محمد مجدى يكتب: ماذا يرى البرادعى؟

الإثنين، 14 ديسمبر 2009 08:36 م
محمد مجدى يكتب: ماذا يرى البرادعى؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دعيت وزملائى القائمون معى على إدارة لجنة "التدريب و التثقيف" بحزب الغد بالإسكندرية إلى ندوة عن (الديموقراطية و الدستور) بمقر حزب الوفد 24/9/2009 و حاضر فيها المفكر السياسى د. رفعت لقوشة. كانت الندوة " دسمة " و استحقت تحليلات د. لقوشة الثناء الذى اختتم به سكرتير عام الوفد منير فخرى عبد النور حيث قال إنه من خلال هذه التحليلات استمع إلى "حديث عالِم"

من أكثر النقاط التى استوقفتنى فى حديث د. لقوشة أربع نقاط بشكل خاص، الأولى: دعوته إلى أن لا ينص الدستور على شكل اقتصادى محدد مُسبقا ً للدولة ؛ لإننا- بحسب كلامه- إذا أردنا تداول ديموقراطى حقيقى للعملية السياسية فى مصر يتسع للجميع فإننا يجب أن نضع فى الحسبان وصول أحزاب ليبرالية أو يسارية للحكم و هو ما يعنى أن شكل الإدارة الاقتصادى للدولة سيتغير تبعا ً للفكر السياسى الذى سيعتمده وقتها الحزب الذى بيده الحكم. النقطة الثانية: وهى خاصة بالمادة 76 من الدستور التى يرى د. لقوشة أنها مادة (باطلة دستورياً)لنصها على ضرورة حصول المرشح المستقل على تأييد عدد من أعضاء المجالس المحلية (التابعة للسلطة التنفيذية) والتى مفترض أن تكون (سلطة محايدة) وبالتالى فلا يصح حصول المرشح على تأييدها.
كما طالب بخصوص هذه النقطة أن تنتقل المجالس المحلية إلى السلطة التشريعية و ليس التنفيذية.
النقطة الثالثة: وهى أكثر النقاط إثارة لاهتمامى تتعلق بما أسماه (قضية الخبز والحرية) أيهما أولاً؟ وقال إنهما لابد أن يكونا معا لا أن تكون العلاقة بينهما علاقة (سابق ولاحق) ولهذا فهو يطالب بـ:
- حق منظمات العمل المدنى فى العمل السياسى وكذلك يطالب بـحق الأحزاب فى تشكيل منظمات مجتمع مدنى؛ لتكون أكثر مقدرة على التواصل مع الجماهير.. النقطة الرابعة المهمة فى حديث د. لقوشة، و هى فى اعتقادى لُب المشكلة السياسية فى مصر هى دعوته لأن تكون جسور الحوار بين الأحزاب فى "مصر لابد أن تكون مبنية على" مصالحات الواقع

عقب انتهاء الندوة توجهت لـ د. رفعت لقوشة واستفسرت منه عن كيفية فرض الإصلاحات الدستورية فى هذا المناخ السياسى المٌتحكم فيه الحزب الوطنى الذى يمتلك الأغلبية البرلمانية وبالتالى يملك قوة إقرار أو رفض أى قانون أو تعديل دستورى وفق مصلحته فقط بينما المعارضة على الجانب الآخر من المشهد تعانى من أمراض مزمنة هى أمراض المجتمع المصرى علاوة على قيود مفروضة عليها من كابوس اسمه لجنة شئون الأحزاب، وتضييقات وتدخلات أمنية، وبالتالى فما العمل الواقعى الذى يجب على قوى الإصلاح و التغيير القيام به وسط هذا الوضع المريض.

أجابنى بكل تواضع و لخص المشكلة فى أنها مشكلة "تغيير إدراك" بمعنى أن على المعارضة أن تحاول كسر هذه الظروف بـ تغيير أساليبها التقليدية فى التواصل مع الجماهير لا أن تستسلم لهذه المصاعب و القيود؛ فـ تغيير الإدراك يستتبع تغييراً فى أسلوب معالجتها.


لا أدرى لماذا قمت بالربط بين جواب د. رفعت لقوشة على سؤالى وبين اشتراطات ترشح د. محمد البرادعى لرئاسة الجمهورية؛ ولا أخفى أنى للوهلة الأولى أسأت الظن بالرجل واتهمته بالتراجع المهذب لكن بعد قراءة تصريحاته بهدوء تنبهت إلى ما أعتقد أنه دور بعقل الرجل.

اشترط البرادعى أولا: إنشاء لجنة قومية مستقلة و محايدة تتولى تنظيم (جميع) الإجراءات الخاصة بالعملية الانتخابية. وثانياً: الإشراف القضائى الكامل "غير المنقوص". وثالثاً: الرقابة الدولية من جانب الأمم المتحدة على عملية الانتخاب "لضمان الشفافية". ورابعًا: فتح باب الترشح للرئاسة أمام كل المصريين. وخامسا: وضع دستور جديد يكون أساساً لبناء دولة مدنية عصرية. وسادساً: تنقية الجداول الانتخابية لتكون "صادقة وكاملة". وسابعا: إتاحة مساحات متكاملة فى كل أجهزة الإعلام الحكومى للمرشحين ليتمكنوا من طرح أفكارهم وبرامجهم. وأهم هذه الاشتراطات أن تكون هناك "رغبة شعبية" فى دعمه مؤكدا أنه لن يترشح من خلال أى من الأحزاب مع (تقديره) لهم؛ لأن فى هذا تدعيم لشرعية دستورية يراها غير موجودة.

إن هذه الاشتراطات التى وضعها البرادعى هى ما تطالب به القوى السياسية وما تعجز عن تحقيقه فى الواقع، وهى فى نظره أولى أقرب ما تكون إلى (شروط تعجيزية)؛ لكن ما يعنينى أكثر من هذه الشروط هو رفضه أن يكون مرشح لحزب ورغبته فى أن يكون مرشحا مستقلا يحظى برغبة شعبية.

لعل البرادعى يريد توجيه رسالة للأحزاب والقوى السياسية غير الحزبية والنشطاء السياسيين تتعلق بـ " تغيير الإدراك " الذى نبهنى إليه د. لقوشة، وبذلك فهو يريد منهم (حشد كامل) له، وهذا له، على أن يكون هذا الحشد مرتبطا بالشارع. ولعله يريد بـ تغيير هذا الإدراك أو ابتكار وسائل سياسية جديدة أن يكون الحشد له لا عن طريق الأحزاب بل عن طريق ما يمكن تسميته جماعات شعبية منظمة تضغط فى وقت واحد فى اتجاهات مختلفة هى التى حددها فى اشتراطاته ويجمع هذه الجماعات قيادة منظمة على شكل ائتلافا وطنيا من قيادات القوى السياسية المختلفة تكون بمثابة المايستروالذى يضمن التناغم والترابط حتى تتحقق هذه الأهداف.

رسالته كما قرأتها تتلخص فى: غيروا من أساليب عملكم و انزلوا للناس وسأنزل معكم (تصريحه إنه سيختلط بالناس) وتعالوا عن الحزبية الضيقة، ومعاً نبنى مصر على أسس جديدة. أليس هذا الربط قريبا ً بـالنقاط التى التقطتها من حديث د. لقوشة خصوصا ً نقطتى: ضرورة الربط بين الخبز والحرية، ونقطة "مصالحات الواقع".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة