منذ زمن بعيد وأنا أحلم بأن تكون شبرا الخيمة محافظة مثلها مثل حلوان وأكتوبر وقد أثارنى قرار الرئيس مبارك الأخير بتحويل الأقصر إلى محافظة جديدة، فقلت فى نفسى ولم لا تكون شبرا الخيمة هى الأخرى محافظة جديدة؟.
شبرا الخيمة بها أكثر من مليونى نسمة على أقل تقدير (طبعا لا يوجد إحصائيات دقيقة أو غير دقيقة فى مصر بشكل عام)! شبرا الخيمة كانت إحدى قلاع صناعة النسيج فى مصر، ولا يزال بها بقايا مصانة الغزل والنسيج وتحتاج من يحييها من عدم!
شبرا الخيمة بها أكبر مصانع الزجاج والبللور (مصانع ياسين) التى أممتها ثورة يوليو وحولتها إلى شركة قطاع عام، لا أدرى ما وضعها الآن! وبها عشرات المصانع المتوسطة والصغيرة فى الزجاج والبويات. شبرا الخيمة بها أكبر شركة للمنسوجات الحريرية والصباغة والتجهيز.. وعشرات الآلاف من العمال البسطاء الذين يعملون بجد ليل نهار من أجل أن يربوا أجيالا جديدة على القيم والأخلاق..
شبرا الخيمة بها مصانع كريستال عصفور وهى مجموعة مصانع تفتخر بها مصر كلها وهى أحد أهم مراكز التوظيف الحقيقى للعمالة البسيطة والمدربة أيضا. بها أكبر نادى عمالى (نادى المؤسسة العمالية) وهو واحد من إنجازات الثورة وبجواره موقف أتوبيسات تحول مؤخرا لصالة عرض لمنتجات أحباب وأصحاب الحزب الوطنى فيما يعرف بالمعارض الموسمية، لكنه ينفع المواطنين ويجبر كسر الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة!
وبها أندية رياضية متواضعة من الممكن أن تتحول إلى أندية حقيقية مثل نادى بيجام الرياضى ونادى منطى ونادى البلاستيك العريق وبالقرب منها نادى (إسكو). شبرا الخيمة بها آلاف الأطباء والمهندسين والقضاة والمدرسين وأساتذة الجامعات والضباط ورجال الشرطة المحترمين وضباط القوات المسلحة المناضلين وألوف الحرفيين المهرة وغير المهرة.
بها أكبر مواقف الميكروباصات فى تاريخ البشرية.. ومعظم ميكروباصاتها بلا أرقام، وسائقوها بلا تراخيص وشرطة المرور فيها متسامحة معهم لأقصى حد، لكنها وللحق شرسة وقوية مع المواطنين العاديين الذى يفاجئون بمخالفات على سياراتهم المودعة بالجراجات منذ سنين!
بها أكبر مستشفى للتأمين الصحى فى شمال الدلتا (مستشفى النيل للتأمين الصحى) وقد شرفت بالعمل بها لسنوات قبل أن أستقيل، وقد أنفق الملايين من الجنيهات على تجديدها، ومع ذلك فإن غرف العمليات أغلقت بعد أشهر عدة من البناء الجديد، بسبب تسرب مياه المجارى إلى الجدران.. لكن المستشفى تخدم مئات آلاف من البشر وبها كتيبة أطباء مقاتلين فعلا يعملون ليل نهار. وبشبرا الخيمة مستشفى ناصر العام.. الله لا يبتليكم بزيارتها.. لكنها موجودة والسلام ولو أن ناصر عاد من قبره لأمر بحبس من وضع اسمه عليها.
شبرا الخيمة بلد الفنانين الصاعدين الواعدين مثل سعد الصغير وسامح حسين ومحمد لطفى (هكذا قال لى ابنى)، ولاعبو الكرة الكبار أمثال مصطفى يونس نجم مصر والأهلى السابق وعطية شحاتة (لاعب الزمالك السابق) وحمامة لاعب البلاستيك والزمالك السابق. بها شعراء وأدباء ومفكرون وأساتذة نابهون.. وكتاب صحفيون وعلماء حقيقيون... شبرا الخيمة تتميز بموقع جغرافى فهى بوابة القاهرة إلى الطريق الزراعى وهى مدخل المحافظات إلى القاهرة وبدونها لا يمكن الدخول والخروج إلا عبر الطريق الصحراوى وما أدراك ما الصحراوى!!
شبرا الخيمة بها حيان حى شرق وحى غرب، وجميع أحياؤها يرأسها لواءات سابقون ومجالسها المحلية على النمط نفسه يعنى محافظة (تحت السيطرة). شبرا الخيمة بها نواب ولها دور سياسى مشهود فى أحداث كبيرة مرت على مصر، فقد زارها عبد الناصر والسادات ومبارك (أثناء الزلزال).
الزلزال مر على أحيائها فى عام 1992 وأوقع الخسائر فى بعض مدارسها، لكنها قامت مرة أخرى وانتفضت من جديد وزارها الرئيس معزيا ومواسيا وكان لزيارته وقع الصدى. الأحزاب فيها موجودة وإن كان الإخوان هم الأقوى (لهم نائبان فى البرلمان) إلا أن التجمع له تاريخ ويكفى أن لطفى الخولى رشح نفسه للبرلمان من خلالها، والوفد له مقر على النيل (فى منطقة المظلات)، والشعب افتتح مقره ثم هجره بعض أنصاره متجهين نحو الحزب الناصرى الجديد، والسلفيون لهم مسجد وأنصار السنة لهم مساجد والجهاد كان لهم تنظيم والجماعة الإسلامية مرت من هنا.. ولم تمكث طويلا !!
وقد تسألنى عن الحزب الوطنى فأقول لك لا تزال "يافطاته" موجودة ويتم لملمتها ونشرها عند زيارة المحافظ، ولا أدرى ما العلاقة بين المحافظ والحزب! يفترض أنه يمثل الجميع.
وللحق فقد كان رئيس الوزراء السابق الدكتور فؤاد محيى الدين نائبا عنها فى يوم من الأيام، وتبعه على الخط نفسه نواب آخرون لم نكن نراهم إلا فى موسم الانتخابات. شبرا الخيمة تابعة لمحافظة القليوبية والمحافظ لا يحب شبرا الخيمة ولا يحب زيارتها ويتمنى لو أن قنبلة نووية تنزل عليها فتزيلها، لأن صداعه مستمر من (جبال الزبالة إلى البطالة إلى تجارة المخدرات) يا قلبى لا تحزن..
شبرا الخيمة تقع على النيل العظيم وبها قصر محمد على باشا الكبير (كلية الزراعة) وهو القصر الذى عقد فيه محمد كمال باشا (عضو لجنة السياسات) قرانه فيه!!! ألا تكفى هذه وحدها لتحويل شبرا الخيمة إلى محافظة! لو كنت مسئولا لأعلنت عن ميلاد محافظة جديدة يرأسها محافظ مدنى ونائبه مدنيا ويكون سكرتيرها مدنيا أيضا، لتصبح أول محافظة مدنية مائة بالمائة... ونطلق عليها تجربة (المحافظات المدنية) – شبرا الخيمة نموذجا..
آخر السطر
ما أجمل أن ترى قوافل العمال البسطاء
صباح مساء
كأسراب النمل تخطو بثقة إلى العمل
يحدوهم الأمل
قليل يرضيهم
ابتسامة رضا تكفيهم
لكن لا أحد يريد أن يحترم آدميتهم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة