استناداً إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة على الدول أن تكفل للمرأة الحق فى التمتع بظروف معيشية ملائمة ولا سيما فيما يتعلق بالإسكان والإصحاح والإمداد بالكهرباء والماء والنقل والاتصالات.
والاتصالات تشمل وسائل الاتصال المختلفة مثل التليفون والبريد وغيرها من الوسائل التقليدية وأيضاً تشمل نظم المعلومات والتكنولوجيا، بحيث لا يقع أى نوع من التمييز ضد المرأة فى مجال تكنولوجيا المعلومات.
وفيما يلى سأتناول هذه القضية وهى التكنولوجيا والجندر فى المجتمع الريفى من ناحية وفى القاهرة والمدن الكبرى مثل الإسكندرية من ناحية أخرى التمييز الإلكترونى فى المجتمع الريفى.
حيث تعانى الفتاة فى المجتمعات الريفية / ريف قنا على الأخص / من افتقاد واضح لحق المساواة فى التمتع بمهارة التعامل مع أجهزة الكمبيوتر قياساً إلى الشاب فى نفس سنها ويرجع هذا إلى عدة أسباب منها أسباب تتعلق بمستوى الوعى العام لدى المجتمع الريفى وأيضاً أسباب اقتصادية وهى تؤثر بالطبع على الجنسين بنفس القدر.
فالفتاة على سبيل المثال فى ظل قناعات أهل القرية السطاء لا يجب أن تجلس إلى جهاز الكمبيوتر بالمنزل وتترك الأعمال المنزلية كواجب وعبء عليها دون الولد ناهيك على عدم قدرتها على الالتحاق بدورات الكمبيوتر التى تعقد لزملائها بسهولة مما يؤثر على حقها أيضاً فى الحصول على فرص عمل مناسبة فى القطاع الخاص مما يؤدى إلى زيادة نسبة البطالة لدى شريحة كبيرة من الخريجات فى قرى الصعيد المختلفة / وما زلت أخص قنا.
بالإضافة على عدم القدرة على الوصول إلى شبكة الإنترنت بسهولة لعدم توفر الخدمة أصلاً واستحالة التردد على مقاهى الإنترنت فى المدن والمركز المجاورة لتنافى ذلك مع التقاليد المتحفظة .وبهذا ينتفى تحقق المواطنة الرقمية (أون لاين) واستمرار حبسها فى موقف
(أوف لاين) بشكل صارم تماماً.
كما أن افتقاد حق المساواة فى الوصول إلى الإنترنت لدى المرأة الريفية تسبب حالة من الانقسام المعلوماتى بين الجنسين فالجنس الأقوى يمتلك القدرة على الوصول إلى الإنترنت مع ملاحظة أن النفاذ إلى الإنترنت لا يعتمد فقط على الشروط المادية بل يعتمد أيضاً على الظروف الإجتماعية حيث أن نسبة كبيرة ممن تتوافر لديهم القدرة على الوصول إلى الإنترنت لا يستخدمونه لأسباب اجتماعية وسيكولوجية مما يؤدى إلى تغير فى فرص تأتير المرأة تضاف إليهم الفئات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة. سؤال أطرحه كم يا ترى عدد المدونات التى تمتلكها فتيات بمحافظة قنا ؟؟؟؟؟ لا أظن أن العدد يتجاوز أصابع اليدين بأى حال من
الأحوال.
ما الحــــــــــــل؟
ويمكن تجاوز هذه المشكلات من خلال دعم حقوق الفتاة فى التمتع بنظم تكنولوجيا المعلومات والتواصل عبر شبكة الإنترنت فى قرى الصعيد عن طريق نظمات المجتمع المدنى ( الجوكر التقليدى لكل مشكلات مصر المحروسة) والمؤسسات المانحة التى تعمل فى هذا المجال كى تكون أكثر توجهاُ إلى المجتمع الريفى. بدلاً من تركيزها على العمل فى المدن الكبرى وشبه الكبرى.
على النقيض تماماً تبدو حالة المرأة فى القاهرة والمدن الكبرى حيث تتمتع الفتاة بقدر كبير من المساواة فى التمتع بمهابة التعامل مع أجهة الكمبيوتر بل يمكن أن ترجح الكفة لصالح الفتاة فى إمكانية النفاذ إلى الإنترنت تتحقق المساواة هذه بسبب الوعى المتفتح لدى لمجتمع فى المدينة. وتتميز الفتاة فى التدوين الإلكترونى بشكل كبير حيث أن المدونات الأكثر شعبية فى مصر تمتلكها فتيات حيث تمتليء هذه المدونات بلحظات صغيرة ولقطات حياتية مدهشة وأسئلة وحوارات مع الذات فى محاولة لفهم الذات وتحديد موقعها من العالم. ومع تعاظم التفاعل بين صاحب المدونة وزائريه يكتسب الكاتب ثقة أكبر بنفسه وقلمه.
ويرجع السبب فى نجاح مدونات الفتيات إلى الشعور بقدركبير من القيود الاجتماعية مما يتطلب نوعاً من الفضفضة والتعبير عن الذات المخنوقة المنسحقة تحت الأغلال الاجتماعية وهذا التعبير يشكل فى حد ذاته مقاومة إيجابية، فمدونة "أنا حرة" لـ ياسمين عادل ليس فقط عنوان مدونة واحدة، ولكنه تعبير عن روح هذه المدونات ودورها فى التأريخ لحياة هؤلاء البشر.
وربما لم تكن الكتب الثلاثة الأولى فى سلسلة "مدونات الشروق" لكاتبات مجرد صدفة ولكن شهادة بأن التدوين الجيد موهبة نسائية. باستعراض المدونات الثلاث .........
المدونة الأولى "أرز بلبن لشخصين" وهى بورتريه لشابة مصرية تجمع بين الثقافة العربية والإنجليزية , عاملة تمثل الطبقة المتوسطة المصرية وتمثل كذلك فئة كبية من الشباب لم يقدمهم الأدب المصرى بشكل كافى.
أما مدونة "أما هذه فرقصتى أنا "لـ غادة محمد محمود فتعبر عن نفس هذه الطبقة الاجتماعية.
أما مدونة "عايزة أتجوز" لـ غادة عبدالعال وهى تعبير عن عن مشكلة حقيقية تواجه الشباب المصرى وهو مقبل على الجواز والخطوات التى يقوم بها من أجل اختيار شريك الحياة
وقدرة البنت المصرية على الاختيار المناسب.
الكتب الثلاثة تقدم نساء مختلفات فى مجتمع لم يختلف إلا فى درجة التراجع عن المكاسب التى سبق وتمتعت بها الطبقة الوسطى وهى الأغلبية الكبرى للشعب المصرى.
ولكن الأمر لا يسلم فهناك حالات من الإحتقان التى تظهر بين أوساط المدونين مثلاً مدونة
" مكسوفة " تعرضت أكثر من مرة للمضايقات وقد توقفت عن التدوين ربما لأسباب شخصية أو أسباب أخرى.....
ومدونة مكسوفة تعبر عن وجهة نظر المرأة فى العلاقة بين الرجل والمرأة بشكل جديد وجريء لم يعهده المجتع الشرقى المتحفظ.
نخلص فى الختام بأن القيود إذا زادت وطأة على المعاصم تفتحت أبواب ونوافذ أخرى جديدة للتعبير.
* مسئول دعم فنى
فتحى حمدالله يكتب:التمييز الإلكترونى ضد المرأة
الإثنين، 14 ديسمبر 2009 08:05 م