4 سنوات قضتها كارين أبو زيد كمفوض عام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، التى تعمل على توفير متطلبات الحياة للاجئين الفلسطينيين، مرت خلالها القضية الفلسطينية بمنعطفات هامة، وتغييرات على الساحة السياسية العالمية، وها هى أبو زيد ترحل، وتبقى القضية الفلسطينية واللاجئون فى حال أسوأ مما كان...
- حدثينا عن تجربتكم فى العمل بالأراضى الفلسطينة، والعقبات التى واجهتها؟
واجهنا التحدى الأكبر فى أماكن النزاع، تحديدا فى غزة والضفة الغربية، حيث كان علينا التعامل مع حالة الطوارئ هناك، والحصول على المساعدات التى نحتاجها، كان علينا الكفاح من أجل تحقيق أهم مطلب ألا وهو السماح بمرور المساعدات للفلسطينيين، بل وأن يتاح للفلسطينيين أنفسهم المرور أيضا، وقد قضينا فى كثير من الأحيان ساعات عديدة نتفاوض مع الإسرائيليين على قائمة للأشياء التى نرغب فى عبورها، والتى تحتاجها المدارس والعيادات، وكانوا يسمحون لنا بمرور أغذية وأدوية ولكن هذا ليس كافيا، ليعيش حوالى مليون ونصف فلسطينى بغزة، أما فى الضفة الغربية فهناك ما يقرب من 600 نقطة تفتيش بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات فى القدس وتوسيع الجدار، والفلسطينيون هناك لا يستطيعون المعيشة، ولا يمكنهم حتى الوصول للمستشفيات فى القدس الشرقية، وغيرها من العقبات التى وضعتها إسرائيل بغزة فمواجهة مثل هذه القوة العسكرية الضخمة أمر يخلق لنا صعوبات إلى جانب الغضب والإحباط.
- حتى بعد مرور مواد الإعانة، هل واجهتم مضايقات من الجانب الإسرائيلى حتى فى عملية توزيع المواد مثلا خوفا من أن تذهب تلك المواد إلى حماس؟
السلطات الإسرائيلية تكون على علم بكل ما يتم السماح بمروره، فلا يوجد بتلك المواد أى مشاكل، ثم يكون لنا حرية توزيعها كما نريد ، لأنهم يعلمون أن ما يأتى لنا يذهب للاجئين فورا، ولا يوجد أى مواد فائضة كى تذهب لأى مكان والمواد التى تمر تذهب لأكثر المحتاجين شدة .
-هل تضع السلطات الإسرائيلية أى شروط لعملية التوزيع، أو توجه لكم استفسارات حول قائمة المتلقين لتلك التبرعات على سبيل المثال؟
لدينا آلية لتوزيع تلك المواد، ونحن واضحون تماما بشأن الموجودين على قائمتنا، والذين يحددهم طاقمنا العامل هناك، وهم متمرسون فى أداء وظيفتهم، ولكن لا أعتقد أن ما تمارسه إسرائيل من تقييد للعبور وحصار لغزة بسبب خشيتهم مرور تلك المواد لأى جهة ما، ولكن ذلك يكون شكلا من أشكال تصعيب الأمور على سكان غزة، باعتبار أن هؤلاء هم من صوتوا لحماس، التى تريد الحكومة الإسرائيلية التخلص منها، لذلك الضغط الذى يتعرض له سكان غزة قوى جدا، وهو ليس من جانب إسرائيل فقط ولكن من المجتمع الدولى أيضا، لأنهم يرون أن تلك طريقة لإضعاف سيطرة حماس.
إذن المجتمع الدولى متهم بحصار غزة؟
هم من اتخذوا تلك القرارات، واللجنة الرباعية هى من قررت منع التعامل مع حماس أو التفاوض معها، فأنا مثلا أقيم فى غزة ولكنى لم أقابلهم ولا مرة، فهذا هو الوضع السياسى، ولكننا نعمل هناك مع 10آلاف موظف محلى فى غزة ومكتب ميدانى وهم يريدون الحديث معهم ، ففى كل مكان نعمل به يكون لدينا اتصال وثيق مع السلطات المضيفة.
- هل واجهتم مشكلات مع حماس نفسها؟
مرة واحدة فقط فى حرب غزة، حيث حدث ما يبدو أن سوء تفاهم حين قامت قوات حماس بالإغارة على أحد المخازن التابعة للأنروا ولكن بشكل عام، فهم يوفرون حماية جيدة لنا كى نستطيع العمل ولكنهم غير سعيدين بكل ما نفعله خاصة فيما يتعلق بتعليم حقوق الإنسان للأطفال ولكن على ما يبدو أنهم يتفهمونها، حيث حاولوا مثلا إقناع الأطفال ألا ينضموا لألعاب ومسابقات الصيف التى ننظمها، ودعوهم للانضمام إلى معسكراتهم الصيفية، ولكن لم ينجحوا فى ذلك حيث أنضم لنا عدد أكبر من الأطفال هذا العام أكثر ممن انضموا العام الماضى، لأن الألعاب التى ننظمها أكثر إمتاعا.
كتبتِ فى المقال الأخير لك أنه يجب التعامل مع قضية اللاجئين بصفتها من أولى القضايا التى يجب التفاوض بشأنها، كيف يمكن العمل عليها؟
لابد من إشراك اللاجئين فى المفاوضات، فوضع حلول لهم دون استشارتهم لن تفيدهم، والأمر الآخر الذى يجب الاهتمام به هو إعادة التوطين حيث ما يأخذ أكبر قدر من الاهتمام الآن هم اللاجئون الموجودون بالأراضى المحتلة، ولكن هناك أيضا اللاجئين الموجودين بسوريا ولبنان وغيرهم، قد يكونون لا يعيشون تحت رحمة الاحتلال ولكنهم فى نفس المشكلة فهؤلاء تعرضوا للنفى طوال 60 عاما ولابد أن نتذكرهم جميعا، فى المفاوضات.
كيف يمكن للأنروا دفع قضية اللاجئين لتحتل مكانة متقدمة فى القضايا التى يجب التفاوض بشأنها؟
باستمرار الحديث عنها، ليس فقط بشكل علنى ولكن أيضا فى اجتماعاتنا الثنائية مع الدول الغربية والدول المانحة وهناك مشروعات تضم اللاجئين الفلسطنيين بالخارج للتعبير عن آرائهم، لأنهم جزء من العملية السياسية الفلسطينية، وبعد كتابتى لذلك المقال وجدت الكثير من الصحفيين يتحدثون عن أهمية القضية وضرورة التفاوض بشأنها فى البداية، وهو أمر لم يتحدث عنه أحد من قبل، فكان من المثير للاهتمام أن نجدها فى أذهان الناس الآن، وما نحتاجه أفعال وليس أقوال فقط، من جانب صناع القرار، قد أكون متشائمة إلى حد ما الآن، يسبب مشاكل مالية وسياسية، ولكن هناك قرارات تحدث فارقا، مثل تقرير جولدستون.
- ماذا قدمت الدول العربية للأنروا؟
هناك المساعدات التى يقدمونها، والتى كانت سخية فى فترة الطوارئ لغزة والضفة الغربية ومثلت ما يقرب من 18% من إجمالى مساعدات الطوارئ من الدول العربية خلال العام الماضى وهو ما يعد نسبة كبيرة، وما نطالب به الآن هو مساعدتنا فى الميزانية الأساسية، حيث وصلت المساهمات العربية إلى 1% فقط بالميزانية الأساسية العام الماضى، هناك مفاوضات مع الأمم المتحدة للحصول على تمويل منها لبعض المجالات الأساسية بخلاف الرواتب العالمية التى تتكفل بها، ولا نعلم تحديدا كم سيكون هذا التمويل.
هل هناك دور سياسى من الممكن أن تقوم به الأنروا للمساعدة فى حل قضية اللاجئين؟
ليس لدينا موقف سياسى فهناك فاعلون سياسيون تابعون للأمم المتحدة هم مسئولون عن ذلك، نحن نقدم لهم معلومات عن الوضع وما يحدث على أرض الواقع.
ما هى الرسالة التى تقدمينها لمن يتولى المنصب خلفا لك؟
إلى جانب ما سبق، أحثه على البقاء قويا والاستمرار فى أداء عمله مهما حدث وفى ظل أى ظروف.
