ألف باء نجاح أى مشروع يكمن فى كلمة واحدة "الإدارة" ومن هذه الكلمة تتفرع تفريعات عديدة، فكل فرع من فروع تعاملات أى شركة يحتاج إلى إدارة متخصصة فى هذا الفرع تخصصاً علمياً عن طريق الدراسة وعملياً عن طريق الخبرة والتدريب.
فالمشتريات مثلاً لابد أن يكون لها إدارة ولابد أن تتمتع تلك الإدارة بكافة الخبرات المتعلقة بالمشتريات من معرفة المصادر التى يمكن منها جلب أفضل الخامات بأقل الأسعار، وأن يتمتع أفرادها أيضاً بمهارات التفاوض للوصول لأفضل طرق الدفع، فإن لم تكن هذه الإدارة تتمتع بتلك المميزات، فإن ذلك سينعكس على الشركة ككل، ففى حال كان سعر المشتريات أعلى من القيمة السوقية أو جودتها أقل من مثيلاتها فى الشركات الأخرى، فإن ذلك يؤدى بدوره إلى ارتفاع سعر منتج الشركة أو انخفاض جودته، مما يؤثر على تسويقه وبالتالى قد يحقق خسائر تنعكس على جميع إدارات الشركة الأخرى حتى ولو لم تكن تلك الإدارات مقصرة، وما يقال عن إدارة المشتريات يقال عن إدارة التسويق والمبيعات والعلاقات العامة وإدارة الموارد البشرية والدعاية والإعلان.. إلخ، فالكل فى قارب واحد ولابد أن يتعاون الجميع لنجاح المشروع.
فما بالنا إن كنا نتحدث عن دولة وليس شركة، هل من المعقول أو من اللائق ببلد كبير كمصر أن يستعين ببعض الهواة لإدارة شئون البلاد والعباد؟... إن ما حدث فى الأيام الأخيرة وأقصد بها تلك الأحداث التى وقعت من جراء مباريات الكرة التى جرت بين مصر والجزائر أثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدولة يديرها مجموعة من الهواة وصلوا إلى تلك المناصب إما بالوساطة أو المحسوبية أو التربيطات أو أى شىء آخر غير الكفاءة والخبرة.
فقد أديرت الأزمة بطريقة عشوائية ولم يتم إدارتها بطريقة علمية، فلم يتم تقدير الموقف تقديرا صحيحا دقيقا وبالتالى لم يتم طرح البدائل للتعامل مع الأزمة ثم اختيار أفضل البدائل كما هو المفروض أن يحدث فى أى بلد له تاريخه مثل مصر، وبدا هذا واضحاً جلياً بدءاً من طريقة التعامل مع حادث الأتوبيس الذى كان يحمل اللاعبين الجزائريين وانتهاءً بالقرارات المتسرعة والمتشنجة التى كانت تنادى بمقاطعة كل ما هو جزائرى وكأن الجزائريين أصبحوا بالنسبة لنا (بعبع) يخيفنا ويصيبنا بالرعب والفزع من مجرد ذكر اسم الجزائر ناسين أو متناسين التاريخ المشترك الذى جمعنا وهذه البلد، نعم وقفنا بجانبها وساعدناها فى محنتها أثناء الاستعمار وظلت أيادينا ممدودة لهم حتى بعد الاستقلال إلا أن مننا عليهم بتلك المساعدات جعلهم يسأمون حديثنا عنها ويبحثون عن أى أسباب حتى ولو كانت واهية للتقليل من شأنها أو حتى نفيها تماماً، والله يقول "قول معروف خير من صدقة يتبعها أذى" وفى آية أخرى يقول "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى"، وكان من الأفضل لهؤلاء الهواة بدلاً من المناداة بالمقاطعة أن يتركوا الأمور تسير فى مسارها الطبيعى ويكون الرد العملى على هؤلاء فى ميادين المنافسات وإظهار تحضرنا وتقدمنا بطريقة تليق بنا.
وبعد أن سمعنا موشح المقاطعات فى كل شىء سواء فى ميادين الرياضة أو الثقافة أو التجارة وغيرها، وجد هؤلاء المنادون بالمقاطعات أنفسهم فى موقف لا يحسدون عليه، ووجدوا أنهم كالدب الذى قتل صاحبه وأن المتضرر الوحيد من هذه المقاطعات هم نحن، ألم أقل أنها دولة تدار بالهواة أما عن الإعلام فحدث ولا حرج فقد رأينا إعلاما غير مسئول بالمرة يطلق أحكاما عشوائية على كل أهل البلد كله من أجل بضعة آلاف من المشجعين أو بضع مئات من المخربين متجاهلين تماما صوت العقلاء من داخل دولة الجزائر نفسها من مفكرين وكتاب وأساتذة جامعات ممن كانوا ينادون بالتهدئة ويشجبون ما حدث، وكان حرى على أجهزة الإعلام أن تقدر الأمر بقدره، فكان يكفى أن نهاجم هؤلاء المعتدين والمخربين ومن ورائهم فحسب ولا يتعدى الأمر إلى مهاجمة كل ما هو جزائرى، فتاريخنا المشترك لا يمكن أن يمحوه حادث عابر يمكن أن يقع فى البلد الواحد بين مشجعى فريقين مختلفين، وكان يمكن احتواء الأمور إعلاميا وبالتوازى المطالبة بمحاكمة المتسببين فى تلك الأحداث والمطالبة بالتعويضات عن طريق القنوات الدبلوماسية والقانونية، وليت الإعلام حتى استطاع أن يدير الأحداث بطريقة مهنية أو احترافية، فقد وجدت إعلامنا وللأسف فى المؤخرة غارقا فى المحلية، ووجدت وكأننا أغلقنا بابنا على أنفسنا وظللنا نولول على ما حدث لا يسمعنا أحد إلا نحن، وبدا هذا واضحاً عند مطالعتى للإعلام العالمى فلم أجد من يتعاطف معنا حتى من أقرب الدول لنا وهى دولة السودان ناهيك عن الإعلام الأجنبى الذى تبنى وجهة النظر الجزائرية تماما وأبرزها، ولو لم أر بنفسى اللقاءات التى تمت مع المجموعات المصرية العائدة من الخرطوم وإجماعهم على تلك الأحداث وأيضا بعض الفيديوهات التى توضح اعتداءات بعض المخربين على مقار إحدى الشركات فى الجزائر وتواصلى مع بعض الجزائريين عن طريق الهاتف والنت لصدقت تلك الجرائد والقنوات، وآخر دليل وجدته قبل كتابة هذا المقال يدل على أننا دولة تدار بالهواة أن المسئول عن تحرير حالة الطقس بجريدة الأهرام ويا للعجب قد أزال فقرة حالة الطقس فى الجزائر وكأنه بذلك قد عاقب الجزائر أو الجزائريين أو هكذا صور له عقله الهاوى، وما يقال عن طريقة إدارة هذه الأزمة يقال عن كثير من الأزمات التى تحيطنا ويجمع بينها جميعاً عنوان واحد من كلمتين هو (دولة الهواة).
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة