احتفلت المنظمة الدولية على مدار الأيام القليلة الماضية باليوم العالمى للمعاق، ذلك وسط تحذيرات عدة من سياسة التهميش لهم، وخاصة فى الدول النامية، حيث إنه وعلى الرغم من مرور ما يقرب من ربع قرن على صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/3 سنة 1982 والخاص باعتبار يوم 3/12 من كل عام يوما دوليا للمعاقين، ومناشدة (القرار رقم 47/88) للدول الأعضاء للدفع نحو إدماجهم فى المجتمع من أجل إتاحة الفرص لهم لنيل حق المساواة مع الآخرين.. إلا أن واقع الأمر مازال يشير إلى استمرارية معاناة هذه الفئة، كونها واحدة من أكبر الفئات التى تتعرض للإهمال.
وقد جاءت الإحصائيات الصادرة مؤخرا عن المنظمة حول أعداد المعاقين وأوضاعهم لتزيد من التأكيد على خطورة ما وصلت إليه الأمور ليس فقط على المستوى الدولى، بل كذلك المحلى والإقليمى، حيث قدرت المنظمة عدد المعاقين فى العالم بنحو 65 مليون معاق، وأن 20% من أكثر الناس فقرا بالعالم لديهم نوع من أنواع الإعاقة، كذا أن 90% من الأطفال المعاقين فى الدول النامية لا يذهبون إلى المدارس.
أيضا جاءت التقديرات الصادرة حول حال المعاقين فى مصر خاصة.. جاءت لتفيد أنها تعتبر واحدة من الدول التى ترتفع بها نسبة المعاقين بشكل عام، ذلك بعدما قدر إجمالى عدد المعاقين فى مصر- عام 2001حيث لا توجد حتى الآن إحصائية شاملة- بحوالى 2.3 مليون فرد.
هاتيك التقديرات جميعها وخاصة تلك المتعلقة بالوضع فى مصر هى ما تشير وبكثير وضوح إلى مدى حجم المشكلة، بل وتطرح بدورها العديد من علامات الاستفهام حول مدى فعالية المجهودات الحكومية المتواصلة إلى جانب منظمات المجتمع المدنى فى الوقوف أمام استفحالها، خاصة فيما بعد دخول اتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والبروتوكول الاختيارى الملحق بها حيز التنفيذ فى الثالث من مايو العام الماضى؟!!. والحقيقة أن واقع الأمر يشير إلى استمرارية قصور جهود الدولة وبمختلف مؤسساتها سواء الحكومية أو المدنية فى ضمان الكثير من متطلبات هذه الفئة، بل كذلك إلى افتقار المجتمع لثقافة التعامل مع المعاق وماهيته وأبسط حقوقه فى الحياة، ومن ثم ابتعادهم عن فكرتى"الدمج والتمكين" فى ظل غالبية مازالت رافضة لهم ولوجودهم إلى جوارهم، وهذا الأمر خاصة هو ما يتطلب ضرورة طرح خطة عمل قومية تستهدف الوصول إلى تحقيق العديد من الأهداف الأساسية، والتى تأتى على رأسها إيجاد إحصائية شاملة لعدد المعاقين فى مصر وأنماطهم وأنواع الإعاقة المصابين بها، كذا إعادة صياغة دستورية وقانونية لكفالة أبسط حقوقهم فى الحياة وأهمها التعليم والرعاية الصحية وضمان مستوى معيشى لائق بهم. بمعنى أدق خطة عمل يتمثل هدفها الرئيسى فى نقل تلك الفئة المهمشة من الظلمة إلى النور.. من العزلة إلى الجماعة.. من اليأس إلى الأمل.
•بكالوريوس فى العلوم السياسية