أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

طبقوا نظاما دستوريا برلمانيا أولا

السبت، 12 ديسمبر 2009 06:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعرض الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لحملة إعلامية من جانب الإعلام الحكومى خاصة الصحف القومية، على خلفية البيان الذى أصدره متضمنا شروط ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة.

ومن حق الدكتور البرادعى، كما هو من حق كل مواطن مصرى أن يتقدم للترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية طالما أن ذلك يتم فى إطار نصوص الدستور المصرى.. ومن الإنصاف أن نعترف بأن الدكتور البرادعى رجل محترم له قيمة عالمية ووطنية نفخر بها جميعا فهو حاصل على أكبر قلادة فى مصر، وعلى جائزة نوبل وكلنا نفخر به، وقد جانب التوفيق الإعلام الحكومى فى حملته المذكورة غير المبررة لبعدها عن الحياد فى التعامل الإعلامى من جهة، وعن إمعانها فى تملق السيد رئيس الجمهورية دون البحث فى عمق مشكلة تتعلق بمصلحة مصر، وتجاهلها لب موضوع يتعلق بخطورة انتقال السلطة من الرئيس مبارك إلى أى شخص مدنى فى ظل دستور مهترئ، ونظام حكم يعتمد على قدرات الرئيس الشخصية فقط دون وجود نظام مؤسسى متكامل يفصل بين السلطات ويوازن بينها بحيث تعمل السلطات الدستورية فى منظومة ديناميكية ترفع الضغط عن الرئيس وتسمح بتحديد أهداف المجتمع المصرى وتخطط بكفاءة عالية لتنفيذها والتنسيق بينها ومراقبة هذا التنفيذ وتطبيق وسائل الثواب والعقاب، وتصحيح الأخطاء والتعامل مع الأزمات والكوارث قبل وبعد وقوعها، وليس بعد وقوعها فقط، مثل باقى الشعوب فى العالم المتحضر.

إن تاريخ نظام مصر السياسى الحالى ناتج عن أزمات وسنوات حروب مرت بمصر واضطرت الشعب المصرى إلى التنازل عن حقوقه بإرادته، للسيد رئيس الجمهورية "بدءًا من الرئيس جمال عبد الناصر مرورا بالرئيس السادات وانتهاءً بالرئيس مبارك"، لإنقاذه من أزمات وهزائم وحروب وتهديدات مباشرة للأمن القومى المصري، وقد أدى هذا إلى تركيز السلطة فى يد الرئيس وتعديل دستور سنة 1923 عدة مرات فى سنة ١٩٥٤ بمعرفة السنهورى باشا وبعض معاونيه، وصدر بعد ذلك عدة دساتير بدءًا بدستور ١٩٥٦ وحتى الدستور الحالى، وكلها دساتير رئاسية تركز السلطات فى السلطة التنفيذية، لمواجهة ظروف الحرب وتحرير الأرض، وقد انتهت الآن تلك الظروف، ومن المؤكد أن أيا من تلك الدساتير إنما جاء لمواجهة تلك الظروف الطارئة باستثناء دستور ١٩٢٣ البرلمانى الذى يتمتع بشرعية شعبية، وليس لأى وثيقة دستورية أخرى شرعية شعبية خاصة بها، إلا هذا الدستور.

ومن الملاحظ أن ثورة 23 يوليو سنة 1952 قد تمسكت بدستور 1923 الذى استمد شرعيته من الدعم الشعبى، كما جاء فى بيان الثورة الأول بالإعلان عن «حركة الجيش» مشيرًا إلى ضرورة احترام دستور 1923، وهكذا بدأت «الثورة» فى ٢٣ يوليو «بوعد» باحترام دستور ١٩٢٣.

وقد كانت القيادة السياسية مركزة فى أيدى قادة وأبطال عسكريين لهم قدرات خاصة تتميز بصفات العزيمة وقوة الإرادة لتحرير الأرض ومواجهة العدو عسكرياً، وعلاج ما نشأ من مشاكل وصراعات عسكرية ودولية ومنها احتلال سيناء سنة 1967، مما استوجب فرض شعارات مثل "لا يعلو صوت فوق صوت المعركة"، باعتبار القيادة السياسية هى قيادة عسكرية بالدرجة الأولى.

فهل مصر الآن تحتاج إلى شعارات مثل شعار "لا يعلو صوت فوق صوت المعركة؟"، إن الشعب المصرى يحتاج الآن إلى شعارات مثل شعار "لا يعلو صوت فوق صوت القضاء على الفساد" و"لا يعلو صوت فوق صوت الإصلاح الاقتصادى والسياسى والثقافى والاجتماعى"، و" لا يعلو صوت فوق محاربة الفقر والجهل والمرض".

وتحقيق هذه الشعارات يحتاج إلى نظام برلمانى متوازن بالرجوع إلى دستور1923، وفاء لعهد قطعته الثورة على نفسها يوم إعلانها فى ٢٣ يوليو ١٩٥٢، على أن يعاد صياغة النصوص المرتبطة بالمواد المتعلقة بـ«الملك» واستبدالها بقواعد جديدة بدلاً منها فيما يخص انتخاب رئيس الدولة، كنقطة بداية يسهل التوافق حولها والانطلاق منها للمستقبل المشرق بإذن الله.

وبعد هذا التحول وهذه الخطوة فقط لا يهم كثيراً من يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية، بقدر وجود دستور ونظام سياسى متكامل يساعد الرئيس على التقاط الأنفاس حتى يستطيع اتخاذ القرارات المصيرية بكفاءة، "فالنظام الدستورى البرلمانى" الصحيح وفقاً لدستور نابع من إرادة الشعب سوف يعيد التوازن، بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، لصالح مصر وجميع المصريين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة