قديما قالوا "الحاجة أم الاختراع"، ولكننا فى مصر حورناه قليلا فصار "الحاجة أم الاقتراع"، فى بلاد أوروبا أصوات الناخبين تحسم نتائج الانتخابات فينجح من لديه برنامج ويتوسم فيه الناس القدرة على تنفيذهن وفى بلادنا أصوات الناخبين ليس لها قيمة، هنا فقط حقوق الأحياء والأموات سواء أكان الكل له الحق فى التصويت والنجاح أو الإخفاق بتعليمات والرضا السامى هو الأساس، ولا يهم البرنامج ولا المصلحة العامة ولن ينجح إلا من حصل على الضوء الأخضر.
الانتخابات فى مصر أنواع منها العامة كانتخابات مجلسى الشعب والشورى والمحليات ومنها الخاصة كانتخابات النقابات المهنية، النوع الأول يسهل التدخل السافر فيه، أما الثانى فيصعب فيه التدخل، ولكن فى النهاية لن ينجح أحد إلا مرشحى الحكومة والموالين لها، الاختلاف فقط فى طريقة التدخل، وللسلطة أساليب كثيرة برع فى تفنينها أبالسة النظام.
أساليب التدخل فى الانتخابات العامة محفوظة، ففى بعض الدوائر يمنعون الناخبين من الوصول إلى اللجان وأحيانا يمنعون المرشحين المغضوب عليهم من التقدم بأوراقهم، وهو ما حدث فى انتخابات المحليات الأخيرة عندما حشدوا البلطجية أمام اللجان، وظلوا فى طوابير مفتعلة حتى انتهت فترة تقديم الطلبات أما من تحايل وتقدم ضمن المستقلين أو الأحزاب الموالية، فيمكن العكننة عليه بالتسويد أو التهديد والوعيد.
الحالة الاقتصادية للدوائر لها خطط خاصة فيمكن شراء أصوات الناخبين فيها بأقل القليل، ولا يهم الناس إذا كان المرشح من أهالى المنطقة أو سقط عليها بالبراشوت المهم هو الجنيه "الكوبون يا أبو العربى" الذى يفتح الأبواب والصناديق ويشترى أصوات الناخبين الغلابة سواء أكانت فى الصناديق أو التى تهتف باسم النائب المنتظر – فاعل الخير الذى لوح باللحلوح.
حاجة الإنسان للمال قد تدفعه لبيع عرضه وشرفه، بل وجزء من جسده وبالطبع صوته ليس أغلى عنده مما سبق ومن السهل أن يعطيه لمن يدفع، وطبقا للطبيعة البشرية فالحاجة لا تتوقف عند مستوى محدد فالكل محتاج، ولكن حسب مستواه الاقتصادى فمن يعيش فى عشة أو مقبرة أو شقة شرك يحلم بشقة مستقلة بها حمام، ومن يعيش فى شقة صغيرة يحلم بشقة كبيرة ثم فيلا أو منتجع ثم قصرا والنفس البشرية لا ولن تشبع، وكلما أعطيتها تطلب المزيد.
والحاجة أيضا لها دور فى انتخابات الفئات أو النقابات، والدولة فى مثل هذا النوع تتدخل لصالح مرشحها، فتفتح له خزائنها ليأخذ منها ما يكفى ليجمع الناس حوله وتسخر إمكانات الدولة لخدمته فتمنحه أراضى وشققا وتحل كل مشاكل أعضاء الفئة، ومنها مشاكل ظلت معلقة لسنوات وانتهت فى لحظات بالتليفون من أجل عيون مرشح السلطة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة