شارك نحو 200 رجل أعمال عربى بالعاصمة اليابانية "طوكيو" لبحث سبل الشراكة والاستفادة التى يمكن تحقيقها بالتعاون الاقتصادى مع اليابان مع تحقيق النفع لكافة الأطراف، وذلك خلال أعمال المنتدى الاقتصادى العربى ـ اليابانى الأول الذى حضره ممثلون على أعلى مستوى من الجانبين.
وشارك من الجانب العربى كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ود.محمود أبو زيد رئيس المجلس العربى للمياه، بالإضافة إلى العديد من الوكالات المعنية بالاستثمار والتجارة والصناعة والسفراء العرب فى طوكيو.
ومن الجانب اليابانى شارك وزراء التجارة والخارجية والعديد من الاتحادات مثل اتحاد الأعمال اليابانى ومركز التعاون اليابانى مع الشرق الأوسط وغيرها من الجهات المعنية، بالإضافة إلى العديد من رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين، حيث ضم الجانب العربى أكثر من 200 من رجال الأعمال.
من جانبه حرص وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانى ماسايوكى ناوشيما فى كلمته على تأكيد مفهوم الشراكة والاستفادة التى يمكن أن تتحقق لكافة الأطراف من خلال تعميق العلاقات، وهو الأمر الذى ظهر واضحا من خلال إشارته لما يمتلكه العالم العربى من فرص وما يواجهه من تحديات.
ورغم ما يتمتع به الجانب العربى من فرص استثمارية ضخمة وتزايد الاهتمام العالمى بالمنطقة العربية، كما أكد الوزير ناوشيما بالنظر لعدد سكان المنطقة البالغ 350 مليون نسمة وما تتميز به من موارد طبيعية وفيرة، إلا أن المنطقة تواجه العديد من الصعوبات، ومنها كما أشار الزيادة السكانية، ونقص الموارد المائية وتزايد الحاجة إلى الكهرباء وهى المجالات التى يمكن للجانب اليابانى أن يساعد فيها.
كما حرص الوزير اليابانى أيضا على تأكيد ما تتميز به اليابان من معرفة نابعة من تجربة النمو اليابانى، وهو الأمر الذى من شأنه أن يساعد الأعمال والاستثمارات فى العالم العربى، وإن ركز بصفة خاصة على أهمية إيجاد حوار من أجل السياسة المائية فى المنطقة، مع سعى اليابان لأن تصبح شريكا أساسيا فى مشاريع المياه فى المنطقة.
ويأتى الحرص اليابانى على إبراز تلك القضية فى ظل تزايد الحاجة لمثل هذه الأنشطة بمرور الوقت كنتيجة للتغيرات المناخية التى يشهدها العالم والزيادة السكانية، وما تؤكده العديد من التقارير الدولية عن الشح المائى القادم فى العالم العربى، والإحساس بأن اليابان تأخرت عن دخول المنافسة فى هذا المجال بما ترك الساحة للجانب الأوروبى والصينى على الرغم من التفوق اليابانى.
وبدوره حرص الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى فى زيارته لليابان خلال حفل الاستقبال الذى أقامه السفير المصرى فى طوكيو د.وليد عبد الناصر فى مقر السفارة المصرية، على تأكيد ما تمثله اليابان من عمق حضارى وعلاقات متينة مع المنطقة العربية، وضرورة الاستثمار فى تلك العلاقات من خلال تفعيل مجالات التعاون القائمة وتوسيعها إلى أفق أرحب.
وأكد السفير وليد عبد الناصر على الأثر الإيجابى للمنتدى والحضور العربى المميز للجامعة العربية على العلاقات العربية- اليابانية، مؤكدا على أهمية الدور اليابانى وتوفر المزيد من الفرص لتعميق تلك العلاقات بما تتميز به اليابان من تقدم فى العديد من المجالات الاقتصادية والتكنولوجية.
كما تم التأكيد على التداخل بين التعاون فى المجال الاقتصادى والتعاون فى القضايا العربية الأخرى، وهو الأمر الذى ظهر واضحا من تصريحات عمرو موسى، والتى أكد خلالها على ضرورة إطلاع اليابان على التطورات فى المنطقة والقضايا التى يمكن أن يكون لليابان دور فاعل فيها، ولهذا شملت زيارة الأمين العام العديد من اللقاءات والأنشطة ومنها اللقاء مع ولى العهد ورئيس الوزارء والعديد من الوزراء، إلى جانب اجتماعه مع مجلس السفراء العرب فى طوكيو.
وهو نفس الأمر الذى عبر عنه وزير الخارجية اليابانى كاتسويا أوكادا فى كلمته الافتتاحية، حينما أكد على الارتباط القوى بين السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط والتنمية الاجتماعية والاقتصادية من جانب، وعلى ارتباطها بالسلام والاستقرار العالمى من جانب آخر، مؤكدا على استعداد اليابان لاستمرار دعمها لعملية السلام ودعمها بشكل خاص للفلسطينيين.
وأكد موسى خلال أعمال المنتدى على أهمية التعاون الاقتصادى مع اليابان خاصة فى ظل التوسع التجارى الذى تزايد من 48 بليون دولار عام 2003 إلى 148 بليون دولار عام 2008. وطالب موسى بضرورة العمل على توسيع أعمال المنتدى العربى- اليابانى من الاقتصاد إلى كافة مجالات التعاون الدولى، مشيرا بوجه خاص إلى العولمة والتحديات الجديدة ومن بينها الأزمة الاقتصادية العالمية والتغير المناخى. وبهذا فإن خطاب الأمين العام ركز بدوره على التحديات العالمية وما تمثله من عوامل داعمه لضرورة تفعيل التعاون العربى اليابانى.
وتعد اليابان الشريك التجارى الثالث مع دول المنطقة بعد الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، وقد زادت قيمة الاستثمارات اليابانية من 1 بليون دولار عام 2004 إلى 3.1 بليون دولار عام 2008.
ومن خلال التصريحات اليابانية والعديد من التقارير المختلفة تسعى اليابان إلى تدشين دور أكبر لها فى المنطقة، وخاصة فى مجالات تتميز اليابان بتفوقها فيها، فى نفس الوقت الذى تزداد فيه حاجة دول المنطقة لها وخاصة المشاريع البيئية كما ترى ومشاريع المياه.
وحرصت بعض هذه التصريحات على الإشارة لتأخر اليابان فى الاهتمام بتلك القضايا بما ترك الساحة للدول الأوروبية والصين للتواجد بصورة أكبر من الوجود اليابانى، مع التأكيد على ضرورة الاهتمام باستثمار المزيد من الجهد فى العالم العربى الملىء بالفرص والتحديات.
ولا يمكن إنكار أهمية اللقاء الذى تم الاتفاق على عقده بصفة سنوية، والذى تم الإعلان عن عقد أعماله القادمة فى تونس، كنقطة بارزة فى مسار العلاقات العربية اليابانية، وهى العلاقات التى وإن اتسمت بالود بصفة عامة إلا أنها لم تصل لأقصى ما يمكن أن تصل إليه من أوجه تعاون وشراكة، والمهم أن المنتدى أبرز وجود اتفاق عربى- يابانى على أن العلاقات لم تصل إلى الممكن لها والمرجو منها بعد، وأن المزيد من الجهد مطلوب لتقوية العلاقات.
ومن شأن المنتدى بما يمثله من آلية مؤسسية للتعاون بين الطرفين توفير الفرص لتقوية العلاقات على المدى الطويل تطبيقا للشعار الذى حرص الجميع على تأكيده بصورة أو بأخرى، وهو أن التعاون لا يخدم مصالح طرف ما فقط بل يحقق مصالح للجميع.
والمنتدى الذى تم الإعلان عن تأسيسه فى يناير 2009 بالاتفاق بين الحكومة اليابانية ممثلة فى وزارة الاقتصاد والصناعة ووزارة الخارجية، وجامعة الدول العربية ممثلة للجانب العربى، وتم توقيع وثيقة تأسيسية ضمن أعمال اللقاء الأول فى طوكيو يهدف إلى زيادة التنسيق والتعاون بين الجانبين فى العديد من المجالات المتعلقة بالاستثمار والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والقوى البشرية، مع الاهتمام بشكل خاص بالتعاون الاقتصادى وتوسيع فرص الاستثمار، وهو الأمر الذى ظهر واضحا من حجم مشاركة رجال الأعمال والشركات، بالإضافة إلى توفير الفرصة خلال أيام المنتدى للحوار والاتفاق المباشر بين رجال الأعمال من الجانبين فى جلسات خصصت لهذا الهدف.
عمرو موسى مع كل من وزير الخارجية اليابانى (يسار) ووزير الاقتصاد والتجارة اليابانى (يمين) أثناء الجلسة - (رويتر)
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة