فى مايو القادم أى بعد خمسة أشهر بالتمام والكمال يفترض انتهاء العمل بقانون الطوارئ، ما لم تتقدم الحكومة إلى مجلس الشعب لتمديده مرة أخرى، وكان مجلس الشعب قد وافق فى 26 مايو 2008 على تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين أو لحين الانتهاء من تشريع قانون جديد لمكافحة الإرهاب أيهما أقرب.
ومن الواضح أن قانون الإرهاب لن يخرج للنور، لأن البعض لا يعرف أن مصر لديها قانون للإرهاب صدر فى تسعينات القرن الماضى لمواجهة العمليات الإرهابية المسلحة التى ضربت مصر فى الفترة من 1990 حتى 1996 على يد الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد مما أدى إلى مقتل المئات من المواطنين ورجال الشرطة وعناصر الجماعتين.
ومعروف أن قانون الطوارئ هو من القوانين الاستثنائية التى تطلب الحكومات أو الرئيس من البرلمان تطبيقها لفترة محددة، أو فى مكان محدد لمدة محددة لمواجهة ظروف استثنائية، وكان الظرف الاستثنائى هو اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى السادس من أكتوبر عام 1981 أثناء حضوره عرضا عسكريا فى مدينة نصر.
وكان طبيعيا إعلان حالة الطوارئ فهذه أول مرة يتم فيها اغتيال رئيس مصر، كما شهدت مدينة أسيوط بعدها مباشرة محاولة من الجماعة الإسلامية للسيطرة على مديرية أمن أسيوط ودارت معارك طاحنة بين المهاجمين والشرطة مات فيها العشرات، ولم يكن مفهوما أو معروفا ماذا يحدث فى مصر أو مدى قوة التنظيمات الدينية المسلحة وقتها.
لكن ما كان استثنائيا حسب القانون تحول إلى وضع دائم، وتوالى تطبيق قانون الطوارئ عاما وراء عام حتى اقتربنا من 29 عاما تعيش خلالها مصر فى ظل حالة الطوارئ لدرجة أن ثلاثة أجيال متعاقبة ولدت فى ظل هذا القانون البغيض ولم تعرف طعم القوانين العادية.
وتقول الحكومة إن هذا القانون لا يطبق على المواطنين العاديين، لكنه يظل سيفا مسلطا على رقاب الجميع، ووفقا لهذا القانون يحق للحاكم العسكرى اعتقال أى شخص، أو إغلاق أى منشأة، أو هدم أى منزل إذا رأى أنه يمثل خطورة على الأمن العام، مما يعنى عمليا أنه يلغى كافة المواثيق الدولية الموقعة عليها مصر والتى تنص على حرية الرأى والاعتقاد والتعبير والمأكل والسكن والعلاج وخلافه، وهى أيضا من صلب مواد الدستور.
وإذا كنت قد كتبت أمس عن أهمية العمل الجماعى من أجل تغيير الأوضاع فى مصر من خلال صناديق الاقتراع عبر انتخابات مجلسى الشعب والشورى التى تجريان العام القادم، فإن العمل على إلغاء قانون الطوارئ وإجراء الانتخابات فى أجواء طبيعية غير استثنائية هو المطلب الذى يجب أن تحتشد من خلفه القوى السياسية كافة.
كفاية طوارئ.. من حقنا الحياة فى ظل قوانين طبيعية.. لكن قانون الطوارئ يسلبنا هذا الحق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة