يتحدث الكثيرون عن آفات العصر وتختلف الآراء وتتباين، فهناك من يرى أن أخطر آفات العصر هى الوصولية أو الانتفاعية، بينما يرى الآخرون أن المادية المفرطة هى آفة العصر وخاصة العصر الحديث والسنوات الأخيرة بالتحديد، ولكننى وبالرغم من احترامى لجميع الآراء واعترافى بانتشار تلك الآفات إلا أننى أرى أن آفة هذا العصر هى "السلبية" أو "الاتكالية"، فالسلبية هى أعظم وأخطر وأكثر تلك الآفات انتشارا حيث أصبحت كلمة "وأنا مالى" هى السائغة والدارجة على معظم الشفاه، وأصبح لكل منا شأن يعنيه دون غيره كما أصبح ما لا يضرنى لا يهمنى بالرغم من ضرره لغيرى وربما كان غيرى هذا صديقا أو زميلا أو حتى قريب أو أحد أفراد عائلتى ولكنه فى النهاية ليس "مالى" ولا "حالى" ولا يخصنى فى شىء كما نقول بالعامية.
وهناك الكثير من الأمثله التى توضح مدى السلبية والاتكالية التى أصبحنا نتمتع بها، فأينما نذهب سنرى السلبية سواء فى الشارع أو العمل أو المنزل أو أى مكان آخر، ومثال بسيط على السلبية ما نراه يوميا من إلقاء البعض للقمامة فى الشوارع فهل حين يرى أحدنا شخصا يلقى بالقمامة فى الشارع ينهره عن ذلك أم سيقول وأنا مالى ما يرميها ما دام مش بيرميها على باب بيتى يبقى وأنا مالى إيه اللى يدخلنى؟!!! وهل حين نرى شخصا يرتشى أو شخصا يهمل فى عمله سنستنكر ما يفعل أو سنقوم بإبلاغ المسئولين عنه أم سيكون الرد يعنى أنا اللى حاصلح الكون؟!!! لا أعلم إلى متى سنظل نحيا فى سلبيتنا وسباتنا ولا نتحرك إلا إذا وقع الظلم أو الأذى فوق رؤوسنا ومن يعلم فربما وقع الظلم والإهمال وأثره بالفعل علينا ولكننا حافظنا على سلبياتنا وعدم قدرتنا على المواجهة، حيث وصل بنا الحال إلى اعتبار من يواجهه ويتحدى مثال للسخرية، وأصبح الشخص الإيجابى هو المتهور أو المندفع والمدافع عن حقه هو "محرر العبيد"، و"مصلح الكون" و"دون كيشوت"، محارب طواحين الهواء الشهير.... فعجبا لما وصلنا إليه وليرحمنا الله ولنحاول ولو للحظه أن نفكر ونسال أنفسنا إلى متى سنظل نردد كلمه "وأنا مالى"!!!.
