طارق جلال يكتب: ملك وكتابة

الخميس، 17 ديسمبر 2009 01:46 م
طارق جلال يكتب: ملك وكتابة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحبها وأحبته.. التقيا وكأن كلا منهما خلق ليكمل الآخر... لم يتشابها ولكن تكاملا... فعندما تكون هى السكون يكون هو الحركة.... عندما يكون هو الشمس تكون هى الظلة... عندما يبعد تقترب... عندما يغرب تشرق... وتمضى بهما الحياة كعملة معدنية أصيلة.... لا تصرف عن وجهة دون الأخر... فهو إن كان ملك فهى لا تأبى أن تكون الكتابة... فبغير الملك والكتابة لا قيمه للعملة مهما كانت قيمتها الاسمية حتى لو كانت من الذهب... فهما اللذان يصنعان قيمة عملتهما... فدائما تكون قيمة العملة أكثر من قيمة مواد صنعها... قد لا يرى الملك كتابته أبداً، ولكن يعلم أنها موجودة فى ظهره ملاصقه له بدونها يفقد ملكه ويتحول إلى مجرد رسـم... كما وأنها بدون ملك مجرد حروف وأرقام وأصفار...

هكذا عشقوا بعضهما... وباتا يشـعران أنهما اثنان فى واحد، بل واحد فقط وليسا اثنين..

فى فجر أحد الأيام... صليا الصبح جمعاً ودعيا الله أن يديم عليهما نعمه ورضاه وأن يرزقهما حسـن الختام ومن قبله حسـن المقام... أنهى صلاته ودعاءه وذهب إلى مكانه فى جانب السرير وهو يتمتم بالتسابيح ويكاد يرى موقعه على ضوء بسـيط ينفذ من خلف ستارة الشباك وطال تسبيحه.... ولم ترجع إلى مكانها بجواره!!

ماذا تفعل... صحيح هو اعتاد منها الخشـوع فى الدعاء بعد الصلاة، ولكن هذه المرة طال خشوع... وافتقد عودتها إلى جواره... حاول أن يبصرها... ماذا تفعل هل هى سأجده أو رافعه يديها بالدعاء... لم يتمكن من رؤيتها... أخذ ينصت إلى تسـبيحها... لكن لم يسمع شيئا كان آخر ما سـمعه منها هو تأمينها خلفه فى دعاء... وكم كان يحب هذا التأمين فهو بمثابة مبايعة له ليكون ملكاً لكتابتها...

فكر فى أن يضىء المصباح ليراها، ولكنه أشـفق عليها من صدمة النور فى ظلام الغرفة وخشـى أن يخرجها هذا الضوء عن خشوعها وتركيزها...

ما هذا... مالى ارتعش خوفاً من أن يكون هاجسـى هذا حقيقة!!! هل ممكن أن يحدث ذلك لها ؟؟؟ ومالى أتصبب عرقاً وأكاد يتوقف قلبى... هل ممكن أن يحدث ؟؟؟

ولكن... ماذا بعد لكن ؟ شـعر بأنه يكاد يموت جزعا من هذه الفكرة وهذا الخاطر المرعب حاول أن يمد يده لتضىء المصباح ليتأكد من هذا لم يحدث... لم يتمكن فلم تطاوعه يده ولم تصادفه شـجاعة على مواجهة ما قد يكون حدث... ما قد يكون حقيقة حدثت...

أراد أن يرفع صوته ليلفت انتباهها نحوه... لم يخرج صوته وكأنه يصرخ بلا صوت ولا صدى ... ما هذا الرعب من الحقيقة المرة ... حتى الدمع تمنى لو بلل عينة ولكن لا أمل.. فقد توقف كل شىء وبدأ يفقد الاتصال بما حوله... وبدأت تفقد عيناه تفاصيل ما قد تراه من أركان الغرفة المظلمة إلا من ضوء ضعيف يتلاشى...

هل من الممكن أن تموت وتتركنى هكذا بدون وداع فجأة... بدون سابق إنذار... وماذا سأفعل بدونها وبعدها... حياتهما سـوياً عرضت أمام عينه فى لمح البصر... كل تفاصيلها وأحدثها بسـرعة البرق وكأنها لحظة... لحظة... واحدة... الله... لا أكاد أتصور أن ذلك يحدث ولا أكاد أتخيل أنى سـأقدر على فراقها... وما لى عيشـة بعدها.. يارب أعنى...

دخلت إلى جواره فى السـرير مدت يدها لتقبض على يده بحنان ورحمة لتقبلها كما تفعل كل فجر... وتحمد الله على أن وهبها هذا الزوج هذا الملك المتوج على عرش قلبها وعمرها... ما هذا صدمت وفزعت كاد قلبها أن يتوقف... ما هذا البرودة فى يده... كيف لا يتحرك نحوى ولا تداعب أصابعه أصابعى كما تعود أن يفعل...

همسـت به ... زاد همسـها فأصبح رجاء وزاد فأصبح نداء ...فهاج وأصبح صراخا ... رد على ...رد على ...رد على....





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة