السيد المرشدى يكتب.. ثقافة الانعزال

الأربعاء، 16 ديسمبر 2009 12:32 م
السيد المرشدى يكتب..  ثقافة الانعزال صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكد صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية تنشر خبر قيام مصر ببناء جدار فولاذى تحت الأرض على الحدود مع قطاع غزة، حتى سارعت مصادر مصرية بالنفى الشديد، ثم جاء الاعتراف تدريجيا خجولا، ثم صريحا دون مواربة بادعاء أسباب السيادة والريادة ومحاربة الإرهاب والقاعدة والواقفة.

ظهور بعض التفاصيل الخاصة بالمادة المصنوع منها الجدار وسمكه والأعماق التى يخترقها فى باطن الأرض يشحذ فى الذهن فرضية أن الأمر ليس مجرد منع تهريب السلع عبر الأنفاق، فوسائل ذلك كثيرة، لكن الأمر يدعونا إلى تصور أنه محاولة لخنق أهل غزة إن لم يكن قتلهم بالتجويع وأكثر من ذلك بتوقف سريان المياه الجوفية لعمق ومتانة المادة الفولاذية.

ويشير شهود عيان - كما تصريحات رسمية - إلى أن العمل بالجدار بدأ منذ شهور خلت وتم إنجاز ما يزيد على 50 بالمائة من البناء. هذه الإشارة لها مدلولها أن البناء جاء استجابة سريعة لاتفاق ليفنى – رايس نهاية يناير 2009، قبيل توقف الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع المحاصر، رغم ما أعلن حينها أن مصر غير ملتزمة بما يتفق عليه الآخرون.

ولأن العمل جارى منذ شهور، ولم يعلن عنه ولم يلحظ، وقد تُكتِم عليه فقد جاء نشر الخبر فى الصحيفة الإسرائيلية بعيد إعلان مشعل أنه لن تتم صفقة الأسرى إلا بالاستجابة لمطالب حماس، فتبنى مصر الجدار، وتحاصر أهل غزة أكثر، وتجوع أطفال غزة أكثر لتبتز حماس أكثر من أجل شاليط وعيون شاليط.

ما يسترعى النظر ويثير الفكر أن أصحاب السلطان والحكم يدخلون جحر الضب تابعين أو عاشقين. وإقامة الجدران الفولاذية بادعاء الحماية ربما لا يهون مقابل إقامتها بغرض الابتزاز والضغط بالتجويع لمصلحة الأعداء الحقيقيين.

هذه جوانب ظاهرة فى الأمر، لكن هناك ربما جانب خفى لا يدركه أصحاب الحكم عندنا مع أنه أوضح وأظهر. ذلك يتعلق بمصائر من اتخذوا القرار من رؤوس النظام وأعمدته ورعيتهم على السواء. ليس المصير السياسى لبعض الأشخاص فى دنياهم فحسب، وإنما المصائر الأخروية والعاقبة الخاتمة التى ليس بعدها استدراك أو رجعة.

ثقافة بناء الجدر والانعزال ثقافة يهودية قديمة، إسرائيلية متجددة خاصة فى علاقاتهم بالعرب والمسلمين، سكان الأرض وأصحاب التاريخ. ورغم أن اليهود كانوا نسيجا من مكونات أمة الإسلام، إلا أنهم – بطبعهم – غدروا وخانوا، فطردوا من المدينة بعد هزيمة لم تفلح الجدر والحصون فى ردها.

والذى يعنينا فى المقام بنو الجلدة، فالمصيبة أخطر وأعظم من مصيبة ابن أُبى ورفاقه – الذين وعدوا مواليهم من اليهود (لئن أُخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم..) الحشر 11 – فقد كانوا مجرد تيار أصاب الحقد والحسد أفئدتهم فضلوا ونافقوا. أما قومنا فهم الأمناء على الأوطان والشعوب ونصرة المظلومين ولا يفلح وارثو رسالة إلا بقانونها، فما البال إذا عاندوها؟!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة