى على القول (أنا على صواب والآخرين على خطأ) تفتح الباب "لأحاديث ومناقشات لا طائل منها ولا فائدة.. والأفضل أن نركز فى إسلامنا بدلاً من التركيز مع الغير.. ولنترك الإخوة المسيحيين وحالهم دون أن ننسى أننا وإياهم نعبد إله واحد".
أحد المعلقين قال إن الأوربيين يناقشون ويدرسون علم مقارنة الأديان دون أن يتحول ذلك إلى إثارة غضب الناس، وهو يقصد ما يقال عن المسيحية، لكنه بالطبع سيغضب عندما يرى من يتناول الإسلام ويشكك فيه، لأنه لا يعلم أن جزءا من مقارنة الأديان يمارسه باحثون لا يؤمنون بأن الديانات سماوية، ويرون أن مصادر الديانات الثلاث واحد بل إن كثيرين يتعاملون معها على أنها نتاج خيال البشر وليست ديانات.. هناك تيار إلحادى لا يعتقد فى أى من الديانات ولا يدرى بعض من يسيئون إلى العقائد أن نسف أى من العقائد السماوية هو إضرار بالديانات الأخرى لما بينها من خيوط مشتركة". هناك من بين الأقباط من يرفضون أفكار زكريا بطرس ويوتا، وبين المسلمين من يرفض إرهاب بن لادن أو إهانات بعض المتحدثين للعقائد الأخرى. والأمر لا يستدعى أبدا أن يتبنى أنصار كل فريق عقيدة الآخر، لكن أن يعلم أن الدين لله وحده، وهو الذى سيحاسب.
ومن يتابع التراس العقائد، ويقارنه بمشجعى الكرة الذين أشعلوا حربا بين مصر والجزائر، وطالبوا بالقتال من أجل مباراة، لا يختلفون فى عقليتهم كثيرا عن ألتراس العقيدة ممن يشجعون زكريا من هناك، أو زغلول من هنا. ولا يهدفون إلى الإيمان وإنما إلى الانتصار للتعصب فقط. وهو انتصار يقود إلى هزيمة.
أخبار متعلقة..
الدكتور محمد عمارة.. وحظر المآذن والسباق الطائفى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة